(نغز الشوك فى الكفوف أهون من نغز الجوف).. أوقع عبارة تناسب باعة التين الشوكى.. كوز العسل المغلف بالأشواك (أبو حلاوة يا تين) يحمل بين قشرته قصصا وحكايات تتشربها ثمرته مع كل طرطشة مياه من يد بائعه، نثرة مياه كل خمس دقائق يرمى معها بعضا من صبره الذى انقضى عليه عاما كاملا انتظارا لموسم التين الشوكى، ليقضى معه أربعين يوما فقط من آخر يونيو إلى أغسطس، يجر فيها أحلامه وآماله على عربة تمتلىء كفوفها بالشوك، مع خطوات مثقلة بالصبر، وتنهيدة تنقطع أوصالها مع كل قطعه سكين بحرفية لم يتعلمها يوما ولم يرثها.
إنه فقط تقبل الوضع وتحدى نفسه أنه يستطيع تحمل نغز الألم فضلا عن مرارة الحاجة، فقد قذفت له خيرات الأراضى الرملية فى البحيرة والإسماعيلية وأبو زعبل بتلك النبتة دون حاجة إلى ماء أو غذاء وكأنها عطية الله للفقراء ليتلقفها كل ذى حاجة.. شاب جامعى يبحث عن عمل فترة الصيف، وخريج ضاقت به الأرزاق وأكلت بطالة المقاهى من قوته راقات، ورجل خمسينى ينتظر موسم التين بفارغ الصبر ليكمل ثمن الثلاجة التى وعد ابنته بها قبل أن تتزوج على العيد الكبير، شباب الأرياف فى أعمار العشرين إلى الثلاثين الذين شدوا الرحال إلى المدينة ليحصدوا الأشواك بكفوفهم فلكل منهم حلم ينتظر موسم التين آملين تحقيقه.
رابط دائم: