بجوار أحد البنوك في الحي الذي أقيم فيه تجلس سيدة ما أن تلمح أحدا يمر بجوارها حتي تنطلق بمختلف الأدعية من الصحة وطول العمر، طمعا في المساعدة المادية التي كثيرا ما تحصل عليها، وبالصدفة وجدتها في محل قريب من البنك تستبدل عملات ورقية من فئة مائة جنيه، وخمسين جنيها، بما حصلت عليه من عملات معدنية. لقد استفحلت ظاهرة التسول بشكل غير مسبوق في جميع الفئات العمرية، وبرغم أنه في سنة 1933 صدر قانون مكافحة التسول فإنه منذ صدوره حتي الآن لم يقف حائلا أمام تنامي هذه الظاهرة التي تأخذ أشكالا مختلفة، فهناك التسول المصحوب بالنصب حين يقابلك شخص ما، ويقدم لك وصفة طبية يدعي أنها لوالدته، وهي فى حاجة ماسة لهذا الدواء لتكتشف أنه مجرد علاج لنزلة برد أو يدّعي شخص أنه يحتاج للعودة لبلده وأنه يحتاج فقط لقيمة المواصلات، أو يأتيك متسول يدّعي إصابته بأحد الأمراض العصبية مما أفقده القدرة علي التوازن وكثيرا ما نراه في أماكن تهدئ السيارات فيها ليسقط بمهارة أمام السيارات، مدّعيا الإصابة، أما أسوأ أنواع التسول فهو الذي يتم فيه استخدام الأطفال خصوصا المرضي منهم، من خلال وضعهم علي كرسي متحرك غير عابئين بطقس شديد الحرارة أو البرودة، وهناك التسول المصحوب بالبلطجة، مثل ما هو منتشر في جميع الطرق من مناديي السيارات الذين يحصلون مبالغ من قائدي السيارات دون أداء عمل يذكر، مما يضعهم في زمرة المتسولين، وأحيانا يقترن التسول بمناسبات دينية كما يحدث عقب صلاة الجمعة، وفي المدافن، مثل أول رجب ونصف شعبان، ولكن الموسم الذهبي للتسول بلا منازع هو شهر رمضان، حيث ينتشر المتسولون بأدعيتهم في الشهر الكريم حتي يتصور البعض أنه بمساعدة المتسول أنه بات قاب قوسين أو أدني من أن ينقي نفسه من كل ذنوبه. لقد آن الأوان لوضع برامج للتأهيل والتدريب وتوفير فرص عمل للأصحاء من المتسولين، أما المرضي فتتولاهم أجهزة الحكومة الصحية والاجتماعية.
د. عبدالرحمن حمادة
رابط دائم: