بالعلم تنهض الأمم وترتقى، فلا مكان لأمة دون العلم والعلماء الذين هم سبب نهضتها، والنجوم التى تضيء دروب مجتمعاتها .ويضرب الدكتور هانى الناظر الرئيس الأسبق للمركز القومى للبحوث، أستاذ الأمراض الجلدية، واحد من أهم رواد البحث العلمى فى مصر والعالم العربى مثلا رائعا للعالم الطبيب الذى يحاول جاهدا أن يستخدم علمه فى خدمة مجتمعه من خلال مشاركته الفعالة لحل مشاكله وإزالة همومه ليبرهن دائما أن العلم يجب توظيفه أولا وأخيرا فى خدمة المجتمع .
«الأهرام» التقت بالدكتور هانى الناظر فى حوار عرض فيه وجهة نظره لخطة تطوير البحث العلمى فى مصر وتطرق معنا بسلاسة إلى مشروع التعليم الجديد الذى طرحه وزير التربية والتعليم مؤخرا، ولاسيما نظام الثانوية العامة ،وفيما يلى نص الحوار :
> أثار نظام التعليم الجديد لغطا كبيرا داخل المجتمع المصرى ما بين مؤيد ومعارض.. كيف ترى هذا النظام؟
بداية يجب أن أتوجه بالشكر لوزير التربية والتعليم على مجهوداته فى هذا التطوير فنحن فى أشد الحاجة لتطوير التعليم وخاصة نظام الثانوية العامة، أما فيما يخص الخطة التى وضعها الوزير فيوجد بها نقاط قوة ونقاط تحد لأنه أولا وأخيرا عمل بشرى، ولذلك يجب على الوزارة أن تعمل جاهدة على تغطية نقاط التحدى، وحلها حتى يخرج العمل بالصورة التى تحلم بها الأسرة المصرية.
> وماذا عن نظام الثانوية ؟
فى الحقيقة أنا لست مع نظام الثانوية العامة الجديد، ووجهة نظرى الخاصة المتعلقة بهذه المرحلة المهمة فى حياة أى طالب، أن تكون الدراسة خلالها عادية جدا مثلها مثل بقية السنوات الأخرى، وعند الالتحاق بالجامعة لا يتقدم الطالب إلى مكتب التنسيق بل من حقه أن يتقدم مباشرة إلى الكلية التى يريدها مهما يكن المجموع الذى حصل عليه طالما أنه سيجتاز الامتحان الخاص بها، والذى سوف يكون الكترونيا لا يتدخل فيه أى عنصر بشرى، وبذلك فهذا النظام سيقضى على الدروس الخصوصية، فلماذا يأخذ الطالب درسا فى حين أنه لو حصل على أى مجموع يستطيع دخول الكلية التى يريدها، ولذلك أرى انه سيكون نظاما عادلا ويقضى على رهبة الثانوية العامة.
> نص الدستور بشكل واضح على حرية البحث العلمى ورعاية الدولة له وخصص ما لا يقل عن 10% من الناتج القومى للتعليم والصحة والبحث العلمى ...كيف ترى تطور البحث العلمى فى مصر ؟ وهل يمكن الاعتماد عليه فى حل مشاكل مصر الاقتصادية ؟
يجيب الدكتور الناظر:الحقيقة نحتاج انطلاقة كبيرة فى البحث العلمى ولا سيما أن هناك اهتماما حقيقيا من السيد رئيس الجمهورية بالبحث العلمى ، غير انه نتيجة للظروف الاقتصادية تم دمج وزارة الدولة للبحث العلمى مع وزارة التعليم العالى وهو ما افقدها دورها بشكل كبير، علاوة على ذلك أيضا توجد إشكالية أخرى تعوق تطور البحث العلمى فى مصر وهو عدم ربطه بالقطاعات الإنتاجية وهو ما يهدد طاقات البحث العلمى، ولذلك فنحن فى اشد الحاجة لأن يتواجد أب شرعى للبحث العلمى فى مصر يتمثل بوجود وزارة متخصصة تتولى مسئوليته، لذا فلابد من إنشاء وزارة للعلوم والتكنولوجيا تكون مستقلة ترعى البحث العلمى والمبتكرين وتربط بين البحث العلمى والطاقات الإنتاجية.
> وهل يمكن الاعتماد عليه فى حل مشاكل مصر الاقتصادية ؟
البحث العلمى سلاح الفقراء والحاجة أم الاختراع فمصر مقبلة على مشاريع ضخمة، ومن ثم فإننا فى أشد الحاجة له أكثر من أى وقت مضى، فالعلم هو الذى فى استطاعته أن يقفز بالاقتصاد من خلال القيام بالإنتاج والاعتماد على التصدير ومنع الاستيراد، ولذلك فهو من أقصر الطرق وأفضل الأدوات لتحقيق طفرة اقتصادية وتكنولوجية وصناعية سريعة.
توليت إدارة المركز القومى للبحوث فى الفترة ما بين عام 2001 الى 2009 .. ما أبرز المشكلات التى تواجه شباب الباحثين فى مصر؟
الإنفاق.. وأنا أثناء فترة رئاستى للمركز القومى للبحوث اعتمدت على حل هذه المشكلة من خلال التعاون مع وزارة الصناعة، ولكن هذا يجب أن يكون نظام دولة، فالإنفاق الحالى على الأبحاث العلمية والباحثين لا يمثل 1% ولكن أيضا لا يجب الاعتماد على ميزانية الدولة فى البحث العلمى، بل على تحفيز المستثمرين من خلال الربط بين وزارة العلوم والتكنولوجيا التى أقترح إنشاءها والحكومة لإعطاء إعفاءات ضريبية للمستثمرين الذين يقومون بتمويل الأبحاث العلمية والتى سوف يستفيدون من إنتاجها بعد ذلك.
> ماهو موقع البحث بين المحطات الرئيسية فى حياتك ؟
القدر رسم لى أهم محطات حياتى ،فقد شاركت فى حرب رمضان 1973، حيث كنت ضابطا احتياطا فى ذلك الوقت، وشاركت فى هذا العبور العظيم. كانت المشاركة حلما بالنسبة لى. ثم جاء القرار المصيرى الذى غير مسار حياتى والذى اتخذته فى رمضان أيضا هو الالتحاق بكلية الطب فانا فى الأصل خريج كلية الزراعة واتخذت بعد ذلك قرارا بالالتحاق بكلية الطب و هو الأمر الذى غير مسار حياتى، فقد حصلت على بكالوريوس الطب والتحقت بالمعهد القومى للبحوث وعينت كأصغر رئيس للمركز. ولذلك أوجه رسالة إلى الشباب بأنه لا يوجد شىء اسمه مستحيل خاصة أننى حصلت على درجة الماجستير والدكتوراه فى علم النبات من كلية الزراعة وكذلك من كلية الطب فى الأمراض الجلدية، ودرجة الزمالة من كلية الأطباء الملكية بانجلترا، كل هذا بالعمل والإيمان بالله والثقة فى النفس.
> كطبيب .. مع ارتفاع درجات الحرارة .. بماذا تنصح الناس فى الحر ؟ وما العادات التى عليهم أن يتبعوها؟
أنا كطبيب أمراض جلدية أنصح بالعديد من الخطوات التى يجب أن يتبعوها فى فصل الصيف ومع ارتفاع درجات الحرارة والتعرض لحرارة الشمس التى من الممكن أن تؤثر على الجلد والشعر فعند الخروج صباحا لابد من وجود شمسية وارتداء الملابس القطنية الخفيفة والألوان الفاتحة التى تعكس أشعة الشمس واستخدام الكريمات الواقية ، ولابد من الالتزام بشرب كوب ماء كل ساعة فالماء مهم جدا للجلد و لغسيل الكلى .كما أنصح بالاستحمام مرتين يوميا بماء بارد وليس فاترا أو ساخنا لأنها تقوم برفع حرارة الجسم الذى يكون فى أشد الحاجة إلى الترطيب الدائم باستخدام صبونة الجرسلين وكريم مرطب وانصح دائما بالفازلين.

> تنتشر أنواع كثيرة من السوائل والعصائر مجهولة المصدر مع الباعة الجائلين ومحلات العصائر ..ما رأيك بها وبم تنصح المواطنين ؟
لا أنصح بها تماما تجنبا للتعرض للتلوث، حيث يجب تحضير العصائر الطبيعية والطازجة فى المنزل وأنصح بالإكثار من المشروبات مثل الخروب الكركديه والتمر هندى، ويجب عدم شراء أى مشروبات أو أطعمة ساخنة فى أكياس بلاستيك لأنها تتسبب فى تفاعلات تسبب أمراضا خطيرة ، كما يجب الإشارة إلى أن العرقسوس يمثل خطورة على مرضى القلب والضغط العالى.
> ما العادات الخاطئة التى تنصح المصريين بتجنبها ؟
من أشهر العادات السيئة التى يتبعها المصريون ويجب تجنبها عدم تناول السلطة الخضراء و الإقبال على الأطعمة المحمرة والمقليات والتى تحتوى على نسبة عالية من الدهون مما يرفع من حرارة الجسم، فلابد من الابتعاد عنها، كما انه من العادات السيئة أيضا الإفراط فى تناول الحلويات لأنها تزيد من معدلات السكر فى الدم وترفع طاقته ولذلك أنصح بتناول الفاكهة مثل البطيخ والكانتلوب، فهذه الفواكه تروى العطش وخاصة أن هذا هو موسمها.
> فى الآونة الأخيرة ظهرت الكثير من الشائعات على صفحات التواصل الاجتماعى ومنها على سبيل المثال الأطعمة والفاكهة التى تسبب سرطانات .. كيف تواجه هذه الشائعات بصفتك طبيبا والرئيس الأسبق للمعهد القومى للبحوث؟
بداية يجب أن أشير إلى العديد من الشائعات التى لا أساس لها من الصحة ومنها أن استخدام الميكروويف وتجميد الخبز ومرق الدجاج لا تتسبب فى حدوث السرطان. فهذه الصفحات إما لها أهداف تجارية كجذب الإعلانات و شن الحروب التجارية بين الشركات لضرب المنتجات أو أن يكون الهدف منها بث القلق والتوتر بين المواطنين وهذه إحدى أنواع الحروب ومن ابرز الأمثلة التى انتشرت مؤخرا شائعة وجود أنواع من البطيخ تسبب السرطانات فهذه الشائعة الهدف منها هو ضرب زراعة البطيخ.
> كيف يجب مواجهة سلبيات السوشيال ميديا ؟
يجب عند سماع هذه الشائعات عدم ترويجها، بل القيام بالبحث وسؤال أهل العلم حتى لا تزيد البلبلة وتنتشر الفتنة فى المجتمع .
> كيف تقيم دورك الفعال على صفحات التواصل الاجتماعى من تقديمك استشارات طبية ووصفات علاجية ؟
أنا أرى أنها تجربة ناجحة جدا لأنه يوجد العديد من المرضى لا يستطيعون الحضور للعيادة سواء من المتواجدين خارج مصر أو فى المحافظات البعيدة، وبالتالى فأنا أساعد المريض حين يقوم بإرسال صورة توضح المرض الذى أصابه على حسابى الخاص على «الفيس بوك» ،وأقوم بتشخيصها، ولا أرى فى ذلك أى إهدار لحقوقى المادية فأنا احصل على مرتبى من الضرائب التى يدفعها المواطن، كما اننى بذلك أرد جميل الدولة وأساعد المحتاج، إضافة إلى أننى بذلك أقدم رسالة هامة إلى تلاميذى من شباب الأطباء الذين يتابعون تشخيص للحالات التى تعرض عليها وكيفية علاجها .فانا أحاول أن أسخر التكنولوجيا لخدمة المواطنين وزيادة وعيهم واعتبر هذا واجبا من ضمن رسالتى الطبية.
> يوجد العديد من الأمراض الجلدية المزمنة والتى قد تؤدى مضاعفاتها فى حالات عديدة للوفاة..هل ترى انه من الممكن تأسيس أول مستشفى متخصص لعلاج الأمراض الجلدية على مستوى عالمى فى مصر ؟
بالفعل أحلم بهذا المشروع الكبير وهو أن يكون فى مصر أكبر مستشفى للأمراض الجلدية مجانى قائم على المساهمات الأهلية، على غرار مستشفى 57357 ومركز القلب لمجدى يعقوب لتقديم خدمة طبية على أعلى مستوى من خلال طاقم من الأطباء والتمريض المتميزين وتوفير أحدث وسائل الفحص ومعامل التحاليل وصرف الدواء مجانا ،ولا سيما انه يوجد أمراض جلدية مزمنة تستمر عشرين وثلاثين عاما تحتاج إلى أدوية دورية لا يستطيع المريض توفيرها. وأنا على استعداد كامل للعمل بها متطوعا ومعى فريق كبير من الأطباء المتخصصين.
> إلى أى مدى نجحت مصر فى استغلال ما لديها من إمكانات السياحة العلاجية ؟
بالفعل تعتبر مصر واحدة من أهم الدول التى لديها مقومات كبيرة جدا للسياحة العلاجية، لا تتوافر لدى أى دولة أخرى فى العالم، والتى من الممكن أن تدر عملة صعبة أكثر من عوائد المصريين فى الخارج، و لذلك يجب تفعيل دور السياحة العلاجية من خلال تفعيل الوعى الإعلامى، وتضافر جهود الوزارات المعنية كالصحة والبيئة والسياحة للتعاون ،كما انه على وزارة الصحة دور هام لتفعيل السياحة العلاجية ،فعلى سبيل المثال الأردن لديها البحر الميت الذى أدر لها أكثرمن ثلاثة ملايين دولار فى العام الماضى، ونحن هنا فى مصر لدينا سفاجا التى تشبه البحر الميت، كما يوجد أيضا بجانبها واحة سيوة والبحر الأحمر والواحات وسيناء ووادى النطرون وحلوان.
رابط دائم: