أنا شاب مثالى فى نظر من حولي, وأعمل فى وظيفة مرموقة, ومن عائلة عريقة ومحترمة وملتزمة, وأحوالى المادية مستقرة, ولى علاقات واسعة مع الكثيرين, وبرغم أننى لم أبلغ سن الثلاثين بعد، أصبحت عضوا فعالا فى المجتمع, وشابا مرغوبا من أسر كثيرة إذا سعيت للزواج من إحدى بناتها, لكنى كنت أبحث عن الحب, وعن فتاة بمواصفات خاصة, أقصد أن تكون لها شخصيتها المستقلة, وحضورها الدائم, ونشاطها الملحوظ, ولما لم أجد وقتها من تتمتع بهذه الصفات، فإننى استجبت لضغوط أهلى وأقاربى وتزوجت من إحدى بنات أسرة معروفة, وأقمنا حفل زفاف كبيرا, وعشنا فى شقة فخمة حياة هادئة ومستقرة, وإن لم تكن سعيدة، فهناك شيء مفقود دائما فى علاقتنا معا, وكثيرا ما تمنيت لو أنها تكون هى الفتاة التى رسمتها فى خيالي.
ومرت أشهر وإذا بى أفاجأ بأننى أمام فتاة الأحلام التى تمنيتها واقعا ملموسا وجها لوجه, فاقتربت منها, وتعرفت عليها, ووجدتنى أبوح لها بكل شيء ولمست منها تجاوبا معي, وبأنها تشاركنى الشعور والاهتمام نفسه, وهنا فكرت فى الزواج منها, لكن وجدتنى أتوقف وأسأل نفسى: وما ذنب من ارتبطت بها والتى لم أجد منها ما يغضبنى أو يعيبها, وبعد قليل أشعر بغليان داخلى وأقول لنفسي: لقد وجدت فتاة الأحلام بصعوبة, وإذا ضاعت منك فقد تندم بقية العمر، ولا أعلم هل أنا على صواب أم أننى سأكون سببا فى خراب بيتي, وتشريد أسرتي؟.
< ولكاتب هذه الرسالة أقول:
لا يدرك المرء دائما قيمة ما بين يديه إلا عندما يفقده، وهكذا الزوجان لا يدركان قيمة شريك الحياة إلا عندما ينفصلان, ويرتبط كل منهما بشريك آخر، وحتى الكثير من الزيجات التى قامت على الحب، فشلت بعد فترة طالت أو قصرت.. والسؤال: هل هذا ناتج عن تركيبة الإنسان نفسه رجل أو امرأة, أم أنه مرتبط بالظروف الحياتية الجديدة التى يفاجأ بها المرء بعد الزواج؟!
إننى أتعجب لانصراف بعض الأزواج عن زوجاتهم بعد شهور أو سنوات قليلة من الارتباط للبحث عن حب جديد، أو زوجة أخرى, حتى إذا وقع الانفصال مع الزوجة الأولى، ثم الارتباط بالزوجة الثانية يدرك هؤلاء أنهم وقعوا فى الفخ, ويصبح الزواج والطلاق بالنسبة لهم سهلا, والنتيجة هى تشرد الأولاد, وتفكك الأسرة، فحاول إصلاح ما تراه نقصا فى زوجتك, فهى الأبقى لك.. أما الانسياق وراء ما تسميه فتاة أحلامك فسوف يقودك إلى نهاية مؤلمة سوف تندم بعدها أشد الندم، وسيصبح حينئذ رأب الصدع الذى أصاب حياتك مستحيلا، وعليك أن تكون حكيما وأن تعرف قيمة زوجتك, ويكفيها أنها تعاملك بحب واحترام، وأنت لا تنكر عليها ذلك، وبمرور الأيام سوف تتأكد أنك كنت واهما حين فكرت فى الانفصال عنها.. وفقك الله وهو وحده المستعان.
رابط دائم: