رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حلاوة الإيمان

ترددت مرارا فى كتابة قصتى إليك لأسباب عديدة، لكنى هذه المرة استجمعت قواى، وأمسكت بالقلم لأسطر ما يعبر عما أعانيه، فأنا مؤمن بقضاء الله وقدره، وأردت فقط أن أشركك وقراءك فى المراحل المتتالية التى مررت بها حتى الآن, فلقد اقتربت من سن الخمسين, وولدت فى أسرة مصرية حتى النخاع, وكان والدى مهندسا وإماما للمسجد المجاور لمنزلنا, وتربيت فى بيت تغشيه حلاوة الإيمان، وتزوجت وأنا طالب بالجامعة, وعرفت طريق العمل والكفاح منذ صغرى، وعلى مدى سنوات رزقت ببنتين هما نور عينيّ, ونظرا لضيق العيش، فقد سافرت إلى دولة عربية، وكما يقولون فإن الرياح تأتى بما لا تشتهى السفن, حيث حدث خلاف بينى وبين زوجتى وتدخل الشيطان بيننا فانفصلنا، ولا أخفيك سرا أن هذا الطلاق وقع عليّ كالصاعقة، إذ لم أتصور يوما أننى سوف أنفصل عن بيتى وأولادي, ولكن زوجتى هى التى طلبت الطلاق وأصرت عليه لأسباب واهية تتعلق كلها باختلاف وجهات النظر, ولم تفلح معها محاولات الأهل والاصدقاء للصلح وإعادة المياه إلى مجاريها، ومن شدة اضطرابى لجأت إلى بعض المشايخ وأيضا الدجالين امتثالا لنصيحة من قال لى: «معمولك عمل» وخرافات من هذا القبيل.ولم أجد بدا من أن انخرط فى العمل, وأنسى ما حدث وابتعدت تماما عن فكرة الزواج مرة أخري لمدة ست سنوات، وبعدها تعرفت على شابة من دولة أوروبية وتزوجتها, وسافرت إلى تلك الدولة وأكملت دراستى العليا بإحدى شركاتها وتدرجت فى المناصب حتى وصلت إلى درجة مدير بها، وحصلت على جنسيتها، واستقرت بى الأوضاع فيها.ولم أنس ابنتيّ لحظة واحدة، وحرصت على أن تزورانى فى فترة الإجازة الصيفية، وحاولت معهما كثيرا لكى توافقا على الإقامة الدائمة معى بعد الثانوية العامة حتى تحصلا على جنسية الدولة التى أقطن بها، ولكن هيهات!.. فاكتفيت بالزيارات المتقطعة ولم أفارقهما فيها, وكنت أشعر بالسعادة كلما جاءتا فى زيارة, فلقد افتقدت الحنان الأبوى بدونهما لأن زوجتى الأوروبية لا تنجب.وذات يوم جاءتنى ابنتى الصغرى، وقالت لى إنها سوف تترك الدراسة فى كليتها بمصر, وتأتى للدراسة فى أوروبا ففرحت جدا وسارعت بإلحاقها بالجامعة، وبعد عامين فقط جاءتنى الكبرى وقد تخرجت فى كلية أخرى, وقالت لى إنها سوف تدرس الدكتوراه هنا.. وهكذا اكتملت سعادتى وأحسست بأن الدنيا ابتسمت لى من جديد، كما سعدت أيضا زوجتى بهما, ونسيت كل أحزاني.ومرت الأيام وتزوجت ابنتى الكبرى وهى تعيش فى مدينة تبعد عنى مسافة ساعة ونصف الساعة بالسيارة, والصغرى تدرس فى السنة النهائية بكليتها.وقد تسألنى وما هى مشكلتك إذن؟ فأقول لك: إن كل شيء على ما يرام ولكنى فى غمرة اكتسابى المال، تركت الصلاة وابتعدت عن الدين وأخذتنى الدنيا، وحدثت فجوة بينى وبين زوجتي, التى لم تصبر كثيرا على حياة الأسرة وانجرفت من جديد إلى حياتها الأولى والحرية التى كانت عليها, وتعرفت على أصدقاء جدد عن طريق الإنترنت، وهكذا تعرضت لزلزال جديد فى حياتى وطلقتها وأنا فى أشد حالات الضيق والألم، وبعد الطلاق الثانى وجدتنى أعود إلى ربى تائبا راكعا ساجدا، وما أكثر الأوقات التى أخلو فيها إلى نفسى، وانخرط فى بكاء مرير خشية للواحد القهار، وجلستى المفضلة لى فى وقت الفراغ أقضيها بين أحضان الطبيعة، متأملا مخلوقات الله واستمتع بمشاهدة البجع العائمة والطيور التى تسبح بحمد الله..وكم أنا مسرور لهذا العشق الإلهى ولارتباطى بالمسجد الذى أحرص على أداء الصلوات الخمس فيه برغم بعده عن المنطقة التى أسكن فيها..إننى أرى الدنيا الآن بعين جديدة وبمقياسها الحقيقى, وأدعو قراءك إلى التدبر فى نعمة الإيمان وحلاوته.

< ولكاتب هذه الرسالة أقول:

كلما قويت علاقة الإنسان بربه صح فكره وسلوكه, وصفت نفسه وسمت, وحقق وجوده وسعادته, وصدق الله إذ يقول: «قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» (الأنعام 162)، فهو سبحانه وتعالى لا يضيع مؤمنا معتصما به, مجاهدا فى سبيله، شاكرا حامدا إياه, ومن يعتصم بالله، فقد هدى إلى صراط مستقيم، وانت ـ ياسيدى عدت إلى ربك وتمسكت بتعاليمه وتسعى إلى إرضائه, ولذلك لم يخذلك أبدا، وقد استشعرت ذلك بالفعل فى كلماتك عن انك ذقت حلاوة الإيمان والتمسك بمبادئ وقيم وتعاليم الدين، فانعكس هذا على ابنتيك اللتين أراهما جديرتين بما وصلتا إليه من علم وتدين.وأنت حين شغلت نفسك بأمر الدنيا ابتعدت عن خالقك, وحينما أيقنت خطأ هذا السبيل, تداركت الأمر سريعا وصححت مسيرتك عملا بقول سيدنا عمر بن الخطاب: «نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل».. وهذا هو منطلق كل تغيير وإصلاح, وكل وجود ومعايشة حقيقية للحياة على حد تعبير الدكتور محمد شوقى الفنجرى حول كيفية مواجهة الشدائد والمحن.ويجسد حقيقة الايمان قوله تعالي: «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِى الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ»(القصص77).فهنيئا لك بعودتك إلى ربك وبعينك الجديدة التى تنظر بها إلى الأمور وعليك أن تطوى الصفحات السابقة من حياتك والتى لم أرغب فى أن أسترجعها معك, وابدأ صفحة جديدة مع من هى جديرة بك.. وتخير لنفسك زوجة صالحة وفقا لهذا الهدى الربانى، وأسأل الله أن يوفقك إلى طريق السعادة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 2
    عادل صادق امين
    2018/03/23 03:07
    0-
    36+

    عجائب الدنيا
    تولد فى مكان وتتزوج وتستقر وفاجأة ينهدم البيت المعمور وتتفرق الاسرة وترحل لبلد اخر وتتعرف على زوجة من جنسية اخرى ترحل معها لبلدها وتعيش وتستقر فى مكان جديد وتفتقد بناتك وعندما تحدث المعجزة ويجمعك بهن بلد واحد تنهار اسرتك لثانى مرة فتكن سببا فى التدبر والتفكير والتقرب الى الله سبحان الله العظيم انها حقا دنياااااااااااا ...
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق
  • 1
    ^^HR
    2018/03/23 00:26
    0-
    7+

    الاعتراف بالخطأ بداية لتصويب المسار المعوج
    صاحب المشكلة تاب وأناب ويمضى حاليا فى طريق الصلاح ونحييه ونهنئه على ذلك....ننصحه بتوسيط ابنتيه لعودة المياة الى مجاريها مع امهما زوجته الاولى-إن لم تكن قد تزوجت بآخر-وهذا يحقق الاستقرار والسعادة للجميع
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق