رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المساكين.. تجسيدٌ حقيقى للظلم

صبرى الموجى

حينما مات بيتهوفن وقف تلميذه الموسيقى الخالد شوبرت فوق قبره وردّد: لقد منحتك الطبيعةُ كلَّ عبقريتها، ولم تترك لأحدٍ شيئا، إن الحياة بعدك بُكاء عليك.. ولا نجدُ أعظم من هذا القول تعبيرا عن عبقرية الكاتب الروسي الفذّ فيدور دويستويفسكى صاحب رواية المساكين والتي تُعتبر بحق أول رواية اجتماعية فى روسيا، كتبها المؤلف في فترة ربت على 9 أشهر عانى خلالها ضائقة مالية بسبب حياة البذخ وإدمان القمار.

والرواية مُستوحاة من أعمال جوجول وبوشكين وكارامازين، فضلا عن الروايات الإنجليزية والفرنسية، وهى مُهداة إلى البؤساء الذين هُضمت حقوقُهم، وداستهم الأقدام، حيث وصفهم دوستويفسكى بعمق وحرارة وإحساس، وبطل الرواية هو (ماكاراليكيفتش) وهو كاتب بائس حطمته الحياة على عتباتها، ويحقره الجميع.

والمساكين هي سلسلة رسائل بين (ماكارديفوشكين) و (دوبروسيلوفا) وهما أبناء عمومة فقراء تطورت عرى الصداقة بينها؛ لدرجة أنها أنست دوبروسيلوفا اهتمامها بالأدب، وظلت صداقتها لابن عمها شغلها الشاغل، إلى أن تقدم لها أرمل غنى يدعى السيد بيكوف، ورغم تخلى دوبرو سيلوفا - بسبب تلك الصداقة - عن الفن إلا أن ديفوشكين لم يتخل عن الأدب .

واللافت أن عدم تعليق الكاتب على تلك الرسائل قد ساعده في الكشف عن أعمق الأغوار في عقلية البطل، تلك العقلية التي تبدو تافهة أحيانا، ومُضحكة أحيانا أخرى.

وقد بلغ دوستويفسكى ذروة الأدب، ووعى منه أرقي ما وصل إليه عصره، إلا أن كيانه الروحي اهتز اهتزازا عنيفا عندما حُوكم لاتصاله بجماعة سياسية تقدمية، وحُكم عليه بالإعدام الذي خُفف إلى النفي بعدما قاسى دوستويفسكى مُعاناة الخوف والفزع من تطبيق حكم الإعدام.

ورغم عبقرية المؤلف إلا أن كتاباته لا تخلو من بعض الأفكار الرجعية خاصة عندما يعرض للمظالم الاجتماعية بعد أن فقد إيمانه بالبشر؛ مما يدفع بالرد إلى التأمل السلبي للشر وإلى الفساد الاجتماعي، ورغما عن هذا فإن ما في عمله من صدق سيعيش إلى الأبد.

وتُعتبر رواية المساكين لدوستويفسكى - والتي ترجمها سعد الغزالي بحرفية ومهارة بالغة وأخرجتها دار أقلام عربية في طبعة جديدة رائعة تصدرت غلافها صورةُ يدين بهما حافظة نقود فارغة؛ مما يشي بالفقر المدقع - لوحةً قاسية بألوانها ومُفرداتها الكاشفة، وعملا اشتراكيا كبيرا كما أكد ألكسندر هيرزن.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق