خرج فريقنا القومى من بطولة كأس العالم دون أى انتصارات فى الوقت الذى كانت جماهير كرة القدم فيه تمنى نفسها بانتصارات لفريقها، وتحلم بخطوة أبعد من الدور التمهيدى، وكالعادة نفتقد الواقعية فتتحول أحلامنا إلى كوابيس، وهناك العديد من الدروس التى يمكن استخلاصها من هذه التجربة، ومن الممكن أن تتحول مشاعر الحزن والإحباط التى عاشها الجمهور المصرى إلى مشاعل نور وخريطة طريق إذا درسناها وتعلمنا منها ما يلى:
{ إن العالم يفسح الطريق لمن يعرف أين هو ذاهب، إنه التخطيط ذلك المفقود، وربما المنبوذ فى أنشطتنا الرياضية، وغير الرياضية، فلقد ثبت لنا أن الأفعال المتسرعة والأفكار المشتتة لاتجنى غير الحسرات، وعلينا أن نراجع بعض التصورات التى تم تفعيلها قبل كأس العالم لنكتشف أنها قامت على اجتهادات شخصية بحتة ولم تستند إلى رؤية موضوعية وعلينا أن نعى التخطيط الشامل والرؤية المتعددة غير الأحادية هما طوقا النجاة إذا كنا نريد مستقبلا واعدا لكرة القدم لدينا والتى يبدو أن الفردية تقتلها خارج الملعب وداخله.
{ لاترفع التوقعات وكن موضوعيا فى وزن قدرات فريقك، وهذا لايتنافى مع الطموح بمعنى أن تشعل الطموح فى قلوب اللاعبين، ولكنه مع الحذر من أن ترفع توقعات الجمهور، فليس من المناسب أن تقول على الملأ إن فريقك سيكون حديث العالم، وأنت تدرك الحدود العادية لإمكاناته وخبراته، فيصبح فريقك حديث العالم بالفعل، لكن حديث الساخرين المتهكمين، دع الملعب يتحدث والمفاجأة ستحدث عندما يقدم فريقك ما يفوق توقعات جمهورك.
{ الكرة لاتعرف الاسماء ولاتعترف بها فهناك نجوم كبار لم يحققوا لفرقهم حتى الآن ما يتناسب مع قدراتهم وطموحات مشجعيهم ومعجبيهم، لأن كرة القدم ليست لعبة تنس أرضى أو تنس طاولة، وإنما هى لعبة جماعية والفرق التى تلعب بالمنهج الجماعى تكون قادرة على قهر فريق النجم الواحد مهما تكن قدراته، فترس الموهبة وحده لايقود الماكينة، ولكن التروس جميعها هى التى تحركها وتشعلها انتاجا وإبداعا.
{ شرف المحاولة فى كأس العالم يعنى الهزيمة المحققة، والحلم المتواضع يستيقظ صاحبه على نتيجة متواضعة حيث خاضت فرق كثيرة مباريات وهدفها الخروج بأقل خسارة ممكنة، فخسرت خسارة فادحة، ولو امتلكت طموح الكبار، ولو وثق لاعبوها بقدراتهم واقتنعوا بأن ملعب الكرة لايعرف الكبار، وإنما يقدر «المحاربين» لحققوا نتائج مذهلة وللأسف لم تكن الثقة بالنفس بقدر الحدث، فجاءت النتائج محبطة.
{ الصمود حتى النهاية والعبرة بالخواتيم، التركيز مهارة، والقدرة على الاستمرارية هى التى تفصل بين النجاح والفشل، وقدرة المدربين على إدارة اللحظات الاخيرة هى التى تحدد النهايات، وكانت نهاية فريقنا القومى فى كثير من الأحيان مختلفة عن بداياته.
{ الانضباط خارج الملعب وداخله إذ إن فرقا كثيرة دفعت الثمن غاليا بسبب تعامل «هش ومتخاذل» مع لاعب حضرت مواهبه وغاب انضباطه، فلاعب الكرة يشبه الجندى فى الميدان، والانضباط هو أهم مكون فى أدائه.
{ الاعتراف بالخطأ فضيلة، وتفادى الوقوع فيه مرة أخرى يعتبر تصرفا ذكيا، ومن الممكن أن نتعلم من أخطاء الآخرين أيضا وهى كثيرة بحيث تعطينا دروسا رائعة فى التكاتف والتلاحم وتحقيق النصر تلو الآخر
{ ان المدرب الاجنبى ليس أفضل من المدرب الوطنى ولا هو أقدر على فهم احتياجات اللاعبين منه، وقد جلب الإهمال المتعمد للمدربين الوطنيين وعدم الثقة نتائج أقل مايمكن أن توصف به انها مخجلة جدا.
{ إن الصرف بالملايين على اللاعبين لن يحول اللاعب المتواضع وضعيف الامكانات إلى لاعب خارق، ومتعدد المواهب، وعوضا عن صرف تلك الملايين كان الأوجب اختيار اللاعبين بناء على مهارتهم وكفاءتهم وليس بسبب قربهم من صانع القرار وكفانا ما حصل لنتعظ منه ونعتبر.
{ لنبدأ من الآن الاستعداد لكأس العالم 2022 ويكون هدفنا هو المنافسة الجادة فى البطولة، أى مسئول فى فريقنا القومى يرى أن أربع سنوات غير كافية لتحقيق الهدف، يجب أن يترك مكانه لآخر ويفكر ويعمل بطريقة أفضل ولتكن بطولة كأس العالم 2018 بمثابة درس لنا.
د. أحمد عبدالتواب شرف الدين
قسم اللغة الإنجليزية ـ آداب المنوفية
رابط دائم: