رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

طهران .. و«نعيم» الاتفاق

شريف سمير

لا يمكن الحديث عن فوائد أو أضرار التطورات المرتقبة لما بعد القرار الأمريكى بشأن الاتفاق النووي، دون أن تكون إيران فى بؤرة الضوء إذا ما أردنا استقراء المستقبل وبناء التوقعات على أسس ومعطيات سليمة.

وما ذكره الرئيس الإيرانى حسن روحانى حول مكاسب بلاده من الاتفاق التاريخى عندما قال «إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ولا ١٠ من أمثاله يستطيعون انتزاع هذه المكاسب»، كان الرد الشافى من طهران بأنها عاكفة على حماية الاتفاق من تهديدات واشنطن الأخيرة باتخاذ إجراءات جديدة ضد إيران قد تصل إلى حد «تمزيق الصفقة» على حد تعبير الملياردير المغامر فور توليه السلطة مباشرة.

فماذا جنت إيران من وراء الاتفاق؟

.. داخليا، استفاد نظام روحانى من هذا الإنجاز فى رفع العقوبات المفروضة على صادرات البترول والاستثمارات الأجنبية، ليحقق بذلك وعدا انتخابيا قدمه قبل ولايته الأولى عام ٢٠١٣ عندما حاول الوفاء ببرنامجه الذى كان قائما على تحسين الأوضاع الاقتصادية المتردية للبلاد ومعالجة العجز الرهيب فى الموازنة، فى ظل قناعته بأن الهدف لن يتأتى إلا من خلال الانفتاح على الغرب ومحاولة رفع العقوبات التى كانت مفروضة منذ عام ١٩٩٨ على أغلب القطاعات الاقتصادية للبلاد.

ونجاح الحاكم يبدأ باختيار معاونيه ورجاله فى العمل السياسي، وبمجرد أن عزز روحانى من ثقته فى وزير خارجيته جواد ظريف وأسند إليه ملف التفاوض النووى بعد سحبه من المجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى الذى يقوده المحافظ سعيد جليلي، تغير شكل العلاقات الإيرانية ـ الخارجية، خاصة بالقوى الكبرى، وهو ما اعترف به جون لامبيرت، وهو نائب سابق لمساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون إيران، عندما قال : «عندما بدأ ظريف وفريقه المفاوضات فى ٢٠١٣ تغيرت الأجواء فى الغرفة تماما».

ودخل الاتفاق حيز التنفيذ ١٦ يناير عام ٢٠١٦، وسرعان ما هرولت الشركات التجارية الأوروبية العملاقة على إيران وأبرمت معها عشرات الصفقات التجارية كان آخرها وأضخمها صفقة تطوير المرحلة الحادية عشرة من حقل «بارس» الجنوبى الذى تم منح امتيازه إلى شركة «توتال» الفرنسية بـ٤٫٨ مليار دولار، وبدت تفاصيل الاتفاق فرصة ذهبية للإفراج عن مليارات الدولارات المجمدة فى أرصدة إيران الخارجية واسترداد هذه الأموال لتوظيفها فى تسوية المتاعب الداخلية التى أرهقت اقتصادها لأكثر من ٢٠ عاما، علاوة على رفع الحظر الجوى عن الطيران الإيرانى وخطوط الملاحة والمؤسسات الأخرى والأشخاص.

كما ارتفع «نعيم» الاتفاق سقف طموحات روحانى إلى إمكانية الحصول على استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة ٥٠ مليار دولار، غير أن تلك الاستثمارات، وفقا لتقارير دولية، لم تتخط ٣٫٤ مليار دولار، نظرا لأن ثمة أطرافا فى المعادلة لا تزال فى معسكر الرافضين للاتفاق وتتربص ببنوده، حيث ظهر الموقف الأمريكى فى عهد ترامب مخيبا لآمال إيران فى قطف «ثمرة» الصفقة النووية، بعد توقيع عقوبات على الإدارة الإيرانية والحجز على عقارات مملوكة للحكومة تقدر بـ٥٠٠ مليون إلى مليار دولار فى نيويورك فقط.

وأمام تعنت إدارة ترامب، تحول السيناريو إلى معاناة نظام روحانى - رغم فوزه بولاية ثانية فى ٢٠١٧- من مشكلات هيكلية فى إدارة قطاعات اقتصاد الدولة الحساسة، وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي، الأمر الذى دفعه مرتين إلى رفع الدعم عن الطاقة، وزيادة أسعار السلع الغذائية، فضلا عن معدلات البطالة والتضخم المتراكمة التى راهن روحانى على لعبة «استثمارات ما بعد الاتفاق» لعلاج أزماتها المتكررة، وبالتالى من المستبعد أن تغض إيران البصر عن محاولات الولايات المتحدة لإلغاء الاتفاق النووى ولن تستسلم لإرادة ترامب فى حرق الصفقة التى فتحت طريق الأمل لتعيد طهران ترتيب أوضاع بيتها من جديد.

أما على المستوى الإقليمي، فقد وفر بند مهم وحيوى من الاتفاق النووى القدرة لإيران على شراء بعض التقنيات والآلات العسكرية ذات الاستخدام المزدوج، ورفع حظر الأسلحة عن إيران لتتمكن من استيراد وتصدير السلاح، ولعل هذا الشق هو الذى غذى «شراهة» الثعلب الإيرانى فى حروب الوكالة الشرسة فى اليمن وسوريا والعراق، خصوصا مع ما فرضه الاتفاق من هدوء العاصفة مع الغرب من ناحية، وتفرغ إيران للأجواء الإقليمية الملتهبة بما يخدم استراتيجيتها وأهدافها فى بؤر الصراع من ناحية أخرى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق