رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تجارب «خارج الصندوق»

إيمان عارف
مهاتير محمد

فى الوقت الذى تعتبر فيه معظم الدول أن اللجوء لصندوق النقد الدولى حل أخير للخروج من أزماتها، هناك من يرى أفضلية الاعتماد على الرؤية المحلية بعيدا عن شروط الصندوق.

ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك التجربة الماليزية التى رفضت تماما التوجه للصندوق كما فعلت إندونيسيا وتايلاند وكوريا الجنوبية فى أعقاب الأزمة المالية الآسيوية عام 1997، مفضلة أن تتخذ مسارا مختلفا تماما لمواجهة وضع اقتصادى حرج تمثل فى انخفاض قيمة العملة المحلية «الرانجيت» بنسبة 35% وتراجع احتياطات النقد الأجنبى وانهيار سوق الأسهم التى خسرت نصف قيمتها.

وفى سبيل ذلك، تم تشكيل هيئة وطنية برئاسة مهاتير محمد رئيس الوزراء آنذاك، كان هدفها الرئيسى وضع استراتيجية وطنية للتصدى للهجوم المالى والاقتصادى الذى تتعرض له البلاد من المضاربين، والذين اتهمهم مهاتير وقتها صراحة بأنهم سبب الأزمة الآسيوية، وضم هذا المجلس إلى جانب رئيس الوزراء عددا من كبار المسئولين الحكوميين وممثلين عن النقابات والشركات والمنظمات المدنية وكبار المصرفيين، وعلى مدى عامين واظب أعضاء المجلس على الاجتماع يوميا لمناقشة مستجدات الوضع والاستفادة من خبرة المصرفيين فى التوصل لخطة تحمى ماليزيا من المضاربين بعملتها وتلتزم فى الوقت نفسه بالأسواق المالية. واستقرت الخطة المحلية التى كشفت عنها الحكومة الماليزية أواخر عام 1998 على عدة خطوات، تمثلت فى فرض ضوابط على العملة، وإلغاء التداول عليها خارج ماليزيا، وتجميد تخارج الأجانب من محافظهم المالية بالسوق الماليزية لمدة عام، وربط العملة بالدولار الأمريكى لمنع المضاربة على الرانجيت.

ونجحت هذه السياسة الحاسمة وغير التقليدية فى إدارة الأزمة فى إعطاء الحكومة مزيدا من السيطرة على سياستها الاقتصادية، وترافق كل ذلك مع إعادة هيكلة المؤسسات المالية ودمج بعضها.

وبعد الإعلان عن هذه الإجراءات التى عكست إصرارا على رفض خطة الصندوق، تعرض مهاتير لانتقادات عديدة من الغرب، ولكنه دافع عن موقفه بأن السوق الحرة مجرد نظام اقتصادى وضعه بشر يخطئون ويصيبون، وأنه لا يرى سببا يدفع بلاده لقبول أى شيء يرتبط بهذا النظام حتى لو كانت بلاده لا تجنى فائدة من ورائه.

ونجحت ماليزيا فى إدارة اقتصادها بعيدا عن الصندوق، وحالت سياستها التوسعية دون الانغماس فى مزيد من الركود مما ساهم فى تعزيز الثقة فى قدرة وكفاءة الاقتصاد الماليزي.

وأظهرت الأرقام أنه بعد أن انكمش الاقتصاد بنسبة 7٫5% عام 1998، انتعش مرة أخرى عام 1999 وحقق نموا بنسبة 5.4%، ولكن الأهم من وجهة نظر الخبراء أن الماليزيين وعلى عكس تايلاند وإندونيسيا نجوا من إجراءات التقشف المؤلمة التى فرضها الصندوق على تلك الدول.

ولكن على الرغم من جاذبية هذا النموذج الذى يعد مثالا على رفض الصندوق، فإن هذه التجربة غير قابلة للتعميم، فقد توافرت لدى الحكومة الماليزية بعض الظروف، أهمها تراجع حجم الدين الخارجى وقت اندلاع الأزمة، الأمر الذى قلل من الضغوط المالية على الحكومة آنذاك.

وهناك من يعتبر أيضا أن اليونان تعد مثالا آخر على رفض الصندوق، وإن كان الوضع ليس بدرجة الوضوح التى تظهر فى نموذج ماليزيا.

ويمكن القول إن الحالة اليونانية وضعت الصندوق فى مأزق، إذ واجه فى تلك الفترة اتهامات بالرضوخ للسيطرة الأوروبية منذ خطة المساعدة الأولى عام 2010، حيث هدفت الضغوط الأوروبية لدفع الصندوق للمشاركة فى خطة المساعدة التى صدق عليها الأوروبيون.

ولكن قضية تخفيف الديون ما زالت موضع خلاف، وكانت الموافقة بمثابة خطوة مبدئية لمنح أثينا قرضا بلغت قيمته 1٫6 مليار يورو مقابل ضمانات محددة من شركاء اليونان الأوروبيين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق