رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إخوان تركيا.. ماذا لو سقط أردوغان؟

سيد عبدالمجيد

رغم أنهم في كنف وريثة الإمبراطوية العثمانية التي يسعي حاكمها إلى إعادتها لزمن السلاطين، إلا أنهم في حالة توجس مخيفة تنتابهم ، حتى وإن زعموا غير ذلك، فاللقاءات لا تتوقف والنقاشات تحتدم وكلها تدور حول سؤال واحد ماذا لو صدق حدس المتربصين وسقط مرشدهم الأناضولي ؟ ورغم التطمينات التي يتبادلونها فيما بينهم إلا أنها في الحقيقة وسيلة يطمئنون بها أنفسهم خشية مجهول يتربص بهم، يدعون ليل نهار ألا يأتي أبدا، ومع اقتراب الرابع والعشرين من يونيه يزداد قلقهم ويتعاظم ويحدوهم الأمل العظيم في أن يحمل اليوم التالي بشري الفوز والانتصار وبدء حقبة جديدة ممتدة للرئيس التركي خليفتهم المنتظر رجب طيب أردوغان.

تلك هي الأجواء التي تخيم الآن على قيادات الإخوان هنا في إسطنبول ومن يدور في فلكهم من تيارات الإسلام السياسي، فرغم ما يظهرونه من تماسك وثقة لا حدود لها يعيشون هاجسا بل جملة هواجس تتعلق بمستقبلهم في عاصمة «رجل آسيا السلطوي»، ومرد ذلك الداخل التركي ذاته وأوضاعه الاقتصادية والسياسية التي تزداد ضبابية يوما بعد آخر، صحيح أنهم بذلوا جهودا مضنية لرد الجميل وسعوا بالفعل لإسداء العون لوقف التردي، وكم أغدق قطاع الاعمال التابع لهم بعشرات الملايين من الدولارات لوقف خسائر العملة المحلية غير المسبوقة أمام العملات الأجنبية، إلا أنها لم تفلح في كبح جماح التراجع المذهل، زاد من وطأته ظهور أزمات حياتية أخرى ألقت بظلالها الكثيفة على النظام الذي احتضنهم حتى وان حاول التقليل من الاثار السلبية الناجمة عنها.

وإستنادا لأحاديثهم خلال الأيام القليلة الماضية والتي تجد من ينقلها عنهم فهناك قطاع كبير منهم على قناعة تامة بأن اردوغان وحزبه سيتمكنان من تجاوز الإستحقاقين الرئاسي والبرلماني معا والمقرر لهما الشهر الحالي، وتعود ثقتهم هذه إلى ترسانة التعديلات التي أدخلها على قوانين الأحزاب ومباشرة الحياة السياسية، وكان لهم دور في تقديم خبراتهم التي تختزن رصيدا هائلا من الأدوار المشبوهة، ولهذا نصحوا حزب العدالة والتنمية الحاكم باتخاذ المزيد من الحيل والألاعيب المبتكرة بعيدا عن قطع التيار الكهربائي أثناء الفرز لضمان فوز مؤكد وقد وجدوا الاذان صاغية بيد أنه سبق تطبيق بعض هذه الحيل في الإستفتاء المثير للجدل والذي جري قبل عامين من أجل تغيير عدد من مواد الدستور وكتب لها النجاح.

في المقابل لا يشاطر شباب الجماعة أراء قياداتهم والدليل على ذلك أنهم أبدوا ــ ولازالوا ــ شكوكهم في أن يتخطي أردوغان جملة العراقيل التي تقف أمامه وخلال إحتفالاتهم بمرور تسعة عقود علي تأسيس جماعتهم المشئومة (وهذا وصف رموز من المعارضة التركية لهم ) جهروا صراحة بظنونهم ــ وهو ما اثار حفيظة أصحاب الدار ــ وتساءلوا ماذا لو لفظت الصناديق أردوغان وحزبه حينها ماذا عساهم أن يفعلوا وإلى أي أرض يرتحلون؟

فإستطلاعات الرأي التي تجريها مراكز بحوث في تركيا بما فيها تلك المقربة من دوائر الحكم، لا تبشر نتائجها بتفاؤل من شأنه أن يثلج صدورهم وذلك بتأكيداتها المستمرة على أنخفاض شعبية العدالة والتنمية وقالت أحدثها أن الأخير لن تتجاوز نسبته عن الـ 40 % رغم تحالفه مع حزب الحركة القومية اليميني، فضلا عن أن اصوات الأعجاب بشخصية رئيس الجمهورية أنخفضت هي الأخرى إلى 44%، كما أنهم يرون أحزاب المعارضة الرئيسية الرافضة لوجودهم أصلا على الأراضي التركية وقد توحدت بكل أطيافها ، لتخوض معركة مصير إما هي أو تفتيت أردوغان وزمرته ؟ زاد على ذلك ما يصلهم من أنباء تظهر أن اقامتهم الطويلة لم تعد تلق ترحيبا من بعض الشخصيات المؤثرة والمقربة لصانع القرار الأوحد ، فبين الحين والآخر يعود السؤال الحائر ليتردد داخل أروقة القصر الرئاسي : ما الذي جنيناه من الإسلام السياسي ؟

صحيح أن الذين يطرحونه لا يزالون قلة، إلا أنهم يتزايدون ويتمددون شيئا فشيئا، وهناك من يزعم أنه لولا الخشية من بطش الرئيس لجهروا صراحة بأنهم باتوا يضيقون ذرعا بالإسلام السياسي الذي قزم دور بلادهم وجعلها منبوذة عربيا وأوروبيا ودوليا. ومع تباعد التعاطف الشعبي الذي فتر حماسه من استمرار احتضان البلاد لتلك الكيانات التي نبذتها أوطانها، اتسعت علامات الاستفهام فما الذي يريده اردوغان ؟ والى أين تسير تركيا ؟ وماذا عن الملاذ الأمن للإخوان المسلمين ؟ وماذا تبقى من الإسلام السياسي؟

واقعيا ثمة نفور يتعاظم ليس من هؤلاء فقط بل من الرئيس أردوغان شخصيا الذي «لا يريد من مواطنيه سوى السمع والطاعة» يعزز ذلك أن الإرث العلماني الذي بذل الغالي والنفيس من أجل إقتلاعه ما يزال يشكل أحد اكبر المشكلات والتحديات التي تواجه إيديولوجيات الإسلام السياسي، وفي القلب منها جماعة الأخوان، التي يسوقها هو وحزبه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق