تحت عنوان «آسيا منفتحة ومبتكرة من أجل عالم أكثر ازدهارا»، عُقِدت الدورة السابعة عشرة لمنتدى بوآو، فى الفترة من الثامن إلى الحادى عشر من شهر إبريل 2018، فى بلدة بوآو التى تقع بالقرب من مدينة تشيونغهاى الساحلية فى مقاطعة هاينان فى أقصى جنوبى الصين.
أطلق منتدى بوآو فى شهر فبراير سنة 2001، وعقد أول اجتماع له فى يومى الثانى عشر والثالث عشر من إبريل 2002.
يشارك فى منتدى بوآو، المعروف باسم «دافوس الصين»، شخصيات رفيعة المستوى حكومية وأكاديمية ومن دوائر الأعمال فى آسيا والقارات الأخرى لتبادل الرؤى حول القضايا الهامة فى آسيا والعالم. ويسعى المنتدى إلى تعزيز التكامل الاقتصادى الإقليمى والتقريب بين البلدان الآسيوية من حيث أهدافها التنموية، وفى مجالات الاقتصاد والمجتمع والبيئة وغيرها. ويتميز منتدى بوآو عن غيره من المنتديات العالمية المشابهة، بأنه أول منتدى يركز على آسيا وينظر إلى القضايا الاقتصادية العالمية الكبيرة برؤية آسيوية، ويعمق التبادلات الاقتصادية داخل آسيا وخارجها بواسطة الحوار والتبادل مع مناطق العالم الأخرى، أنه إكمال مفيد للمنظمات والمنتديات الأخرى، كما أنه شريك تعاون معها. وهو أول منتدى غير حكومى دعا إلى إقامته ممثلو 27 بلدا معا، وتدعمه حكومات البلدان المعنية، أنه يتسم بالشمول، إذ يضم دولا آسيوية بينها فروق كبيرة من حيث التنمية الاقتصادية، فمنها دول متقدمة اقتصاديا ودول غير متقدمة بشكل كاف، وتختلف فى عقائدها الدينية ونظمها السياسية.
صادف اجتماع منتدى بوآو هذا العام، الذكرى السنوية الأربعين لانتهاج الصين سياسة الإصلاح والانفتاح، لذلك أضافت هذه الدورة من المنتدى سلسلة من الموضوعات حول الصين، مثل إصلاح سوق رأس المال وتطبيع السياسة النقدية وتخفيض الضرائب وإنعاش الريف، من أجل مساعدة العالم على معرفة الصين فى العصر الجديد بشكل أفضل.
الرئيس شى جين بينج، الذى أعيد انتخابه فى مارس 2018، رئيسا للصين لفترة جديدة مدتها خمس سنوات، شارك فى اجتماع منتدى بوآو هذا العام، وألقى خطابا هاما فى العاشر من إبريل فى مراسم افتتاح المنتدى. وقد أثنى الرئيس شى على ما أسماه بـ«مقترحات بوآو القيمة»، التى ساعدت على بناء توافق فى آسيا وتشجيع التعاون وتعزيز العولمة الاقتصادية ودفع بناء مجتمع ذى مصير مشترك للبشرية. كما أعلن عن جملة من التدابير الجديدة لتوسيع الإصلاح والانفتاح، وأوضح موقف الصين بشأن تعزيز تأسيس مجتمع المصير المشترك لآسيا والبشرية، وخلق مستقبل أفضل لآسيا والعالم بشكل مشترك.
استعرض السيد شى إنجازات الصين وخبرتها فى الإصلاح والانفتاح وأهميتها وتأثيرها على العالم، فقال إن الناتج المحلى الإجمالى للصين حقق نموا بنسبة 5ر9% فى المتوسط سنويا خلال الأربعين عاما الماضية، كما حققت التجارة الخارجية للصين نموا بنسبة 5ر14% سنويا فى المتوسط، بالدولار الأمريكي. وقال أيضا إن الشعب الصينى تخلص من حياة العوز والفقر، ويتمتع حاليا بوفرة فى الإمدادات وحياة مزدهرة إلى حد ما. ووفقا للمعايير الحالية للأمم المتحدة، خرج أكثر من سبعمائة مليون صينى من براثن الفقر، أى أكثر من 70% من الإجمالى العالمى خلال نفس الفترة.
وقال شى إن أربعة عقود من الإصلاح والانفتاح قدمت الكثير من الإلهامات القيمة. وأضاف أن الأهم بالنسبة لأى دولة أو أمة هو إنجاز التجديد، وأن تتبع منطق التاريخ و تيار العصر فى سعيها للتقدم والتنمية. وأكد الرئيس أن إصلاح وانفتاح الصين يلبى تطلعات شعبها فى التنمية والابتكار والحياة الأفضل، كما أنه يتفق مع الاتجاه العالمى نحو التنمية والتعاون والسلام. وأوضح الزعيم الصينى أنه فى عالم يطمح لتحقيق السلام والتنمية، تبدو عقلية الحرب الباردة والمحصلة الصفرية فى غير محلها. إن البشرية لديها مجال كبير للاختيار بين الانفتاح والعزلة، وبين التقدم والتراجع. إننا نعيش فى عصر يسود فيه اتجاه جياش نحو السلام والتعاون والانفتاح والتواصل.
وقال الرئيس إن لكل عصر وجيل تحدياته ومهامه، وقد قطعت الصين شوطا طويلا، ولكن عليها أن تتغلب على التحديات الجديدة فى طريقها إلى الأمام. ومهمات الصين فى العصر الجديد، وفقا للرئيس شى، هي: مواصلة تحسين نفسها من خلال الإصلاح؛ اتخاذ خطوات جريئة فى الابتكار لتعزيز التنمية؛ مواصلة زيادة الانفتاح وتوسيع التعاون؛ العمل مع بقية العالم وتقديم مساهمة أكبر للبشرية. وقال إن الصين ستطلق عددا من الإجراءات الهامة هذا العام لتوسيع نطاق الوصول إلى أسواقها، مشيرا إلى أن الصين أعلنت فى أواخر العام الماضى أنها ستتخذ تدابير لرفع سقف الأسهم الأجنبية فى قطاعات البنوك والأوراق المالية والتأمين، مؤكدا: «سوف نضمن تحقيق هذه الإجراءات». وقال إن الصين سوف تسرع بانفتاح صناعة التأمين، وتخفيف القيود المفروضة على إنشاء المؤسسات المالية الأجنبية فى الصين، وتوسيع نطاق أعمالها، وفتح المزيد من مجالات التعاون بين الأسواق المالية الصينية والأجنبية.
وحول التصنيع، قال إن الصين فتحت هذا القطاع بشكل أساسى بعدد صغير من الاستثناءات على السيارات والسفن والطائرات. وأضاف: «هذه الصناعات باتت الآن فى وضع يسمح لها بالانفتاح. وسوف نمضى قدما، وسنقلل فى أقرب وقت ممكن قيود الاستثمار الأجنبى فى هذه الصناعات، والسيارات على وجه الخصوص.»
هذه هى المرة الثالثة التى يحضر فيها شى جين بينج الاجتماع السنوى لمنتدى بوآو كرئيس للصين، وذلك دليل على الاهتمام والدعم اللذين يحظى بهما المنتدى من قبل الرئيس شى والحكومة الصينية.
لقد لعبت آسيا خلال العقود الماضية، ومازالت تلعب، تلعب دورا متزايد الأهمية فى عملية التنمية الاقتصادية العالمية، ومنها خرجت «المعجزات الآسيوية». إن ذلك لم يغير ذلك الوجه الفقير والمتخلف المزمن للمناطق الآسيوية فحسب، وإنما أيضا أعطى دفعة قوية لازدهار الاقتصاد العالمى المستدام.
«منتدى بوآو» يركز على القضايا الآسيوية بشكل أساسي.
وإذا كانت مصر دولة أفريقية فإنها أيضا دولة آسيوية، إذ تقع محافظتان مصريتان، هما شمال سيناء وجنوب سيناء، فى قارة آسيا. ولمصر دائما دور بارز فى المحافل الآسيوية، بل تمثل الرابط بين آسيا وأفريقيا، ولعلنا نتذكر مساعى القاهرة فى مؤتمر باندونج الأفرو-آسيوى وما تلاه من تطورات كان لها دور فى تحديد هيكل النظام الدولى فى النصف الثانى للقرن العشرين. إن إستراتيجية تنويع العلاقات الدولية والبناء الاقتصادى التى تتبناها مصر حاليا تتطلب أن يكون للقاهرة مشاركة ملموسة فى منتدى بوآو فى دوراته المقبلة.
رابط دائم: