> تلقيت تعليقات عديدة على رسالة «الجريمة النائمة»، ومنها ما يلى:
{ حسام العنتبلى المحامى بالنقض: قرأت رسالة «الجريمة النائمة» التى نشرتها فى بريد الجمعة الماضى، والتى عانى صاحبها الأمرين فى صغره من «الحسن والجمال وخشية الحسد»، وقد أخذتنى هذه الرسالة من نفسى، ومن عمل مهم لدّى إلى قصة أهم .. اخترتها بحدس صائب ، واختيار موفق وسرد منمق، فأثارت فى النفوس شجونا، وفى الرءوس أفكارا، وبعثت عادات وتقاليد بالية «أكل عليها الزمن وشرب» لكنها لم تزل تفرض نفسها على البعض، حتى أصبحوا أسرى لها، وأمسوا ضحايا لقيودها برغم أنها عادات وتقاليد «لقيطة» لا أب لها ولا أم، ولا دين لها ولا ملة، لكنها تجد من يألفها ويرعاها، فتؤذى الأسرة صغيرها بقصد الحنو عليه، وتحيطه بطوق حرص واهمة أنه طوق نجاة، فياله من حرص، ويالها من آه حين تنغص على الطفل حياته فى الصغر، وتظل تطارده إلى ما بعد الكهولة والكبر.
والحقيقة أن الأمر قد اختلط علينا ــ فى هذه القصة ــ بين كلمات سائلك المستغرب بصدقه مع النفس والناس، وردكم الملئ حكمة وكياسة، فلم أعد ألتفت لسبب معاناته صغيرا من كلمة «الحسد» بل إن الحسد الحقيقى هو ما أغبطكما عليه من أسلوب راق شجاع ، ورد راشد حصيف، فلم أر ما أستبعد منه، ولم أجد له ما أضيف، فردكم كاف وشرحكم واف، فتقاطرت لنا منه العبرة والخبرة، فتحية خالصة لكم ..
أما أستاذنا «الوسيم» وأهله الأفاضل، فأقول لهم «الحسن نعمة ينبغى ألا نحيلها إلى نقمة، فلا فضل لصاحبه فيه بل الفضل لواهبه ومعطيه، وحسبنا أن نستدعى قول المولى عز وجل عن سيدنا يوسف وامرأة العزيز «مع الفارق بالطبع»: «فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ» (يوسف 31)، فجعله الله للعالمين كتابا يدرس، وسجل حسنه فى آيات تتلى، وأفاض عليه عفة يعتصم بها .. وأخيرا ومن نافلة الكلام، قول حسان بن ثابت فى خير خلق الله كلهم «وأحسن منك لم تر قط عيني، وأجمل منك لم تلد النساء، خلقت مبرءا من كل عيب، كأنك قد خلقت كما تشاء»، فالحسن فى المحيا جميل، لكن حسن الخلق أجمل، لأن الأول زائل، بينما الأخير باق .. فهنيئا لك الحسن وهنيئا لنا القصة، وما حملته من فائدة وعبرة، وتبارك الله أحسن الخالقين.
................
{ صابر محمد عبد الواحد ـ موجه صحافة بسوهاج: استوقفتنى «الجريمة النائمة» للأستاذ الجامعى الذى يشكو مأساته مع والديه وأخوته الذين أجبروه فى صباه على أن يرتدى ملابس الفتيات، وأطلقوا عليه اسم أنثى.. إنها بالفعل مأساة نمت معه حتى كبر، وتركت ترسبات نفسية يعانيها حتى الآن برغم أنه تغلب على والديه، وأفسد عليهما صنيعهما، وهو فى سن مبكرة، ورفض الزى الأنثوى، وأيضا الإسم الأنثوى، وللأسف فإن أسرا كثيرة تتبع هذا النهج الشاذ مع أبنائهم، وذلك خوفا عليهم من الحسد وأشياء أخرى.
لقد نهى الله تبارك وتعالى عن تشبه كل منهما بالأخر وحرم عليه ذلك سواء كان التشبه فى اللباس أو الكلام أو الحركة أو غير ذلك، ويقول الحديث الشريف الذى رواه ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال»، ومن هنا صار ضروريا سن قوانين رادعة لمثل هذه الأفعال الجاهلة، فهى آفة كل مجتمع سقيم، ويقول أحمد شوقى أمير الشعراء:
إنى نظرتُ إلى الشعوب فلم أجد
كالجهلِ داءً للشعوبِ مبيداً
الجهـــلُ لا يلدُ الحيـــــــــاةَ مُواتُهُ
إلا كمـــا تلدُ الرِّمَّــــام الدُّودا
قلوبنا مع هذا الأستاذ الجامعى ونحيك على ردك الحكيم.
رابط دائم: