أنا شاب عمرى 30 عاما أعيش فى إحدى مدن محافظات الوجه البحري، وكانت دراستى بالقاهرة ونظرا لأن الجدول الدراسى لم يكن كثيفا فقد قررت أن أسافر كل يوم من والى المدينة التى أقطن بها وذات يوم، تعرفت على فتاة رقيقة اقتلعت قلبى من نظرة عينيها الساحرتين وأحسست حينئذ انها الفتاة التى سأكمل معها مشوار الحياة وهى من وسط الدلتا وتدرس بالقاهرة أيضا, وبالفعل تعرفت عليها وبمرور الأيام زاد حبى لها كما أنها أحبتني، وكنت كلما نظرت اليها أحس ان الدنيا قد حيزت لى بحذافيرها، ونما حبنا يوما بعد يوم حتى وصل إلى ذروته، وعندما صرنا فى الفرقة الرابعة وبدأنا الحديث فى عملية الارتباط واجهتنى مشكلتان: الأولى هى اننى من عائلة متوسطة الحال وليست بالغنية جدا بمعنى أن أبى لم يدخر مبلغا من المال لكل ولد من أولاده بحيث يعينه أو يساعده فى بداية حياته, والثانية اننى بعد انتهاء الدراسة سوف أؤدى الخدمة الوطنية وبالطبع سوف يتقدم لها من يطلب يدها, وبالفعل هذا هو ما حدث، وما كنت أتوقعه إذ تقدم لها ثلاثة شباب, ولكن أهلها رفضوهم وحدث أن روت فتاتى لوالدها قصة حبنا، فتفهم الموقف، وطلب مقابلتى فى منزله فذهبت إليه، وشرحت له ما حدث لأسرتى التى أبدت الموافقة على الارتباط وعلى الذهاب لمقابلته.
والحقيقة أننى لمست منه قبولا لي، وبعد يومين ابلغتنى فتاتى بموافقته على الارتباط وانتظرت أن تنتهى شهور الخدمة الوطنية، ثم أصطحب أهلى للاتفاق على زواجنا، وكنا نتحدث تقريبا بصفة يومية من خلال الهاتف المحمول ومرت خمسة شهور, واذ بفتاتى تبلغنى بأن هناك عريسا تقدم اليها وان أهلها موافقون عليه، وأن عليها ايضا أن توافق مجبرة على الارتباط به, وما إن سمعت منها هذا الكلام حتى انتابتنى أزمة نفسية وصحية, لكننى صبرت وتحملت، وفتحت لنفسى أبوابا من الأمل, وكان لدى احساس كبير بأنها سوف تعود لى مرة أخري، وعشت على هذا الأمل, فالتحقت بعمل مناسب وأصبح لى دخلى الخاص ثم كانت المفاجأة الكبرى هى انه فى اليوم السابق لذهابى اليهم مع أهلى تم عقد قرانها، وعندما سمعت هذا الخبر اسودت الدنيا فى وجهى وعاودنى المرض النفسى والصحى من جديد فبكيت بكاء هستيريا.
وانا الآن لا أستطيع أن أأكل أو أنام أو أعمل أى شيء، وزرت طبيبا فى الأمراض النفسية, وحاول صديق لى أن يقنعنى بانها اذا كانت قد أجبرت على الخطبة، فمن المستحيل أن تجبر على الزواج، وألقى عليها باللوم بأنها قادرة على أن تصارح خطيبها بالحقيقة وتقول له انها تحب شخصا آخر وأنها لا تستطيع ان تعيش معه بجسدها فى حين أن قلبها وعقلها ومشاعرها مع رجل آخر، وحينئذ سوف ينسحب بهدوء ودون أى مشاكل لان أى رجل لن يقبل هذا الوضع وقال لى أيضا أنه كان باستطاعتها أن تخبرنى بميعاد عقد قرانها لكى تنقذ الموقف لكنها وافقت على الارتباط بمن تقدم اليها وهى مقتنعة تماما به، أما أنا بالنسبة لها فقد أصبحت مجرد ذكرى تضحك كلما تذكرتها وتقول: «انا كنت عبيطة لما حبت واحد زى ده».. لكنى لم أقتنع بتلك الأسباب التى تصورها صديقى، والتمست لها ألف عذر حيث إن العيب البارز فى فتاتى بالرغم من شخصيتها القوية، هو أنها من الممكن ان تجبر على أى شيء، وتستطيع ان تضحك وتظهر السعادة وبداخلها حالة غليان من الألم والحزن!
اننى أنسب التقصير الى نفسى فعندما وافق والدها على ارتباطى بها كان لابد ان اصر وأقف أمام الجميع فى البيت وأجبرهم على الذهاب معى لخطبتها لكنى لم أفعل ذلك، وبالتالى فانا الان أدفع الثمن من صحتى ومستقبلي، ولذلك قررت أن أعتزل الحياة وألا تأخذ امرأة اخرى مكانها فى حياتي, وهناك شعور قوى ينتابنى هو انها فى يوم ما سوف تعود لي, فهل انا مخطئ أم على حق؟، وما هو تفسيرك لكل ما حدث لى ولهذه النهاية الحزينة لقصة حب جميلة؟.
< ولكاتب هذه الرسالة أقول:
هذه النهاية الحزينة ـ على حد تعبيرك ـ لقصة الحب التى جمعتك مع فتاتك, توقعتها منذ قراءتى السطور الأولى لرسالتك, فالواضح انك غلّبت الجانب العاطفى على ما عداه من جوانب أخرى أهمها التكافؤ المادى والاجتماعي, والتوافق الأسري, ورحت تتصرف فى مسألة ارتباطك بفتاتك وكأنها لعبة للتسلية, ونسيت أن الزواج التزام, وكان الواجب عليك بعد أن حصلت على موافقة أبيها أن تبلغ والدك بنتيجة المقابلة, وتتقدم لطلب يدها رسميا.. هذا هو العرف الجارى فى أمور الزواج, لكنك احتفظت بالموافقة المبدئية لوالد فتاتك, ورحت تمارس حياتك بشكل عادى متصورا أنك ملكت فتاتك بزيارتك لهم! والواضح أيضا أنها حافظت هى الأخرى عليك حتى اللحظة الأخيرة, فلقد رفضت الكثيرين ممن تقدموا لها, لكنها لم تجد بدا من أن تنفض يدها منك, وتستجيب لمؤثرات أهلها بالزواج من عريس جاهز لا يعرف المماطلة مع استعداده لإتمام الزواج فى الحال.. والحقيقة أننى أرى أن والد فتاتك لم يقصر فى حقك وأعطاك الفرصة كاملة لكنك لم تستغلها كما يجب, والآن حدث ما حدث وأصبحت فى عصمة رجل آخر, ولذلك عليك أن تقطع علاقتك بها وتلتفت إلى حياتك العملية, وسوف تجد من تكون جديرة بك, وتكون أنت أهلا لها عندما تقف على قدميك. أما الهواجس التى تنتابك بأنها ستصبح لك ذات يوام, فإياك والوهم أو التفكير فى تخريب بيتها, فالحديث الشريف يقول: لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه فما بالك بمن عقد قرانها وسوف تنتقل قريبا إلى بيت الزوجية!.. لكل ذلك أنصحك بأن تعود إلى رشدك, وتضع الأمور فى نصابها الصحيح.
رابط دائم: