رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بعد مرور 25 عاما على الكارثة..
دراما غرق "حمادة" وتحولها إلى مزار سياحى عالمي

خالد مبارك

وقفت على المكان نفسه منذ خمسة وعشرين عاماً على ساحل منطقة أبو غصون جنوب البحر الأحمر وتحديداً على مسافة ثمانين كيلو متراً جنوب مرسى علم،شاهداً على غرق «حمادة « واستقراره فى الأعماق السحيقة فى ذات هذا الشهر يوليو ولكن عام 1993، واليوم بعد 25 سنة أقف فى نفس المكان فى صحبة خبير تصوير الأعماق الدكتور أحمد شوقى، ليخرج لنا بالصور ماذا جرى لـ حمادة وكيف تدخلت الطبيعة لتصنع منه مقصدا سياحيا نادرا بعد أن أحاطت الشعاب المرجانية بهيكل المركب وحولته إلى مزار سياحيا يقصده هواة الغوص وعشاق عالم البخار والبحر الأحمر على وجه الخصوص.. وإليكم تفاصيل قصة غرق حمادة التى لا يعرفها أحد ولم تنشر من قبل.

وهل غرق بفعل فاعل أم أنه القضاء والقدر،ولماذا أكد الخبراء يومها أن استخراج «حمادة «مستحيل والأفضل تركه ليرقد فى الأعماق بسلام،.

...........................

وعودتى اليوم بعد ربع قرن البحر هو البحر، نعم تغيرت معالم المنطقة، مدرسة أبو غصون كما هى،مقر شركة النصر للفوسفات كما هو، زيادة كبيرة فى المساكن التى يقطنها أهالى المنطقة والوافدون إليها، لم تعد ذات المساكن تخلت عن هويتها البدوية ولبست زى الحضر، ولكن الأصالة مازالت تميز مساكن أهل الصحراء جلست على صخرة وأنا أنظر إلى الموقع الذى غرق فيه حمادة وكأننى أحتفل باليوبيل الفضى لغرقه، قلبت فى الرمال تحت قدمى وجدت ذات الحبات البيضاء البلورية التى لفظها حماده عند غرقه، كنت أظنها حبات السكر واكتشفت أنها بلورات بلاستيكية، من أسأل عن حمادة؟ الإجابة من صديقى الدكتور أحمد شوقى الذى يزوره فى الأعماق بين الحين والحين، وكأنه يبث لى البشرى لقد دبت الروح فى حمادة فى الأعماق ويستقبل كل أصدقائه وأنا أزوره كثيراً، وصار له العشرات بل المئات من الأصدقاء من جميع أنحاء العالم، بل هناك أصدقاء يأتون خصيصاً لزيارته من أوروبا وأمريكا وآسيا وهو يستقبلهم وهو فى ثوب جميل مزركش يجمع أروع الأشكال والألوان، يغوصون له فى الأعماق يلتقطون معه الصور السيلفى والصور الجماعية ويصورون له الأفلام التسجيلية، اطمئن صديقى حمادة بخير وفى صورة رائعة وكل عام تزداد صورته بهاء، وكلما مر الوقت يزداد حيوية وروعة وتزداد شهرته ويزداد الوافدون لزيارته، وربما بعد عقدين أو ثلاثة يصبح «حمادة» أشهر من يسكن الأعماق، استعد وهبط صديقى شوقى للأعماق فى ضيافة صديقه المحبوب.

نعم كانت آنذاك مغامرة غاية فى الإثارة التقطت طرف خيطها من مجموعة من الشباب فى القطار دار بينهم حوار عرفت منه أنهم يعملون فى منطقة تسمى أبو غصون تقع على مسافة ثمانين كيلو متراً جنوب مرسى علم وأنهم قبل مغادرتهم فى إجازة لمدينتهم « أبو تشت» بقنا شاهدوا واقعة جنوح واصطدام مركب شحن بالشعاب المرجانية وإشرافها على الغرق بعد أن فقد طاقمها السيطرة عليها واستغاثتهم التى لاقت استجابة بوصول لنشات بحرية أقلتهم بنجاح تاركينها لمصيرها المحتوم وهو الغرق البطىء والاستقرار فى الأعماق، دون أن يعرف أحد منهم هويتى، جاذبتهم الحديث وصولاً لتفاصيل أكثر، أخبرونى بالموقع بدقة وكيفية الوصول إليه وعلمت منهم أن ذلك لن يكون بسهولة ولكن فى غاية الصعوبة لانعدام المواصلات العادية واقتصارها على سيارات النقل والنصف والربع نقل المخصصة لنقل الجمال والخضار والفاكهة وخزانات المياه، حصلت على معلومات لابأس بها منهم عن تلك المركب، وعقدت العزم على الذهاب لمعرفة الحقيقة

ولم أجد سوى سيارة لنقل الخضار متجهة من القصير إلى مرسى علم،وتركنى سائقها على الطريق وحيداً فى تلك الصحراء المترامية الأطراف، وصلت الموقع قبل المغرب بحوالى الساعة وجلست على «مقهى العم برجى» وأمامه مقر شركة النصر للفوسفات، كنت أرتدى جلباباً بلدياً، واصطحبنى واحد أذكر اسمه عبد الله إلى موقع المركب بعد أن أعطيته 10 جنيهات فرح بها كثيراً، كان آخر جزء من المركب على وشك الاختفاء تحت سطح الماء،وبعد أن ودعنى عبد الله دخلت لاستراحة الشركة، رحبوا بى ودعونى لتناول العشاء معهم، وشرب القهوة ولعب الطاولة، ودار حوار السهرة بالكامل حول غرق مركب الشحن وهاجس بداخلى يؤكد لى أننى «مُرزق»، عرفت أن المركب كانت تحمل إسم «حمادة» وأنها تحمل مواد أولية لتصنيع البلاستيك، طرحوا فى حواراتهم عدة سيناريوهات للغرق منها سوء حالة البحر أو تعطل المحركين أو اصطدامها بشعاب مرجانية قبل الوصول للموقع وهكذا.

وكانت محصلة جيدة من المعلومات لأن هؤلاء هم من شاهدوا الوقائع كاملة فاكتملت الصورة أمامى، كل ذلك ولم أترك فرصة لأحد فى أن يشك فى هويتى ولا فيما جئت من أجله.

ورداً على رغبتى فى الالتحاق بالعمل بالشركة أجابونى أن التقديم يتم بمقر الشركة الرئيسى وطمأنونى أنهم سيقومون بالتوصية على شغل وظيفة معهم وبالفعل أعطيتهم بياناتى،وبعد انتهاء السهرة طلبوا من عامل الاستراحة تجهيز غرفة لى للنوم وبالفعل نمت ليلتى، وفى الصباح كانت رحلة عودتى فى مرحلة واحدة من أبو غصون إلى الغردقة مباشرة، ثم كتبت الموضوع قبل أن أذهب إلى البيت انتظرت حضور الأستاذ وجدى رياض، الذى قرأ الموضوع وآثر أن يكون موضوعاً رئيسياً للصفحة وأن يكون بتوقيع «راصد « وانفرد الأهرام بنشر الخبر خرج تحت عنوان « حمادة يدمر شعاب أبو غصون المرجانية بلا عقاب»، ولقى إشادة من الأستاذ إبراهيم نافع رئيس التحرير... استرجعت كل هذا الشريط وأنا أنتظر خروج صديقى الدكتور أحمد شوقى أهم باحثى الأعماق فى البحر الأحمر، وكانت بشرى شوقى لى مبهجة فالمركب حمادة أصبحت الآن مزاراً سياحياً فى الأعماق، وبدأت الشعاب المرجانية الرائعة الألوان والأشكال تكسوها بل تزداد كسوتها عاماً بعد عام، وباتت من أهم المزارات المتميزة لهواة الغوص من جميع أنحاء العالم بل المقصد المميز لهم، وتميز حمادة متفرد فالعادة أن تقوم الدول بإغراق بعض القطع البحرية الصغيرة التى تخرج من الخدمة لتصبح مزاراً لهؤلاء الهواة، أما حمادة فقد صار مزارا سياحيا رغم أنف السياحة المصرية، والمستقبل مبشر فزيادة تكون الشعاب المرجانية التى تتكون عليه ولم تترك حتى الصارى والحبال ستجعل منه خلال العقود القادمة أفضل مزار سياحى لهواة الغوص فى العالم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق