-
الإمام الأكبر له كل تقدير ونأمل صدور القانون بالصيغة التى أقرتها اللجنة الدينية
-
دورات تدريبية مكثفة للأمة ولجان جديدة للإفتاء بالمساجد الكبرى فى المحافظات
لا حديث يعلو على صوت الخلاف الدائر بين المشايخ حول مشروع قانون «تنظيم الفتوي» المنتظر صدوره عن مجلس النواب. كان هذا هو حال الكثير من الفضائيات ووسائل الإعلام التى جعلت من هذا الخلاف مادة سائغة شغلت الرأى العام خلال الأسبوعين الماضيين التى وصلت فى بعض الأحيان إلى حد المشاحنات والخلافات بين المشايخ تحت قبة مجلس النواب تارة وعلى شاشات الفضائيات تارة أخري. ففى الوقت الذى تمسكت فيه هيئة كبار علماء الأزهر بعدم أحقية أئمة الأوقاف فى الإفتاء فى أمور الدين، تمسكت فى المقابل وزارة الأوقاف بما ترى أنه حق أصيل وثابت تاريخيا للوزارة وأن بها إدارة للفتوى تعمل منذ عام 1988، وأرسلت هيئة كبار العلماء تعديلات على مشروع القانون وطلبت حذف عبارة »الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف« التى وردت بنص مشروع القانون، معتبرة أنها جهة تنفيذية وغير علمية، فردت وزارة الأوقاف على ذلك بأن قدمت خطابا مكتوبا للجنة الشئون الدينية بالبرلمان، يثبت بشكل رسمى وجود الإدارة العامة للفتوى فى الوزارة، وبعد جدل وأخذ ورد أقرت اللجنة الدينية بأحقية الأوقاف فى الإفتاء، وتقدمت بمقترح نهائى بذلك لعرضه على الجلسة العامة لمجلس النواب لإقرار القانون.
ولكن للحقيقة وجوها أخري، فالشيخ جابر طايع رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، الذى مثل الوزارة فى اجتماعات اللجنة الدينية وتمسك بحق الأئمة فى المشاركة فى الفتوي، نفى حقيقة وجود صراعات مؤكدا أنها خلافات فى الرأي.
وقال فى حوار مع «الأهرام» إن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عالم جليل نكن له كل التقدير والاحترام، موضحا أنه كان يتمنى أن تطلب هيئة كبار العلماء من الأوقاف ما يثبت وجود إدارة فتوى بالوزارة، قبل أن تتخذ الهيئة موقفها، كما أوضح أن موقف الوزارة فى الحفاظ على مكتسبات أئمتها وحقوقهم لا يعد انتقاصا أو قدحا أو افتئاتا على حق أحد. وأعرب الشيخ طايع عن أمل الوزارة فى أن يصدر قانون الفتوى بالصيغة النهائية التى تم التصويت عليها فى لجنتى الشئون الدينية والتشريعية بمجلس النواب، موضحا أن تلك الصيغة النهائية التى اعتمدت أقرت بحق أئمة الأوقاف فى الفتوي.
وأشار إلى أن الوزارة استعدت بشكل جيد لصدور قانون الفتوي، من خلال عقد دورات تدريبية مكثفة للأئمة فى المواريث وفقه المقاصد، وسوف تعقد الأوقاف العديد من الدورات المتخصصة التى يحاضر فيها نخبة من العلماء .. وإلى نص الحوار:
اللجنة الدينية حسمت الخلاف وأقرت بحق أئمة الأوقاف فى الفتوي، فهل تعتقد أن القانون سوف يرى النور بصورته النهائية التى أقرتها اللجنة ؟
وزارة الأوقاف قدمت مستندات للجنة الدينية بمجلس النواب تثبت أن لديها إدارة للفتوي، واجتمعت اللجنة على مدى تسعة أشهر تناقش مشروع القانون، وأقرت فى النهاية بالتنسيق مع اللجنة التشريعية، وكان الرأى النهائى فى مصلحة وزارة الأوقاف، وهذا يمثل مكسبا حقيقيا للأوقاف، وثقة فى الأئمة والدعاة، والرأى الأخير سيكون فى الجلسة العامة بمجلس النواب، ولا نستبق الأحداث، ونؤمل أن تتوافق وتتطابق رؤية الجلسة العامة مع رؤية لجنتى الشئون الدينية والتشريعية .
وكيف ترى موقف هيئة كبار العلماء والاعتراض على منح أئمة الأوقاف الحق فى الإفتاء؟
هيئة كبار العلماء لها كل الاحترام والتقدير، وهى تضم نخبة من كبار الأساتذة والعلماء الكبار، لكن كنت أتمنى أن تطلب هيئة كبار العلماء من الأوقاف المستندات التى تدل على وجود إدارة للفتوى بالوزارة قبل أن تأخذ هذا الموقف.
البعض حاول أن يشعل خلافا بين الأزهر والأوقاف، بعد موقف هيئة كبار العلماء؟
لا خلاف بين الأزهر والأوقاف، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إمام المسلمين ونكن له كل الاحترام والتقدير، وفضيلته عالم زاهد ورع وله مكانة كبيرة فى قلوبنا جميعا، ولكن كون وزارة الأوقاف تحافظ على حقها ومكتسبات أئمتها، فهذا لا يقدح فى هيئة كبار العلماء ولا المشيخة، والأمر متروك للجلسة العامة بالبرلمان عند مناقشة مشروع القانون الذى انتهت إليه لجنة الشئون الدينية .
ولماذا يعتقد البعض أن أئمة الأوقاف غير مؤهلين للفتوي؟
أقول لهؤلاء أين هى الفتاوى التى صدرت عن أئمة الأوقاف وأحدثت جدلا فى المجتمع؟ وهنا أؤكد أنه لم تصدر فتوى واحدة من أئمة الأوقاف تثير جدلا أو تضر بالمجتمع أو تشق النسيج الوطني، لأن الأئمة والدعاة يدركون فقه الواقع، ويعرفون مشكلات الناس ويوجدون بينهم، فالإمام مدرك لطبيعة المجتمع الذى يعيش فيه، من خلال التعامل مع المشكلات التى يعرضها رواد المساجد، ومن خلال احتكاك الأئمة بالجماهير من واقع وجودهم بين الناس، والوزارة لديها القدرة على محاسبة من يتجاوز، لكننا فى الواقع نؤكد أن هناك التزاما تاما بفقه الواقع فى مسألة التصدى للفتوي، ولن يكون هناك أى تجاوز من الأئمة، لأنهم أكثر الناس حرصا على مصلحة الوطن، وأئمة الأوقاف درسوا العلوم الشرعية فى الأزهر، ومارسوا الدعوة والخطابة، ويدركون الواقع جيدا.
وكيف استعدت الوزارة لصدور القانون وهل هناك دورات لتأهيل الأئمة على الفتوي؟
لدينا 27مقرا للفتوى فى المديريات الإقليمية على مستوى الجمهورية، والوزارة تبذل جهدا كبيرا فى مجال التدريب والتأهيل، وهناك توجيهات من الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بتكثيف الدورات التدريبية المتخصصة للأئمة، وأكرر للمرة الثانية أن هناك العديد من الدورات التى تمت خلال الفترة الماضية بهدف رفع مستوى الدعاة، فقد عقدت الوزارة دورات فى المواريث، وفقه المقاصد، وغيرها من القضايا، وقد شارك فى هذه الدورات نخبة من كبار العلماء، وهذه الدورات تعقد فى مسجد النور بالعباسية ويحضرها الأئمة والدعاة من مختلف المحافظات، والفترة المقبلة سوف تشهد مزيدا من الدورات التدريبية للأئمة والدعاة، فى إطار استعداد الوزارة لصدور القانون، وبهدف رفع مستوى الأئمة. وبجانب الدورات التدريبية هناك تشجيع للأئمة والدعاة على الدراسة والاجتهاد، فقد أعطت الوزارة نحو 100 منحة دراسية للأئمة فى الدراسات العليا بأحد المعاهد الإسلامية، والدراسة تتم على يد علماء أزهريين متخصصين، وقد أعلنت الوزارة أن الفترة المقبلة سوف تشهد أعلى معدلات التدريب فى تاريخها، لأننا نسعى بالفعل لتأهيل جميع الأئمة والدعاة الذين يبلغ عددهم أكثر من50 ألف إمام وخطيب، بهدف أن يؤدى هؤلاء الدعاة دورهم فى خدمة الدين والوطن، ومواجهة التشدد والتطرف.
وهل يمكن أن نرى تعاونا بين الأوقاف والإفتاء فى تنظيم مجالس الفتوى فى المساجد الكبرى بالمحافظات، حتى لا يتكبد المواطن عناء السفر من قرية فى إحدى المحافظات النائية للقاهرة لأخذ الرأى من لجان الفتوى بالقاهرة؟
نعم بالفعل يوجد تعاون بين الأوقاف والإفتاء فى هذا المجال، وهناك لجان فتوى فى المساجد الكبرى فى المدن والمحافظات، وسوف نتوسع فى لجان الفتوى فى كل محافظة، وسيتم اختيار الأئمة المتميزين للعمل فى هذه اللجان، والإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف سوف تتواصل مع اللجان الفرعية فى المحافظات والمساجد الكبري.
وما الرسالة التى توجهها للأئمة والدعاة؟
أئمة الأوقاف هم رصيد للأزهر وظهير قوي، وفى إقصائهم فتح المجال أمام أدعياء الدين من المتطرفين، ولذلك فإن اللجنة الدينية بمجلس النواب أقرت بحقهم فى الفتوي، وهذا يعد مكسبا للدعاة، ودائما نقول للأئمة والدعاة إنهم أصحاب رسالة، وعليهم الاستفادة من الدورات التى تعقدها الوزارة، ودائما ننصحهم بالوجود بين الناس، وتصحيح المفاهيم، والتواصل مع قيادات الوزارة، والالتزام بالخطة الدعوية التى تقرها الوزارة. ومنذ أيام أصدرنا ميثاق المنبر، وأكدنا أن للمنبر رسالة عظيمة، فهو موضع هداية ووسيلة إصلاح وبناء وتعمير، ومنارة فكر واستنارة، وسبيل الوسطية والتسامح، لا يمكن ولا ينبغى أن يكون عامل هدم أو تخريب أو إفساد أو تحريض، أو أن تختطفه جماعة أو حزب، أو أن يستغله شخص لمصالحه الخاصة، أو يوظفه لخدمة جماعة أو نشر فكرها أو أهدافها، ومن يخالف ذلك يحرم نفسه من صعود المنبر، ويعرض نفسه للمساءلة القانونية أمام لجنة الانضباط والقيم، ويكون قد أخل بأهم أمانة فى ميثاق عمله.
رابط دائم: