أكتب إليك مشكلتى، وأملى أن تساعدنى فى حلها حتى أخرج من الدوّامة التى أدور فيها، ولا أجد منها فكاكا، فأنا شاب فى السابعة والعشرين من عمرى، وأنتمى لعائلة كبرى بالوجه البحرى، ولم تعرف العلاقات العاطفية طريقها إلىّ، وانصبّ اهتمامى على دراستى، ولم أكن وحدى بهذه الحال، وإنما شاركنى فيها أيضا أصدقائى، فأغلقوا قلوبهم أمام «الحب»، واتجهنا إلى الأنشطة الطلابية، ووجدت فرصة لممارسة هوايتى فى الكتابة الصحفية من خلال نادى الصحافة بالجامعة، وبعد تخرجى فى كليتى، بذلت جهودا مضنية لكى تكون هوايتى هى وظيفتى، والتحقت بجريدة المحافظة مراسلا لمنطقتنا، ثم انتقلت إلى جريدة أسبوعية، وشغلنى العمل العام فى قريتنا إلى أن حلّت الانتخابات البرلمانية عام 2015، وقد نجح فيها مرشح القرية المجاورة لنا، وخشيت أن يتجاهل مطالب قريتنا، خصوصا أن قريته تتبعنا، ويدرس أبناؤها فى مدارس قريتنا الموجودة بها أيضا كل المصالح الحكومية، فأصبحت أبرز المعارضين له، ودشنت حملة لسحب الثقة منه، وقد انتشرت بسرعة البرق على مواقع التواصل الاجتماعى، ولاقت استجابة كبيرة من الشباب والأهالى، وانتقلت من الـ «فيس بوك» إلى أرض الواقع، وجمعنا توقيعات كثيرة على استمارات سحب الثقة منه.
وقد لاحظت على إحدى مجموعات «فيس بوك» تفاعل ابنة النائب، واهتمامها بالمشاركة السياسية والعمل العام، وسرعان ما تذكرتها، حيث كانت زميلتى بالمدرسة الثانوية فى قريتنا، وأردت أن أخبرها بأن اختلافى مع أبيها سياسى، وليس خلافا شخصيا، وأننى أكن له كل الاحترام والتقدير لمكانته العلمية وأخلاقه الطيبة، وسيرته الحسنة، فضلا عن أصالته، فهو من عائلة كبيرة، وأردت أن أخبرها كذلك بأننا أوقفنا الحملة بعد أن أصبحت ملتقى للمرشحين الخاسرين، فلقد عرض رجل أعمال من بين الخاسرين فى الانتخابات أموالا على شباب الحملة بحجة دعمها، فأدركنا أننا سنكون أداة لتحقيق أهدافه هو وغيره.
المهم أننى اتخذت الخطوة التى أردتها برغم خجلى الشديد، وناقشت معها أهداف حملتنا، فوجدتها تتفق معى فى بعضها، وعرفت أنها تعد رسالة ماجستير فى نفس الجامعة التى بدأت فيها دراستى العليا، ووجدتنى أمام الفتاة التى أحلم بها، ففيها كل الصفات الحلوة، وتتمتع بعقلية رائعة، وشعرت بأنها تبادلنى المشاعر نفسها، وإن لم تعبر عنها فى حديثها معى لعدم وجود الإطار الشرعى الذى يتيح لها ذلك.. إننى أريد أن أتقدم لخطبتها، ولكنى شاب فى مقتبل حياتى العملية، وأعمل بشركة ليست كبيرة، بجانب عملى الصحفى الذى ليس له عائد مادى منه حتى الآن، أما هى فتعيش فى وسط مادى مرتفع، وليس الفارق المادى وحده هو الذى قد يحول بيننا، ولكن أيضا معارضتى الكبيرة لوالدها الذى لم يتفهم موقفى منه، وأخشى أن أتقدم إليها فيرفضنى، ومن ثم أخسرها، وفى الوقت نفسه أتعرض للتهكم والسخرية من أهالى المنطقة، فهل يمكنك ـ يا سيدى ـ أن توجه رسالة إلى أبيها عسى أن يلين قلبه تجاهى؟.
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
من الواضح أنك تعانى حالة اضطراب شديدة، إذ لم يكن دافعك إلى اتخاذ موقف معاد لوالد زميلتك، سوى محاولة للفت الأنظار إليك، وبمجرد أن ظهرت إبنة هذا النائب لك وبادلتك الكلام عبر «الانترنت»، فإنك أوقفت حملتك ضده بحجج واهية، منها أن الخاسرين فى الانتخابات يحاولون النيل من النائب الفائز بتمويل حملة لتشويه صورته، ثم إننى لا أدرى كيف حكمت على مشاعرها نحوك من مجرد «دردشة» عامة على الانترنت، أو حتى وجها لوجه، ولم تتطرقا فى كلامكما معا إلى مسائل الحب والزواج؟
إن سردك قصتك لا يوحى بأن الزيجة التى تسعى إليها سوف تتم على النحو الذى تريده، ومهما وجهت إلى والد الفتاة من كلمات، فإنها لن تزيد على كونها «كلمات للترضية» وجبر الخاطر، ولا تصلح أساسا لزيجة مستقرة وناجحة، وما أنصحك به هو أن تخطو خطوات ملموسة فى حياتك العملية فى العمل واعداد عش الزوجية، وفى الوقت نفسه تناقش مسألة الزواج مع أهلك، وتستعين بأختك أو إحدى قريباتك للقاء الفتاة ومعرفة رأيها فى الارتباط بك، وما إذا كان هناك أحد فى حياتها أم لا، فإذا وجدت فى نفسها قبولا لك، فسوف تخبر والدتها بما يحمله قلبها من مشاعر لك، ومن ثمّ يعرف والدها برغبتك، ويزن الأمور بميزانها الصحيح، وحينئذ عليه أن ينحى جانبا مسألة الخلافات السياسية، وينظر فى أمر زواج ابنته من منظور راحتها النفسية والأسرية، وأسأل الله لكما التوفيق والسداد.
رابط دائم: