ضحاياهما من المعلنين عن سرقة سياراتهم على الإنترنت..
قصة سقوط «عصابة الزوجين» بالإسكندرية

إنها صدمة كبيرة قد تزلزلك عندما تنزل من بيتك أو مقر عملك أو أى مكان آخر صباحًا أو مساءً، فتتوجه إلى حيث تركت سيارتك، ثم إذا بك لا تجدها فى مكانها الذى تركتها فيه بعد أن أحكمت إغلاقها.

ماذا سوف ستفعل، بعد أن تتيقن من أنها سرقت، سوى أنك ستبلغ الشرطة وتتخذ كل الإجراءات المتبعة؟!

ولابد كعادتك، أنك سوف تنشر ما حدث معك كما تفعل فى أدق تفاصيل أحداث حياتك اليومية على صفحتك بموقع فيسبوك، ولكن احترس ــ لو كنت نشرت خبر سرقة سيارتك على صفحتك على موقع فيسبوك أو أى مواقع أخرى على الشبكة العنكبوتية ــ، من مثل هذين الزوجين، فأنت عرضة لأن تكون ضحية لمثل هذا التشكيل العصابى الذى كونه الشاب ذو الواحدة والثلاثين من العمر ويدعى «أ. م.ح» مع شريكته فى العصابة وكذلك شريكة حياته «هـ. ص.ع» والتى تزوجها على أثر قصة حب عنيفة حلما فيها بتكوين ثروة كبرى تتيح لهما تحقيق كل ما يحلمان به.

فقد كان الزوجان يدخلان يوميا على شبكة الإنترنت خاصة فيسبوك، ذلك الموقع الصاخب الذى لا ينام، فيبحثان عن الذين ينشرون على صفحاتهم أخبارا عن سرقة سياراتهم لاسيما من يعلنون عن مكافآت لمن يدل عليها، فإن لم يجدا بغيتهما على فيسبوك، تجولا بين المواقع الأخرى التى يمكن أن تنشر أخبارا عن المفقودات.

ولأن الزوجين يعرفان تماما أن الصدمة الحزينة بسرقة سيارة من صاحبها لن يعالجها سوى صدمة الفرحة بالعثور عليها، كانا يتخيران أصحاب السيارات الفارهة لعلمهما بتيسر المال معهم فيدفعون أكثر، ومن هنا يبدأ الزوجان تنفيذ الخدعة بالاتصال عبر الموقع بصاحب السيارة ويزفان البشرى إليه بأن سيارته، التى يتلهف على للعثور عليها، قد وجدت وهى موجودة عندهما فى «الحفظ والصون» وبالطبع يريدان «حلاوتها» وحلاوتها هو اللفظ المخفف للفدية أو الإتاوة.

وكان الزوجان يتمتعان بذكاء حاد فى التمويه الذى يضمن ألا يصل إليهما أحد أو يتمكن من إبلاغ الشرطة، فقد كانت لديهما أساليب إقناع بأن السيارة المسروقة لن تعود إلى صاحبها أبدا لو حاول الإبلاغ عنهما، كما تتوالى العبارات المعسولة على آذان صاحب السيارة «نحن لسنا سوى وسطاء خير» و»احمد ربنا أننا وجدنا عربيتك» و»ماذا يساوى مبلغ تافه بجانب ثمن سيارتك الباهظ».

وكان الاتفاق يتم على إرسال مبالغ «الحلاوة» عبر حوالات بريدية كوسيلة أكثر ضمانا من اى طريقة أخرى، فهما لن يقعا فى خطأ، يمكن أن يؤدى إلى أول خيط يقود إلى سقوطهما!.

الأمر العجيب أن بعض أصحاب السيارات المسروقة كانوا يسلمون لهما بذلك ويبدأون فى إرسال المبالغ التى يتم الاتفاق عليها، بناءً على ما تحدده الزوجة التى كانت تتولى عملية المساومة.

وتبلغ عنوان مكتب البريد الذى ستتلقى عليه الحوالة باسمها.

وكان هذا هو الخطأ الذى سقطت فيه «عصابة الزوجين» إذ تعددت الحوالات بالاسم نفسه.

وبينما كان ضحايا سرقة السيارات يجمعون المبالغ لإرسالها، كان الزوجان يسرحان بخيالهما وهما يسيران على كورنيش عروس البحر المتوسط، يحسبان ما يمكن حصاده من أموال نتيجة التخطيط الجهنمى، بينما يمرح خيالهما فيما وراء البحر،حيث تبدأ رحلات تحقيق الأحلام هناك!. وبالفعل بدأت الحوالات البريدية تتوالى على مكاتب بريد مختلفة فى عدة أماكن متباعدة بمحافظة الإسكندرية.

وكانت بمبالغ تتراوح ما بين 20 ألف جنيه و30 ألف جنيه.

فمن الفترة من نوفمبر 2017 وحتى أوائل الشهر الماضى توالت أكثر من عشر حوالات على مكاتب متباعدة فى الإسكندرية باسم الزوجة التى تذهب بصحبة زوجها لتقبض المبالغ المحولة، لكنها لم تكن تعرف أن هذا التكرار لفت انتباه رجال مباحث البريد بقطاع غرب الدلتا، فترصدوا لكشف السر حتى وصلت الحوالة الأخيرة من أحد الضحايا إلى الزوجة التى ذهبت كعادتها لصرف الحوالة، إلا أن فريق البحث الذى امر به اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن العام من ضباط الامن العام وضباط مباحث البريد، كانوا فى انتظارها عندما حضرت مع الزوج، حيث كانت المفاجأة لتجد الضباط فى المكتب.

ومن خلال مناقشتهما، تكشفت الحقائق، حيث أمر اللواء قاسم حسين مساعد وزير الداخلية لشرطة النقل والمواصلات واللواء حسنى عبد العزيز مدير مباحث النقل والمواصلات، بتتبع الحوالات التى تبين أنها جميعا مصدرها أصحاب سيارات تمت سرقتها وجميعهم استسلموا لوهم إمكان عودة سياراتهم التى يحلمون بلحظة عودتها، بينما فى الحقيقة، لم يكن الزوجان يعرفان عن السيارات أكثر مما نشره أصحابها على مواقع الإنترنت.