رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

روسيا «تكسب».. قبل صافرة البداية

مروى محمد إبراهيم
فلاديمير بوتين

بنبرة هادئة واثقة، رحب الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بـ«عائلة» كرة القدم العالمية، مؤكدا أن ما ينتظرهم فى روسيا ليس مجرد مباريات بين أفضل فرق الكرة على الكوكب، ولكن هناك ما هو أفضل، فهناك «الثقافة والتاريخ والشخصية الروسية».

كلمات بوتين تؤكد أن نظرته للحدث الكروى الذى يترقبه العالم أعمق كثيرا من كونه مجرد حدث رياضي مهم، ولكنه فرصة ذهبية لروسيا للكشف عن وجهها الجذاب للعالم، بعد أن أخفته على مدار عقود طويلة من الحروب والصراعات مع غريمتها الولايات المتحدة ومن خلفها حلفاؤها الأوروبيون.

ولكن فجأة تغيرت المعادلة وبدأت أمريكا تواجه شبح العزلة بسبب سياساتها «الترامبية»، وآن للدب الروسى أن يغتنم الفرصة اقتصاديا وسياسيا، بل وشعبيا أيضا، وربما يغير صورته فى نظر العالم.

ربما تكون المكاسب الاقتصادية هى الهدف الرئيسى والأكثر وضوحا فى مثل هذه الأحداث العالمية، ولكن مؤسسة موديز الاقتصادية لم تكن بهذا التفاؤل، فقد اعتبرت أن المكاسب الاقتصادية التى ستجنيها روسيا من وراء كأس العالم محدودة ومؤقتة، مقارنة بحجم الاقتصاد الروسى الضخم والمستقر، إذ أشارت إلى أن قطاعات المطاعم والفنادق والاتصالات والمواصلات ستشهد طفرة مؤقتة فى الأرباح، بل أكدت أيضا أن المطارات الروسية ستجنى المزيد من الأرباح من الخدمات والرحلات الفاخرة التى ستوفرها لعملائها من مختلف أنحاء العالم، وربما تغير نظرة العملاء العالميين لشركات الطيران الروسية.

ولكن نظرة «موديز» المحدودة، والتى لا تتسم بالحيادية إلى حد كبير، تقابلها نظرة أكثر تفاؤلا طرحتها الحكومة الروسية.

فقد أكدت موسكو بالأرقام أنها ستجنى أضعاف ما أنفقته لتطوير وإنشاء ملاعب بمعايير دولية فى أكثر من ١١ مدينة.

وتوقعت الأرقام الحكومية أن تسهم استضافة روسيا لهذه البطولة العالمية فى زيادة إجمالى الناتج المحلى بمعدل يتراوح بين ٢٦ مليار دولار و٣٠ مليار دولار على مدار عشر سنوات من ٢٠١٣ إلى ٢٠٢٣.

واستندت هذه الأرقام إلى العائد المتزايد لقطاع السياحة، الذى تزداد أرباحه عاما بعد عام خلال فترة الإعداد لكأس العالم وما بعدها، خاصة مع مضاعفة عدد المنشآت السياحية وزيادة الاستثمارات فى هذا القطاع الحيوي.

كما أكدت الأرقام أن فترة الإعداد للمونديال وفرت ٢٢٠ ألف فرصة عمل حتى الآن.

ومن المنتظر أن يزور روسيا خلال البطولة مليون ونصف المليون، مما سيدر نحو مليارى دولار.

وعلى الرغم من حالة التفاؤل الاقتصادية، فإن الكثير من المراقبين الغربيين شككوا فى المكاسب السياسية التى يمكن أن يجنيها بوتين من وراء هذا الحدث العالمي، وعللوا ذلك بأن استضافة البرازيل لمونديال ٢٠١٤ كانت كارثية بالنسبة للرئيسة السابقة ديلما روسيف، والتى واجهت مظاهرات وهتافات احتجاجية فى كل مباراة حضرتها.

وهناك أرقام تقول إن التنظيم عموما كلف الحكومة الروسية نحو ٨ مليارات و٦٠٠ مليون دولار تم إنفاقها على البنية التحتية وتجهيز المدن والملاعب والفنادق والأسواق لخدمة البعثات المشاركة وتأمينها بنشر أكثر من مليون ونصف شرطى تحسبا لأى تهديدات إرهابية.

ولكن، الواقع يؤكد أن طبيعة روسيا تختلف كثيرا عن البرازيل، وغيرها من الدول التى عانت من سلبيات استضافة هذه الأحداث العالمية، فروسيا قوة عالمية كبرى لا يستهان بها، فهى قطب رئيسى يلعب دورا محوريا فى توجيه الأحداث العالمية ، كما أنها قوة اقتصادية كبرى أيضا.

ولا يمكن لأحد أن ينكر أن صعود بوتين إلى السلطة أعاد لروسيا هيبتها السابقة فى الأوساط العالمية، بعد فترة من الانكسار عقب انهيار الاتحاد السوفيتى السابق وصعود الرئيس بوريس يلتسين للسلطة، وما شاب هذه الفترة من اضطراب وعدم استقرار.

ويرجع الفضل لبوتين بالتأكيد فى استعادة موسكو لقوتها وثباتها، وهو ما ظهر جليا خلال الفترة الماضية ، فهو الغريم الذكى المحنك الذى تخشاه أمريكا وأوروبا.

وليس أدل على ذلك من الهلع الذى خلقه لأعدائه الغربيين عندما كشف خلال حملته الانتخابية عن الصاروخ الأسرع من الصوت الذى تعجز أحدث الرادارات عن التقاطه.

والمكاسب الاقتصادية التى ستجنيها روسيا من استضافة مثل هذه البطولة هى بالتأكيد إثبات قوى على قدرته على تجاوز أزمة العقوبات الاقتصادية العنيفة التى يفرضها عليها الاتحاد الأوروبى وأمريكا، فقد أثبت فشل أوروبا وأمريكا مجتمعتين فى إحراجه أمام العالم، وخرج منتصرا فى نهاية المطاف، بنجاحه فى إعداد بلاده بالشكل المناسب لاستضافة هذا الحدث العالمي، وهو ما سيؤهله بطبيعة الحال للبقاء فى السلطة لفترة تتجاوز التكهنات، ففوزه قبل أشهر بفترة ولاية رابعة لا يعنى أن سنوات بوتين فى السلطة أصبحت معدودة.

وعلى الصعيد الشعبي، فإن فتح روسيا أبوابها لاستقبال الملايين من المشجعين على مدار شهر كامل سيسهم فى إزالة الغموض والقلق الذى ينتاب الكثيرين إزاء هذه الدولة، خاصة فى ظل الاتهامات البريطانية بتسميم العميل الروسى المزدوج سيرجى سكريبال داخل الأراضى البريطانية، وهو ما أحيا أجواء الحرب الباردة وحرب الجواسيس.

لقد نجحت روسيا فى إعلان انتصارها قبل أن تبدأ المباريات الرسمية، فقد سجلت أول نقطة عندما فازت بحق استضافة البطولة منتصرة على بريطانيا وبلجيكا وهولندا، أما النقطة الثانية، فسجلتها بمثابرتها وقدرتها على الاستعداد للبطولة بما يتناسب مع المعايير الدولية، متجاوزة عقبة العقوبات الدولية التى تحاصرها اقتصاديا.

أما النقطة الحاسمة، فهو الانتصار السياحى الذى بدأت بالفعل فى قطف ثماره.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق