وعد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خلال حملة انتخابه ومنذ توليه السلطة فى يناير من العام الماضى 2017 بإطلاق عملية السلام المتوقفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ 2014.
وتأكيدا على نيته، وقبل أقل من شهر على تنصيبه، قال ترامب خلال مؤتمر صحفى مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو فبراير العام الماضي، إن: «الولايات المتحدة ستشجع التوصل لاتفاق سلام.. اتفاق سلام عظيم بشكل حقيقي».
وفى ظل حالة الترقب لخطة حل القضية، بدأت وسائل الإعلام العالمية فى الحديث عما وصف بـ”الصفقة الكبري” أو”صفقة القرن”، التى أعدها الرئيس الأمريكى وصهره جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات مبعوث البيت الأبيض الخاص إلى الشرق الأوسط، وديفيد فريدمان سفير واشنطن فى تل أبيب.
وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مطلع ديسمبر 2017 عن ملامح تلك الخطة، والتى ذكرت أنها سوف تشمل حصول الفلسطينيين على دولة غير متواصلة فى الضفة الغربية وقطاع غزة من دون أن تكون لديهم السيادة الكاملة على الأراضى الواقعة تحت سيطرتهم. كما أشارت الصحيفة إلى أنه سيتم الابقاء على معظم المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، إلى جانب عدم حصول الفلسطينيين على القدس الشرقية كعاصمة لدولتهم، وبدلا من ذلك فإنهم سيقيمون عاصمتهم فى بلدة أبوديس شرق القدس، كما لن يسمح للاجئين الفلسطينيين العودة بأى شكل من الأشكال.
وفى نسخة أخرى مسربة للخطة، أكد موقع “ميدل إيست آي” البريطانى أن ما وصفه بـ”خطة ترامب التى لا خطة بعدها” نقلا عن مسئول غربى رفض الكشف عن اسمه، سيترك وضع القدس ومسألة عودة اللاجئين إلى مفاوضات لاحقة، فى الوقت الذى ستشمل فيه المفاوضات النهائية محادثات سلام إسرائيل ودول عربية.
ورغم نفى البيت الأبيض أن تكون هناك خطة مكتملة، أعلن ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها فى 6 ديسمبر 2017، فيما جاء بمثابة الإعلان الرسمى عن بدء تنفيذ بنود الصفقة، مما أثار حملة رفض عربية واسعة.
ورغم أن مصطلح “صفقة القرن” يبدو جديدا، فإن مضمون ما كشف عنه من خطة ترامب ليس بالجديد كليا، حيث جرى الحديث عن جزء منه عام 2008 ضمن ما عرف بتفاهمات “أولمرت - عباس”، فى إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى وقتها إيهود أولمرت والرئيس الفلسطينى محمود عباس.
وفى عام 2014، أعاد جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى فى إدارة الرئيس السابق باراك أوباما طرح التفاهمات مرة أخرى، ذلك تحت مسمى “خريطة الطريق” ذات البنود الـ9، مع اعتماد كيرى لبعض التعديلات.
ومع تأجيل الرفض العربى للإعلان الرسمى حتى الآن عن صفقة ترامب وبنودها، فإن ما تم الكشف عنه منها هو ما يؤكد مجددا على كونها لا تختلف كثيرا فى مضمونها عن رؤية سابقيه، خاصة وأن التفاصيل التى تم تسريبها امتدت لتشمل، وفقا لما ذكرته مصادر صحفية أمريكية وبريطانية وإسرائيلية، ما يمكن وصفه بتفاهمات “خيالية” تشمل تنازل دول عربية عن أراض، وإدماج أراض فى أراض، مقابل مغريات ومساعدات مالية تبلغ مليارات الدولارات لا يعرف أحد من سيتحملها، من أجل إقامة مناطق تجارية مفتوحة، ونقاط حدودية مشتركة، وغير ذلك من هذا الكلام، الذى لا يبدو مقنعا، ولا يمكن فرضه على أرض الواقع.
ولكن المشكلة أنه بعد هذا الرفض، بدأ الحديث يدور عن احتمال سعى الجانب الأمريكى لفرض بعض بنود هذه الصفقة كأمر واقع .
رابط دائم: