رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قمة الكبار.. بين عناد ترامب والغضب الأوروبى

ايمان عارف
إحدى جلسات قمة مجموعة السبع

وسط أجواء دولية من الترقب انتظارا لما ستسفر عنه القمة التاريخية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، شهدت مقاطعة كيبك الكندية قمة أخري لم تخل من التوتر والخلاف، وهي قمة السبع الكبار التي استمرت علي مدي يومين، وشهدت قبل بدء أعمالها قدرا هائلا من اللغط بسبب السياسة الحمائية الأمريكية التي أصرت ادارة الرئيس ترامب علي تنفيذها وفرضت بموجبها تعريفات جمركية علي وارداتها من الصلب والألمونيوم، ما أعتبر نذيرا بنشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة وحلفائها.

وكما سبقت الخلافات عقد القمة، كان ختامها أيضا مثارا لخلافات أوضح، خاصة بعد تغريدة الرئيس ترامب الذي غادر كندا مبكرا متوجها لسنغافورة استعدادا للقاء الزعيم الكوري الشمالي، والتي أعلن فيها أنه وجه ممثلي بلاده بعدم التوقيع علي البيان الختامي للقمة، بعد التصريحات المغلوطة حسب قوله لرئيس وزراء كندا « جاستن ترودو» الذي اتهمه بالضعف وعدم النزاهة، بسبب إصرار كندا علي فرض رسوم جمركية هائلة علي المزارعين والعمال الامريكيين، مؤكدا أنه أبلغ قادة العالم أن بلاده ستتخذ أي خطوات ضرورية لمنع ممارسات التجارة الحرة غير العادلة ضد بلاده، الأمر الذي أوضح مدي الهوة التي تفصل بين الولايات المتحدة وحلفائها الاوروبيين وكندا.

والواقع أن العديد من المراقبين توقعوا مجريات هذه القمة قبل أن تبدأ، خاصة وأن ترامب ـ آخر الواصلين للقمة وأول المغادرين لها- بدا عازما علي فرض أجندته علي حلفائه وعلي تبني نهج المواجهة مع قادة العالم، لإصلاح ما يراه من وجهة نظره خللا في النظام الاقتصادي العالمي لا يخدم مصلحة بلاده، وهو أمر بدا واضحا قبيل مغادرته واشنطن حيث لم يكتف بشن هجوم علي قادة أوروبا وكندا، ولكنه زاد علي ذلك بالإصرار علي طرح فكرة ضرورة عودة روسيا للمجموعة مرة أخري بعد خروجها منها عام 2014 عقب أزمة شبه جزيرة القرم ليضيف لقائمة القضايا الخلافية بندا آخر لا يقل اثارة للجدل.

وهنا يشير هؤلاء الي أن القمة التي اشتمل جدول أعمالها علي خمس قضايا رئيسية هي النمو الاقتصادي الشامل والمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والسلام العالمى وتوفير فرص العمل في المستقبل والتغير المناخي، شهدت هيمنة للقضايا الاقتصادية، فضلا عن ملفات شائكة، فإلي جانب الطرح الأمريكي بعودة روسيا كان الموقف من الاتفاق النووي مع إيران بعد الانسحاب الأمريكي موجودا بوضوح علي مائدة الزعماء، وكذلك الموقف من اتفاقية باريس للمناخ. وهو ما دفع المراقبين لاعتبار القمة أول مواجهة جماعية لترامب مع قادة الدول الست الأخري في المجموعة، وهي بريطانيا وفرنسا وايطاليا وألمانيا وكندا واليابان، منذ أن فاجأ حلفاءه بفرض الرسوم الجمركية الأخيرة.

ومع ذلك فقد كان من اللافت أن الدول الاوروبية وكندا لم تقف موقف المتفرج، بل حرصت علي الظهور كجبهة موحدة في مواجهة الضغط الأمريكي، ففيما يخص عودة روسيا حرصت الدول الاوروبية علي تأكيد موقف مشترك وهو رفض عودة روسيا مع الانفتاح علي اجراء حوار مع الرئيس بوتين لتغيير سياسة بلاده، وذلك بالرغم من تضامن رئيس وزراء ايطاليا جوزيبي كونتي مع دعوة ترامب. أما فيما يخص التعريفات الجمركية الاخيرة، فقد حرص قادة أوروبا كذلك علي اظهار موقف موحد لاقناع ترامب بعدم استهداف قطاعات صناعية اخري باجراءات حمائية، كما أكدت كندا من جانبها علي ان الاجراءات الامريكية الاخيرة غير قانونية وسيقابلها اجراءات مماثلة وحدد رئيس وزرائها تاريخ الاول من يوليو المقبل لتنفيذ قراراته .

ولكن رغم أجواء التصعيد فقد حرصت بريطانيا علي حث الاتحاد الاوروبي علي أن تكون اجراءاته وخطواته محسوبة ومتكافئة، وفي حين عبرت تريزاماي رئيسة الوزراء البريطانية عن معارضتها القوية للرسوم الجمركية الأمريكية، فقد سارعت لتوضيح أن أي رد فعل من جانب الاتحاد الاوروبي يجب أن يكون متناسبا وفي إطار القواعد القائمة، محذرة من مخاطر الدخول في حرب تجارية، وحثت الجانبين علي التركيز علي فائض انتاج الصلب في الصين.

لقد أظهرت القمة بما لا يدع مجالا للشك أن الولايات المتحدة وحلفاءها فشلوا في إخفاء انقساماتهم، رغم كل المحاولات التي بذلت لإصدار بيان ختامي مشترك يغطي الانقسامات حول التجارة، رغم تصريحات ترامب قبل مغادرته القمة بأنه أجري مباحثات بناءة من أجل إقامة مبادلات تجارية متوازنة ودعوته لإقامة منطقة تبادل تجاري حر رغم أنه هو الذي بادر بفرض الرسوم الجمركية محل الخلاف. ولكن يبدو أن رغبة ترامب في فرض برنامجه علي الجميع تغلبت في النهاية علي رغبته في التهدئة، ليعلنها في النهاية صريحة وواضحة بأنه لن يسمح لأي دولة بفرض تعريفات أو وضع حواجز وقيود علي بلاده، قائلا إنه في حالة اندلاع أي حرب تجارية، فإن الولايات المتحدة ستكسبها بالتأكيد.

ويبقي في النهاية أن روسيا وبضغط من ترامب اعتبرت الغائب الحاضر في هذه القمة، رغم التصريحات الواضحة من الجانب الروسي بأنها لم تكن الطرف الذي قرر الخروج ولم تطالب بالعودة، معتبرة أن مجموعة العشرين هي الأنسب لها في الوقت الحالي، ومؤكدة على إهتممها فى الوقت الحالى بالتقارب مع الصين والهند وإيران، حيث يلتقي هؤلاء الزعماء حاليا في قمة شنغهاي للتعاون.

 

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق