رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كيمو ..بيّاع التجارب

البهاء حسين عدسة ــ نادر أسامة




«أنا موجود» هى جملة كيمو المفضلة. يقولها ويؤمِّن عليها بقبضة يده، ربما ليتأكد من أنه ليس زائدة دودية وأن أحلامه ليست نفايات. منذ وُلد، قبل 40 عاماً، وهو يحاول أن يتنفس. مات أبوه وهو فى سن الـ13 تاركاً له 8 إخوة. ويوسف والى،ابن قرية كيمو بالفيوم، لم تكن مشاريعه تتعدى وضع حجر الأساس، فى موسم الانتخابات، فلم تدفع عن بيتهم عضة الجوع ولا عن أمه المرض.حكى لى، بعينين ترقرقت فيها الدموع، أن أمّه رفضت أن تُجرى لها عملية جراحية، مخافة أن يبيعوا قطعة الأرض، ولم تسعفها أكياس الترمس واللبّ، التى كانت تبيعها، والحاصل أنها ماتت هى وبقيتْ أحجار»والى» شاهداً على قبرها. ثم سالت دموعه وهو يكلمنى عن إخوته. فمن أجلهم نزح إلى القاهرة وجرّب كل الأعمال الشاقة حتى تعلموا. ولم يكن العراء وحده الذى يطارده، بل الشرطة،لأنه بائع متجول.هكذا تسربتْ منه الطمأنينة، لكن الشىء الذى ظل كغريزة، يتبعها وتتبعه، أنه لم يسمح لنفسه، ولا هى سمحت له، بأن يستسلم. من مهنة لمهنة عرف كيمو،دبلوم تجارة، مفاتيح البشر، فراح يتفنن فى اجتذاب الزبائن، حتى وصل دخله، من إدارة كافيه بشارع الهرم، إلى12 ألف جنيه فى يوم واحد. لكن أسئلة الحلال والحرام بدأت تداهمه. ورغم موت حماه، برصاصة طائشة فى ثورة يناير تاركاً هو الآخر ثمانية أولاد فى رقبة كيمو، إلا أنه حوّل وجهته.. جاء إلى الكتب القديمة فى ميدان الإسعاف شيّالاً ثم بائعاً..أو زفّة متنقلة، فهو ينادى، بصوت منغم:» خمس كتب بـعشرة جنيه» ويبيع بعين وعينه الأخرى تراقب اللصوص المحتملين وتُحبط خططهم، ويفتح ذراعيه إلى أعلى كأنه يعرض الفضاء للبيع. هل قلت إن كتاب» عشرة مفاتيح للنجاح» لإبراهيم الفقى هو الذى بدّله. فهو يؤمن بأن الكتب وُجدتْ لتغيّرنا. يا فرحتى بـه..إن التجارب تمرّ عليه وتثقبه، لكنه ينهض ويحشو الثقوب بأحلام جديدة.

 

عدسة ــ نادر أسامة

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق