-
شارع الثقافة والوحدة الوطنية يبحث عن هويته وسط الكتب والفوضى والباعة الجائلين
شارع النبى دانيال أحد أهم شوارع المدينة وأقدمها يعود الى عهد الإسكندر الذى أراد أن تصبح مدينته على طراز المدن اليونانية التى تشبه رقعة الشطرنج .
ويذكر دكتور عزت قادوس أستاذ الآثار اليونانية والرومانية بجامعة الإسكندرية أن الاسكندر خطط شارعين أساسيين هما شارع النبى دانيال وشارع فؤاد ليشكلا العمود الفقرى للمدينة وكانت بداية شارع النبى دانيال عند بحيرة مريوط ويستمر حتى طريق الكورنيش.
ويلفت قادوس إلى أن الشارع كان يمتلئ من أسفله بالسراديب ويرجع السبب فى وجودها إلى رغبة الحكام البطالمة والرومان فى وجود خنادق تمكنهم من الخروج الآمن من المدينة وقت إندلاع الثورات .
ويكتسب الشارع قيمته التراثية من المعالم التى يضمها بين جنباته فيضم ثلاثة صروح لمبان تعبر عن الديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والاسلامية. ففى بداية الشارع يوجد معبد «الياهو حنابى»اليهودى الذى تم بناؤه سنة ١٣٥٤ ولكنه تعرض للقصف أثناء الحملة الفرنسية على مصروأعيد بناؤه مرة تانيه سنة ١٨٥٠ بتوجيه من اسرة محمد على ويضم أقدم مجموعة من كتب التوراة بالشرق الأوسط.
وعلى اليمين بالجهة المقابلة تقع إحدى بوابات الكنيسة المرقسية أقدم كنيسة فى مصر وإفريقيا والتى بناها القديس مرقص فى القرن الأول الميلادى وتوجد بها رأسه وجزء من أحد أصابعه وهى واحدة من بين خمسة كنائس رسولية على مستوى العالم المسيحى كله والتى يحضر إليها البابا لإلقاء العظة الإسبوعية ..والكنيسة مبنية على طراز فن العصور الوسطى ولذلك فهى على قائمة المبانى التراثية بالمدينة وتضم العديد من القطع الأثرية الأمر الذى يستلزم جعلها مزارا أثريا . ويضم الشارع أيضا فى بدايته مسجدا يحمل اسم النبى دانيال ويقال أن إسم المسجد يرجع الى صاحب الضريح الموجود به وهو عالم عراقى قدم من الموصل فى القرن الثامن الهجرى اسمه محمد بن دانيال الموصلى وهو أحد شيوخ المذهب الشافعي. وللأسف يعانى الشارع من الإهمال ومحاولات مستمرة لمحو هويته حيث يقع بالشارع أيضا عقار مدرج بقائمة المبانى التراثية يمثل عمارة جميلة الطراز بدلا من خضوعها لعمليات ترميم تُركت لتسقط واجهاتها بالتدريج وهناك محاولات لإخراجها من مجلد التراث، وقد تم تشكيل لجنة من الحى للحصول على ترخيص بالهدم وبالفعل صدر القرار فى ٢٠١٧ ولكنه لم يُنفذ بسبب أن أصحاب المحلات بالدور الأرضى تقدموا بتظلم لدى الحى ولايزال النزاع مستمر بين معاول الهدم لتحقيق أكبر استفادة ممكنة. معاناة أخرى يعلمها أهل الإسكندرية جيدا وهى إحتلال الباعة الجائلون للشارع نظراً لحيويته ومرور آلاف المواطنين به ذهاباً وإياباً . وكانت الدولة منذ عشر سنوات قد سعت لتقنين وضع باعة الكتب القديمة به فقامت بمنحهم باكيات خشبية منظمة ولكن ما هى إلا سنوات حتى زحف الباعة الجائلون بمختلف أنواع السلع الاستهلاكية دون تدخل من المجتمع المدنى أو المحلى لوضع حل لتلك المشكلة.
ويقول مهندس أحمد حسن عضو مبادرة انقذوا الإسكندرية أن هناك ما يسمى بالتقسيم الثقافى أو الحضارى للمدن بحيث تستفيد كل مدينة من مبانيها التراثية خلال حقب زمنية مختلفة بإنشاء نشاطات تخدم تلك الثقافة وبالتالى تتحول إلى منطقة جذب سياحى مثل مدينة سيينا الإيطالية التى تمتلئ بالعمارة التى تعود الى العصور الوسطى فأنشأت الدولة مهرجانا سنويا لسباق الخيول يشبه العصورالوسطى وأصبحت المدينة الصغيرة الفقيرة جدا تنافس أعتى المدن السياحية فى العالم وأصبحت أهم مدينة بايطاليا والأحب للإيطاليين أنفسهم. ويتمنى حسن هو ومجموعة من المهندسين المعماريين المحبين للتراث تبنى هذا النوع من المبادرات وإحياء كل ما أماته الإهمال وإنقاذ الشارع من الإهمال الذى يتعرض له على الرغم من الإعلان عن مشروعات إحيائه ووضعه على الخريطة السياحية للمدينة التى يتم الإعلان عنها بين الوقت والأخر
رابط دائم: