يوما بعد يوم يزداد نفوذ المتشددين دينيا فى إسرائيل ويفرضون سطوتهم على المجتمع هناك ،ففى بداية العام الجارى وافق الكنيست على مشروع قانون قدمه حزب شاس الدينى يمنح وزير الداخلية والذى هو زعيم حزب شاس صلاحية إغلاق المحال التجارية والسوبرماركت والأكشاك يوم السبت،إرضاء لطائفة الحريديم المتشددة حيث هددت الأحزاب الدينية بالانسحاب من الائتلاف الحاكم فى حال رفض التصويت على مشروع القانون .
اليهود المتشددون دينياً الذين يطلق عليهم الحريديم يشكلون حوالى 34% من عدد سكان مدينة القدس المحتلة ،وفى الأيام الأخيرة وضع هؤلاء المتشددون أمام المرشحين لرئاسة بلدية القدس شروطاً من أجل التصويت لمصلحتهم وأهم هذه الشروط هو إغلاق المنطقة الترفيهية بمنطقة سوق محانية يهودا التى تعتبر المكان الوحيد الذى يتجمع فيه الشباب والفئات الأخرى للترفيه عن أنفسهم وممارسة الانشطة المختلفة . ويرى المتشددون أن وجود مثل هذه المنطقة يشكل بؤرة للمجون والخلاعة وإزعاجا للسكان ، ويقع سوق محانية يهودا بالقرب من أحياء الحريديم وبالقرب من مركز دينى يرتاده المتشددون وعلى رأسهم وزير الصحة الحريدى يعقوب ليتسمان الذى يستغل سلطاته فى التفتيش على تراخيص المحال والكافيتريات فى المنطقة والتضييق عليهم تمهيدا لإغلاق المنطقة نزولا على رغبة أتباعه من المتشددين الأمر الذى أشعل غضب الفئات الأخرى التى لا تنتمى للحريديم ولا تؤمن بأفكارهم المتشددة. وفى الآونة الأخيرة بدأ رواد هذه المنطقة خاصة طلاب الجامعة العبرية بالقدس يبحثون عن مناطق أخرى للترفيه فى تل أبيب وغيرها ابتعادا عن المشاكل التى يختلقها الحريديم وهو ما دفع أحد المرشحين لرئاسة بلدية القدس من التحذير من تنامى نفوذ الحريديم وفرض نمط حياتهم المتشدد على الجميع .
ومنذ عدة أعوام وبالتحديد فى عام 2012 وبعد سنوات من النزاع السياسى والقضائى حول جدار للفصل بين النساء والرجال اليهود أقامته طائفة الحريديم فى أحد شوارع منطقة مئة شعاريم بالقدس الغربية, حسمتها المحكمة العليا فى إسرائيل حينما قررت إزالة هذا الجدار ومنع الفصل بين الرجال والنساء فى شوارع هذا الحى ،وهذا القرارألزم الشرطة هناك بتنفيذه على الفور إلا أن عملية التنفيذ تطلبت من أجهزة الأمن الإسرائيلية التحلى بضبط النفس حتى لا يتحول الأمر إلى مواجهة مع أفراد الطائفة. المعروف ان حى مئة شعاريم هذا يقطنه ويتردد عليه عشرات الآلاف من المتدينين اليهود يوميا, ومنذ عدة سنوات قرر زعماء هذه الطائفة تقسيم شوارع المشاة إلى قسمين جزء للنساء والآخر للرجال ويفصل بينهما بحواجز معدنية مغطاة بالقماش وهذا بناء على توصية لجنة ما يسمى بحراس الفضيلة, وأيضا فى الشوارع الجانبية لحى مئة شعاريم تم الفصل بين النساء والرجال وتعيين حراس من قبل زعماء الطائفة لمراقبة تنفيذ القرار .
أيضا فى المواصلات العامة التى تمر بحى مئة شعاريم هناك مقاعد مخصصة للرجال بعيدا عن مقاعد النساء ،وقد اضطرت شركة أجاد لنقل الركاب إلى تنفيذ ذلك فى اتوبيساتها نزولا على رغبة أفراد هذه الطائفة، ومنذ فترة نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت عن تعرض مجموعة من السائحين الأجانب للهجوم على أيدى العشرات من طائفة الحريديم والرافضين لوجود السائحين فى أحيائهم, أما أغرب الفرمانات التى أصدرها زعماء من يطلق عليهم حراس الفضيلة هى مطالبة أصحاب محلات الملابس بإزالة وتدمير (المانيكانات) فى الفاترينات خوفا من إثارة غرائز رجال الحريديم الذين يمرون أمام هذه المحلات, وحينما رفض بعض أصحاب المحلات تنفيذ ذلك قرر أفراد الحريديم عدم التعامل معهم أو الشراء منهم. وهناك طقوس غريبة يمارسها المتشددون فى إسرائيل لعل أشهرها هو ما يتم فى مساء عيد الغفران فى أحد معابد مدينة القدس حيث يقف أمام المعبد طابور طويل من الرجال فى انتظار جلدهم بالسياط على يد الحاخام تكفيرا عن أخطائهم ويتم الجلد بكرباج قصير وعريض بنى اللون ويطلب الحاخام من الشخص الراغب فى التكفير عن أخطائه ترديد بعض الكلمات، ثم ينهال بعدها بالضرب على ظهره العارى بـ 39 جلدة يعقبها قيام الشخص المضروب بتقديم الشكر للحاخام، ثم يضع بضعة شيكلات فى واحد من ثمانية أطباق وضعت على مكتب الحاخام كنوع من الصدقة توزع على المحتاجين، أيضا يحظر الحاخامات على طلاب المدارس الدينية خاصة الذين لم يتزوجوا استعمال التليفون المحمول لأنه يؤثر على الحالة الوجدانية والبناء الروحى للطلاب. الطريف أن أحد أشهر المطربين المنتمين للتيار الدينى المتشدد ويدعى يوناثان رزئيل أثار دهشة الكثيرين ووسائل الإعلام حينما وقف يغنى فى إحدى الحفلات وهو يضع شريطاً لاصقاً على عينيه حتى لا يرى جمهور النساء أمامه ! ومنذ ثلاث سنوات اعتقلت الشرطة الاسرائيلية رجلاً من طائفة الحريديم بمدينة القدس المحتلة يبلغ من العمر حوالى أربعين عاماً وذلك بعد أن بصق على فتاة فى الخامسة عشرة من عمرها، لانها كانت ترتدى ملابس غير محتشمة على حد قوله.
رابط دائم: