رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أردوغان ومواصلة السعى للبقاء فى السلطة

سيد عبد المجيد
اردوغان

في مستهل الشهر الجاري كتب وزير الخارجية التركي مقالا طويلا نشرته صحيفة «تليجراف البريطانية»، انصب في مجمله على أهمية دور بلاده إقليميا ودوليا، لكن ما يعنينا منه هو قوله «أن تركيا هي ديمقراطية أوروبية» المفارقة أنه مع ترديد هذا الكلام كانت حكومته تعصف بقرار للمحكمة الدستورية لا لسبب سوى أنه طالب بإطلاق سراح صحفيين تم انتهاك حقوقهما الإنسانية، وقبلها بايام معدودة أصدرت محاكم باسطنبول وأنقرة احكاما بالسجن المؤبد على رموز في عالم الكتابة والسياسة كل جريمتهم أنهم فقط معارضون.

وجاءت الطامة الكبري التي يبدو، وهذا فقا لمصادر مطلعة، أنها لن تكون الأخيرة، وتمثلت في تحالف عنونه الذين أعدوه بأنه إتفاق الجمهور في ايحاء « أنه ليس قاصرا علي اعضاء الحزبين المتحالفين العدالة والتنمية والحركة القومية اليميني، وإنما هو من أجل كل الجماهير في عموم الأناضول العظيم».

ولأن الحزبان أدركا أن شعبيتهما تراجعت بصورة مخيفة، فالأول وهو المسيطر على العباد والبلاد معا، فقد تقهقر في كافة إستطلاعات الرأي إلى ما دون الـ 40 %، أما الحركة القومية فميئوس منه إذ أنه لن يتخطي بأي حال من الأحوال نسبة الـ 10 في المائة للتمثيل بالبرلمان.

من هنا جاء الاتفاق «الجهنمي» الذي تضمن جملة من التعديلات على قانون الانتخابات أجمع المراقبون بأنها فصلت تفصيلا كي تضمن الفوز الأكيد للرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقرر لها نوفمبر من العام القادم ،وهو ما دعا زعيم الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية كمال كيلتش دار أوغلو إلى القول: أن أردوغان ودولت بهتشلي رئيس الحركة القومية عقدا «تحالفا لإنقاذ بعضهما البعض»، بل وزاد قائلا أن «هذه التعديلات بمثابة اغتصاب لإرادة الناخبين، وتحكم في الصناديق الانتخابية، واتجاه للفوز بالانتخابات عبر الحيل والألاعيب».

بيد أنه لم يتاح لها النقاش فتم إقرارها على عجل فرغم أنه تم إدراجها على جدول أعمال البرلمان، على أن يتم نقاشها وتناولها على مدار ثلاثة أيام؛ إلا أن هذا القرار تغير في لحظة بموجب اقتراح قدمه حزب الحركة القومية للعدالة والتنمية، وبناء على ذلك تم عرض المقترح على الجمعية العمومية ووصل أمر الإسراع من عملية التصديق على التعديلات، لدرجة امتناع نواب العدالة والتنمية، والحركة القومية عن استخدام حقهم في الكلمات، ومن ثم تم إقرارها  في 19 ساعة من الزمن، أي أن المدة التي استغرقتها كل مادة من المواد الـ 26 المعدلة، كانت أقل من ساعة واحدة.

إضافة إلى ذلك قام المهيمن على السلطة التشريعية باعطاء اجازة للتلفزيون الذي منع من البث ولم يسمح له أصلا أن يسجل الجلسة التي عقدت بشكل أشبه ما يكون بـ «عملية مداهمة ليلية» وعلي الرافضين أن يذهبوا للجحيم

وخلصت أحزاب المعارضة إلى نتيجة مفادها أن ما تم تمريره ما هو إلا «قانون أعمال ظلامية في ليلة ظلماء»، محذرة من أن البلاد مقبلة على حقبة شديدة القتامة ويمكن أن تصبح عراق أخرى في ظل صدام حسين ،فالتعديلات التي ستجعل أردوغان رئيسا أبديا منافية لمبدأ تكافؤ الفرص الذي نص عليه الدستور، وفي ظلها لم تعد هناك عدالة في التمثيل الانتخابي. كما ستقضي على الأمن الانتخابي، فالاعتداد بالأوراق الانتخابية غير المختومة هو تصريح مباشر بالتزوير وهو ما حدث بالفعل أثناء استفتاء التعديلات الدستورية الذي شهدته تركيا في 16 أبريل 2017، الفارق هو أضفاء المشروعية على الغش والتدليس.

كما أن المواد التي ضمتها الحزمة «المشئومة» من شأنها في حال تطبيقها إشاعة مناخ من الترهيب والخوف فطبقا لتلك التعديلات تستطيع قوات الشرطة الدخول إلى اللجان الانتخابية بناء على نداء من رئيس اللجنة، وستقوم عناصر مقربة من الحكم بتولي مهمة الرقابة على الصناديق الانتخابية، أما المسئولين عنها سيكونون من الموظفين العموميين وهنا طرح السؤال كيف لهؤلاء الموظفين أن يعترضوا أو يبقوا محايدين؟

في ذات السياق قال سزائي تمللي، الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطية الكردي، أن حزب العدالة والتنمية، والحركة القومية «قاموا بسن تشريع وكأنهم ينتشلون متاعًا من وسط حريق، ولا يعنيهم إن كان ذلك التشريع به غش أو فساد أو ما شابه، وتابع تمللي قائلا: «فليشكلوا ما شاؤوا من ائتلافات، فسوف يبقون عاجزين لأنهم بحاجة إلى مثل هذه القوانين، وليعلموا أنهم خسروا الانتخابات من الآن.

المثير أن حزب «خدابار» الكردي الإسلامي السني (الذي سبق ودعم أردوغان وكان على استعداد لدخول التحالف إلا أنه تراجع معلنا انضمامه للمعارضة) قال في بيان إنه من غير الممكن القول بأن عملية عفرين التي تشنها القوات التركية في الشمال السوري منذ يناير 2018، وموقف العدالة والتنمية من استفتاء الانفصال بإقليم شمال العراق، لم يخلق أي نوع من الانزعاج بين الأكراد.

وقال حقان بايراقجي، رئيس شركة «صونار» للأبحاث واستطلاعات الرأي، إن «هذه التعديلات، وغيرها من تعديلات دستورية سابقة، كان لها الدور الأساسي في تغيير نظام السلطة السياسية. لكن بهذه التعديلات التي نتحدث عنها بات من يحصل على نسبة 51% ، حاكمًا، ويملك الدولة بكل ما فيها. لكن إذا لم يحصلوا على الأصوات التي يتنظرونها، وهذا ما سيحدث، فإنهم بذلك يكونون قد أنهوا حكمهم بأيديهم ، وهذا ما سنراه معًا مستقبلًا».

لكن المعركة لم تنته بعد فالاسابيع القادمة ستشهد سجالا آخر مسرحه هو المحكمة الدستورية فأوزغور أوزال، نائب رئيس الكتلة النيابية لحزب الشعب الجمهوري، أكد أن حزبه يعتزم رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الأعلي لإلغاء تلك التعديلات..!!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق