لماذا جاء اختيار سنغافورة دون غيرها لعقد القمة التاريخية بين دونالد ترامب وكيم جونج أون؟
الإجابة لها أكثر من شق : فهناك مبررات قوية، سياسيا، ودبلوماسيا، وأمنيا، وتنظيميا، وإعلاميا، وجغرافيا، لتكون الوجهة الأمثل لاستضافة هذا الحدث العالمي.
سياسيا، تشتهر سنغافورة، تلك المدينة العاصمة، أو المدينة الدولة، بسياساتها المحايدة والمستقلة تجاه مختلف القضايا الدولية والإقليمية، ولذلك يطلق عليها لقب “سويسرا الآسيوية”، وموقفها من الأزمة الكورية الشمالية على وجه التحديد موقف حيادي معتدل للغاية، فهي لا تميل كل الميل إلى الموقف الأمريكي المتشدد حيال نظام بيونج يانج، ولا إلى تأييد الجانب الكوري الشمالي في امتلاك أسلحة نووية، أو في تهديد جيرانه.
ودبلوماسيا، تتمتع سنغافورة بميزة مهمة، وهي أنها ترتبط بعلاقات استراتيجية قوية مع الولايات المتحدة، وخاصة على المستويين الاقتصادي والعسكري، كما أن بها سفارة لكوريا الشمالية، وتعد كذلك وجهة مناسبة للصين.
وأمنيا، تعد سنغافورة واحدة من أكثر مدن آسيا، بل والعالم كله، من ناحية التأمين، والقدرة على استضافة المؤتمرات الإقليمية والدولية بسلام وهدوء، ولديها بنية تحتية أمنية متميزة مقارنة بأي دولة آسيوية أخرى، يساعدها في ذلك أنها دولة متقدمة اقتصاديا، وليست نامية، ولا فقيرة.
وتنظيميا، تمتلك سنغافورة ترسانة قوانين ونظم تجعلها واحدة من أفضل دول العالم من حيث النظام والانضباط وحماية البيئة، ويمكن الوثوق في أجهزتها الأمنية بشكل عام، ولذلك يطلق عليها اسم «حصن القانون والنظام».
وتجدر الإشارة هنا إلى أن معدل الجريمة في سنغافورة منخفض بشكل عام، حتى وإن كان ذلك على حساب الحريات، وبين الحين والآخر، تبث وسائل الإعلام الأجنبية تقارير وأخبارا عن محاكمة أو حبس سائحين أو أفراد عقابا لهم على إلقاء عقب سيجارة في أحد الشوارع، أو بسبب الكتابة على الجدران، أو غير ذلك.
وإعلاميا، تتمع سنغافورة بفرض قيود صارمة على وسائل الإعلام والصحافة لديها، بما يجعلها قادرة على ضبط تحركات وتصرفات الإعلاميين الذين سيفدون من مختلف دول العالم لتغطية هذه القمة ذات الطابع الخاص، دون فرض مضايقات على الوفود المشاركة في القمة، وبخاصة الوفد الكوري الشمالي الذي لم يعتد على مواجهة هذه الأحداث المهمة ذات التغطية الصحفية على الطريقة الغربية.
أما جغرافيا، فيكفي أن نعرف أن كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية نادر الانتقال إلى خارج بلاده، ولذلك، كان من المستحيل ترتيب مسألة انتقاله إلى أي دولة أخرى خارج بلاده، باستثناء ثلاث مناطق، الأولى هي المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين، كما حدث في قمته مع نظيره الكوري الجنوبي مون جاي ين، والثانية هي الصين، والثالثة هي سنغافورة، وتم استبعاد الخيار الأول للقائه مع ترامب لأسباب أمنية، والخيار الثاني لأسباب سياسية.
رابط دائم: