أعرب أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية أن قناعته بأن قضية فلسطين التى تمثل القضية المركزية العربية شهدت انتكاسة رئيسية تمثلت فى الإعلان الأمريكى غير القانونى بشأن مصير القدس، إلا أن الجهد العربى نجح فى حشد موقف دولى مناوئ للطرح الأمريكى الذى انحرف عن طريق الحياد مشددا على ضرورة بذل مزيد من الدعم السياسى والمادى لتمكين الفلسطينيين من الصمود أمام مخططات تصفية قضيتهم واختزال حقوقهم السامية فى الحرية والدولة المستقلة فى مجرد حفنة من الامتيازات الاقتصادية.
وأشار أبو الغيط - فى كلمته فى الجلسة الافتتاحية لقمة الظهران - إلى أن دعم رؤية الرئيس محمود عباس يُعد أمراً ضرورياً حتى تشعر إسرائيل ومن يوالونها بأن العرب لا يزالون يقفون بقوة مع أهل فلسطين، مؤكدا أن محاولات شق الصف أو إشاعة الفرقة بينهم لن تفلح فى تحقيق أهدافها الخبيثة لكنه شدد على ضرورة أن تبقى الوحدة الفلسطينية المنشودة هدفاً محورياً ومُلحاً تأخر إنجازه وطال انتظاره، رغم الجهود الكبيرة التى بُذلت فى هذا المضمار.
وتطرق أبو الغيط إلى الوضع فى سوريا مشيرا إلى أن شعبها دفع ولا يزال، أبهظ الأثمان، فى النفس والكرامة والمال، على مدى سنوات سبع لم يجن فيها سوى الخراب والدمار وتفتيت السيادة الوطنية، وتصاعد الافتئات الأجنبى على أراضيه ووحدة ترابه محملا فى هذا الصدد النظام السورى مسئولية كبرى عن انهيار الوطن وتهجير الشعب وإهدار الاستقلال - محملا فى الوقت نفسه- لاعبين إقليميين ودوليين يسعى كل منهم إلى تحقيق أهداف سياسية واستراتيجية على جثث السوريين وعلى أنقاض أحلامهم فى حياة طبيعية داخل وطنهم، مشيرا فى هذا السياق إلى تساقط الصواريخ والقذائف -المحلية والأجنبية- على رءوسهم لتذكرهم بأن تطلعاتهم المشروعة فى استعادة وطن حر وآمن لكل مواطنيه، لا تزال بعيدة مع الأسف، معربا عن أمله فى أن يستعيد حكماء العرب زمام الموقف.. وأن تتمكن الدول العربية من صياغة إستراتيجية مشتركة تسهم فى الدفع بالحل السياسى على أساس مسار جنيف والقرار 2254، وبما يحقن دماء السوريين ويعيد إليهم الأمل فى بناء وطن جديد على أنقاض ما تم تدميره.
وانتقد أبو الغيط ما وصفه باستفحال التدخلات الإقليمية فى الشأن العربى حتى بلغت حدا غير مسبوق من الاجتراء.. وعلى رأسها التدخلات الإيرانية التى لا تستهدف خير العرب أو صالحهم موضحا أن اليمن يشكل مثالا بارزا على هذه التدخلات التخريبية وقال إن الإيرانيين استفادوا من هشاشة الوضع اليمني، ليحققوا مأرباً قديماً بالولوج إلى الساحة الخلفية للمملكة العربية السعودية. من خلال الإمساك بتلابيب اليمن منقلبين على الشرعية الدستورية ومشجعين بعض العصابات المارقة لتضرب عرض الحائط بكل القواعد السياسية والإنسانية حتى صارت الميليشيات التابعة لهم مصدراً لعدم الاستقرار داخل اليمن، وتهديداً لأمن السعودية والجوار.
ونبه إلى ضرورة وقوف العرب جميعاً وقفة واحدة والحديث بصوت موحد لإدانة هذا التخريب والتدمير والعدوان والتضامن مع المملكة العربية السعودية فى الإجراءات الجادة التى تقوم بها لصون أمنها ومصالحها وحماية مواطنيها.. وكذلك من أجل استعادة الاستقرار لهذا البلد بعد سنوات من الاحتراب والفوضي.
وتطرق أبو الغيط إلى وضع الجامعة العربية التى وصفها بأنها بيت العرب جميعاً لا تقوى إلا بهم وتضعف إن هم وهنوا أو تراجعت إرادتهم مشيدا بما يتلقاه دوماً من كلمات التأييد والمساندة من القادة العرب للجامعة ولأمينها العام لكنه أعرب عن تطلعه بأن يترجم هذا الدعم السياسى المُقدر إلى دعم مادى تشتد الحاجة إليه من أجل تمكين الجامعة من التحرك الفاعل والفعال فى مختلف الساحات والقضايا،مؤكدا ثقته بأن القادة العرب لن يقبلوا أن تنزوى الجامعة أو أن يهمش دورها ويتراجع تأثيرها بسبب ضغوط العجز المالى موضحا أن ما تم من تطوير فى أداء الأمانة العامة على مدى العامين الماضيين يُشجع على استكمال طريق تطوير الجامعة، أمانة ومنظومة، بما يُلبى طموحات الجميع فى منظمة فاعلة، راقية الأداء.
ودعا أبو الغيط إلى تجاوز السلبية والإحباط، فى العالم العربى على نحو يصرف الأنظار عن نقاط الضوء الكثيرة والمتعددة مشيرا فى هذا الصدد الى أن هناك دولا عربية تعج بعمل دءوب وخلاق لبناء تنمية مُستدامة حقيقية تخدم المواطن العربى وترتقى بمستوى معيشته وقال إنه يشد على الأيادى الشريفة التى تعمل على اقتلاع جرثومة الإرهاب من البلاد العربية مشيدا بالتضحيات الغالية التى تُبذل فى كل بلد عربى من أجل اجتثاث جذور هذه الآفة الخطيرة، بل تجفيف المنابع، المالية والفكرية، التى يتغذى عليها التطرف مؤكدا أن الإحباط فى مواجهة الأزمات ليس خياراً، وأن فسحة الأمل باقية ما بقيت الإرادة، وقد أثبت التاريخ أن وحدة العرب -إن هم أرادوا- أكبر من أى تحد.
رابط دائم: