رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الإبداع

د. يحيى عبدالتواب

يسعدنى هنا تناول بعض المفاهيم الأساسية فى مجال الفن، التى من شأنها مساعدة القارئ على تحديد بعض المعانى المتداولة فى الكتب والصحف ووسائل الإعلام والإنترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي، والتى اتسعت دائرة استخدامها فى السنوات الأخيرة. وقبل تناول أى مفهوم، أود تأكيد أن الحضارة المصرية القديمة هى المؤسسة لكثير من الأنشطة والممارسات الحضارية التى انتشرت عبر الزمن فى بقاع الأرض، ثم أدلى كل شعب بدلوه فيما بعد، مطورا ومضيفا. فلم يعد هناك ملكية خالصة نقية لأى من هذه الأنشطة تعود لأى شعب بالتخصيص دون غيره، إذ إنه باستثناء المبادرات التى تنتسب للمكان والزمان المحددين أصبح النتاج الحضارى إنسانيا بكل ما تتضمنه هذه الكلمة من معني. ويعتبر موضوع اليوم مدخلا لمعنى الإبداع. ولعل البشرية عاشت دهرا تمارس فيه الصراع مع العالم المحيط من أجل البقاء فحسب. وإن كانت هذه المحاولات فى بادئ الأمرـ تنحصر فى إطار القدرة على التكيف مثل جميع الكائنات الحية، فقد ارتقى الإنسان عن كل هذه الكائنات بالانتقال إلى تكييف العالم المحيط به لصالحه. فى تلك اللحظة بالذات، بدأ الإبداع، فهو ما يميز الإنسان عن بقية الأحياء. ونقصد هنا بالإبداع معناه الواسع، وهو الإتيان الواعى بما لم يكن. ويتجلّى الإبداع فى ابتكار الوسائل التى بها يتم التغلب على الصعاب لتحقيق هدف محدد. كما ينسحب مفهوم الإبداع على كل الأنشطة الإنسانية المختلفة، توفير ظروف أفضل للحياة والفن والأدب والتفكير الفلسفى والمنهج العلمي. ولم يكن لهذه المجالات أن تحظى بفرصة التطور، إلا بتقسيم العمل. وفى عصرنا الراهن، نرى كيف انقسم العمل إلى تخصصات أدق فأدق وكيف أنه لا توجد نهاية لهذا التقسيم، الذى يضمن التطور المستدام.

وكثيرا ما تصادفنا شروح، لا تفصل بين مفاهيم الإبداع والجمال والفن والأدب. الخ. وقد يتاح لنا هنا لاحقا التعرض لمثل هذه المفاهيم فى محاولة لتوضيح حدودها وإلقاء الضوء على علاقات التداخل والاحتواء فيما بينها.

ولعل محاولة فصل الفن عن مجمل مجالات الأنشطة الإنسانية، وإن كان عملا صعبا، بل مستحيل، إلا أننا لسنا بحاجة إليه أصلا. هل يمكن للفن، بصفته تجسيد جمالى لصياغة تستلهم من الواقع المحيط عناصره، أن ينفصل عن هذا الواقع؟ وحتى وإن لم يكن الفن يستلهم عناصر من الطبيعة والمجتمع بشكل مباشر، فهل يمكنه أن يتجاهل تماما الواقع الفلسفى والعلمى بل التكنولوجى (تطبيقات نتائج العلم فى الحياة)؟ هل يمكن للخيال أن يخلق عالما من عناصر غير مستلهمة من الواقع؟ إن كل ما فى الحياة هو مزيج من عناصر متعددة ومتداخلة لدرجة يكاد يستحيل معها ردها إلى وجودها الأولى إلا بجهد مضن فى معمل هائل وفى زمن قد لا تستوعبه حيواتنا.

إذن. بتناولنا مفاهيم الفن، إنما ننساق، أردنا أو لم نرد، إلى الاقتراب وملامسة وسبر أغوار بعض المفاهيم فى كل من الواقع المادى من طبيعة ومجتمع وكذلك فى الواقع الروحى من فلسفة وعلم وخيال.

لا شك أن التوقف عند الإبداع فى الفن بشكل خاص، يحتاج إلى التفريق بينه وبين الإبداع فى غيره. وهذا ما ننوى تناوله لاحقا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق