الشعور بالاغتراب تحت سقف واحد بين أفراد الأسرة الواحدة، ليس فقط بين الزوجين بل بين الآباء والأبناء أيضا، كذلك الجيران فى البيت الواحد.. تلك ظاهرة مقلقة تحتاج دراسة اجتماعية للتعرف على أسبابها وإيجاد الحلول.
د. هالة يسرى أستاذ علم الاجتماع والخبير الأسرى والتنموى تقول أن إحساس الفرد بالاغتراب داخل أسرته أو المجتمع تعنى فقدان التواصل وروح المحبة والتعاطف والمودة، والانفصال عن الجيران أيضا له أسبابه من انتشار الفردية مقابل الروح الجماعية.. المشكلة خطيرة ولها أسبابها وآثارها السلبية على الأسرة والمجتمع.
يظهر هذا الشعور أكثر لدى السيدات خاصة مع تقدم المراحل العمرية فنجد الجدة بعدما تزوج أبناؤها تبقى وحيدة، كذلك المرأة التى قد تكون مع زوجها فى حالة اغتراب، وهى ظاهرة لا تقتصر على فترة معينة من الزواج فقد تكون فى بدايته أو بعد عشر سنوات، وتنتشر فى المجتمعات المحافظة نتيجة الزيجات التقليدية وعدم معرفة كلا الزوجين ببعضهما البعض بالدرجة المطلوبة التى تؤهلهما لبداية حياة زوجية وأسرية ناجحة، وينتهى بالانفصال فى أغلب الحالات، أو الإجبار على الاستمرار تحت سقف واحد لمجرد الأعراف وأسباب اجتماعية واقتصادية. أحد أهم أسباب هذا الاغتراب أيضا عدم وجود ثقافة الحوار وتراكم الخلافات وعدم السعى لحل المشكلات أولا بأول منذ بدايتها وتدخل أطراف غير قادرة على تقديم النصيحة الصادقة والحلول الواقعية مما يؤدى إلى تضخيم المشكلات وليس العمل على حلها، كذلك الاختلاف الذى يمكن أن يتحول من نعمة إلى نقمة فالاختلاف فى الأصل يوسع أُفق الحوار ويعلم الأبناء احترام حرية رأي الآخر والقدرة على صناعة واتخاذ القرار، وهو الأمر الذى يحدث بين الزوجين وفقاً لإرادتهما والرغبة فى خلق لغة حوار بينهما وبين الأبناء، وبالتالى يتلاشى وينتهى الشعور بالغربة داخل الأسرة، وانعدام هذا التواصل يعد أكبر مشكلة لها آثار سلبية خطيرة تجنى تبعاتها الأسرة والأبناء والمجتمع من زيادة صور حالات الانحرافات السلوكية بين الشباب وأخطرها تعاطى المخدرات وقتل النفس وعقوق الوالدين وظهور قوة الاقتران بمجموعة من الأصدقاء الأكثر جاذبية للشباب بعيداً عن الأسرة ودعمها ويتمثل خطرها الشديد فى فقدان الحب والرعاية المستمرة، إضافة إلى دور كل من التعليم والإعلام والتليفزيون ووسائل التواصل الاجتماعى التى عززت حالة النفور والاغتراب داخل الأسرة الواحدة والتى طالما حذر من خطورتها علماء النفس والاجتماع والتى تستوجب رغبة وتحركا جادا من أطراف الأسرة أو مبادرة أحد منها بلم الشمل.
لذا أنصح بالاقتران أولا بالأسرة أكثر من الأصدقاء وهذا نوجهه للآباء قبل الأبناء فى كل المراحل العمرية، حيث أصبحت مشكلاتهم تناقش فقط على الكافيهات ومواقع التواصل الاجتماعى مما يعرضهم لمزيد من المخاطر والتعامل مع المشكلات بصورة غير صحيحة تؤدى إلى تفاقمها، والتعرض لصدمات الحياة بين الشباب فى مقتبل العمر، وأخيرا أؤكد أنه لا يمكن لأى مجتمع تحقيق التنمية والتقدم إلا بقوة ترابط الأسرة.
رابط دائم: