بمجرد أن تلقى برأسها على الوسادة تزحف جداول مهام اليوم التالى إلى عقلها كزواحف لاهثة تتبارى على أكل الأخضر واليابس فى مراكز المخ لتقلق منامها وتؤرقها، لكنها تستمد طاقة فريدة من قلب ينبض بالعطاء ، فتستقبل يومها الجديد بابتسامة لروتين منظم .
إنها الأم التي تفاجئنا دوما بالجديد من عطاء لا ينتهى، ومشاهد مبهرة نراها ثقيلة وصعبة، بينما هى تفعلها بخفة ورحابة صدر ، فتجدها تفترش كتب المذاكرة مع أبنائها، وبكل معايير التشتت بين منهج ابتدائي واعدادى تستذكر لهما دروسهما في ساحة البنزينة اثناء انتظارها لتفويل وغسل السيارة ، أو فى أحد المطاعم المحببة للأطفال مدعية أنها تقدم لهما مكافأة (لسمعان الكلام وعمل الواجب) لكنها فى الحقيقة تنقذ نفسها بشراء وجبة غداء لأنها ( مالحقتش تطبخ ) من كثرة مهام اليوم ، وتجدها منحنية على حل التدريبات الرياضية الصعبة فى أحد «الكافيهات» المقابلة للبنك منتظرة دورها فى دفع القسط أوتسديد الفيزا، وتختار جلسة مشمسة بالخارج تحسبا لانفلات العصبية والانفعال.

وترى الكتب تغطى حجرها وكراسة الحل على حجر ابنها فى جلسة متوترة مقرفصة مكونة من كرسيين رتبها لهما (بتاع الفراخ) لحين انتهائه من تنظيف طلبيتها من الدجاج ،لتذهب بعد ذلك الى جلسة مذاكرة دائمة اخترعتها بجوار البوتاجاز لمتابعة حل الواجب، أما تسميع كلمات الانجليزي ونشيد العربى وسورة القرآن فتتركها لمشاوير السيارة أوبعد انتهاء تمرين النادى..لتخط الأم فى كشكول الحياة سطورا من الحب والعطاء، ويصبح جدول مهامها منظومة حياة كاملة لكل أفراد الاسرة، تقرؤه خلف سطور تلك المشاهد محفورا بقلم فسفورى يمنحك البهجة والطاقة، لتعيش مسترخيا مطمئنا، لأن لديك كتفا تتكىء عليه ويربت على يمينك وأنت تعبر الطريق .
رابط دائم: