عشت هذا العام تجربة فنية وإنسانية رائعة حيث شرفت برئاسة تحكيم مهرجان مسرح جامعة القاهرة للعروض القصيرة وزاملنى فى لجنة التحكيم المبدعون حازم شبل ووليد الشهاوى وهايدى عبد الخالق ومناضل عنتر ثم تشرفت هذه الأيام برئاسة تحكيم مسرح جامعة عين شمس وزاملنى المبدعون مجدى صبحى وفادى فوكيه, كما شاهدت بعض عروض جامعات خاصة وأستطيع أن أؤكد بكل وضوح أن جيلا من الشباب الموهوب الواعى يستطيع أن يعيد النور إلى كل مسارح الدولة وينافس العروض الاحترافية بل ويتفوق على الكثير منها، ولعلنا لا ننسى أن «سلم نفسك» التى شاهدها السيد رئيس الجمهورية وأثنى عليها هى فى الأصل مسرحية نتجت عن ورش الارتجال الجماعى لطلاب يدرسون فى مركز الإبداع الفنى تحت إشراف خالد جلال ومعظمهم فى سن طلاب الجامعات
ولعلى أقف بداية عند اختيار طلبة عين شمس لنصوص رائعة بعضها كلاسيكى مثل زيارة السيدة العجوز لدورينمات وحلم ليلة صيف لشكسبير وبعضها لمؤلفين مصريين مثل آخر ساعة فى حياة الكولونيل لعيسى جمال و8 غرب لمحمود نصار وثلاثة عروض لمحمود جمال هى هانيبال وسبارتاكوس واليوم الأخير وهو من كتاب المسرح اللامعين، وقدم له الطليعة من قبل عرض يوم أن قتلوا الغناء، ومحمد زكى صاحب مسرحية ورحل التى تتناول ثورة يوليو فى عيون الملك فاروق برؤية إنسانية شديدة العذوبة وتعكس وعيا سياسيا وقراءة متأنية لتاريخ تلك المرحلة دون انحياز سياسى يفسد الفن.. وأقف وقفة أخرى عند مسرحية تحمل عنوان «الجانب الآخر من المحيط» والمأخوذة عن عرض آخر ساعة فى حياة الكولونيل والتى يقدمها حاليا المخرج القدير ناصر عبد المنعم على مسرح الغد بعنوان الساعة الأخيرة ولكن المخرج الشاب صلاح إيهاب قد أضاف للنص الأصلى جانبا إنسانيا شديد الرقة والعذوبة كما أضاف تفاصيل صغيرة فى طفولة الطيار الأمريكى الذى تسبب فى تدمير مدينة هيروشيما واستطاع أن يرسم بعدا نفسيا للشخصية يجعل لتصرفها المتهور فيما بعد منطقا دراميا.. أما عن جوانب التمثيل فالعناصر المبدعة أكثر بكثير من عدد الجوائز المتاحة.. ولعل وجود عدد كبير من نجوم المسرح المصرى الشباب يحرصون على حضور هذه العروض وأغلبهم من خريجى جامعة عين شمس ما يؤكد أن الرابط بين تلك الأجيال هو الشغف بالفن والحنين لخشبة مسرح الجامعة التى شهدت خطواتهم الأولي.. لكن العناصر السلبية والمؤلمة إلى حد كبير هى نسيان عدد كبير من الكليات تقديم النشيد الوطنى قبل بداية العرض وهو إهمال لا يقبل من جانب الطلبة ولا من جانب الأساتذة المشرفين وعمداء الكليات فما قيمة أن يتخرج طالب متفوق وموهوب ولم يتعلم قيمة الانتماء لأرضه ووطنه؟! والشئ الثانى الذى يوجع القلب هو كثرة أخطاء اللغة العربية خاصة لكليات ينتظر منها أن تكون قدوة فى نطق اللغة العربية مثل التربية والحقوق وأتصور أن إصلاح اللغة العربية مشروع قومى مهم يجب أن تسهم فيه مؤسسات عديدة من بينها الإعلام.. ولعلى أطمئن تماما على مستقبل المسرح الجامعى والمسرح المصرى بشكل عام عندما أدعى فى القريب إن شاء الله لمشاهدة عروض جامعة الأزهر الشريف.
رابط دائم: