رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مط وتطويل وأداء تقليدى يخلو من الإبداع الحقيقى
«تيِّم حسن» يفقد «هيبته» فى مسلسل «عائلة الحاج نعمان»

محمد حبوشة

شهدت الفترة الماضية عرض العديد من المسلسلات الطويلة ذات الـ 06 حلقة و أكثر على شاشات الفضائيات، وحقق البعض منها نجاحًا كبيرًا، وإقبالًا واسعًا من المشاهدين، ومنها «أبو العروسة»، «الطوفان»، «ولاد تسعة»، وغيرها من أعمال تنتمى فى مجملها إلى نوعية «الجرأة الاجتماعية» فى جلها، وعلى الرغم من أنها تعد ظاهرة إيجابية فى مجملها، فإن البعض منها وقع فى براثن المد والتطويل دون أدنى مواربة، ومن ثم فهى لا تقدم رسالة حقيقية عن المجتمع المصرى.




صحيح أن تلك المسلسلات الطويلة هى على ما يبدو نوع من عدوى انتقلت من الدراما التركية والهندية إلى العربية، لكنها استطاعت أن توجد موسمًا دراميًا موازيًا لشهر رمضان، وحقق كثير منها نجاحات كبيرة، خاصة أن البداية كانت مع أعمال تتسم بالرومانسية وتركز على البعد الاجتماعى والأهم من ذلك كله من وجهة نظرى أنها أصبحت تعلى من شأن العائلة، لكنها بعد ذلك تنوعت، وكان هناك دراما صعيدية طويلة وأخرى بوليسية، ونجحت فى حشد مجموعة من الأبطال، ويبقى أحد أهم مميزات هذه المسلسلات أنها قائمة على البطولة الجماعية التى تكشف موهبة الفنان الحقيقية وهو فى أى درجة على مستوى الأداء، ولكن فى بعض الأحيان نجد مسلسلات تناقش موضوعات وأفكارا لا تحتمل التطويل وتتحول إلى نوع من الرتابة والملل، وهذا بالتأكيد يرجع إلى الكاتب، فلابد مع طول عدد الحلقات أن نجد قصة تتمتع بجوانب التشويق والإثارة المطلوبة حتى تجبر المشاهد على استمراره فى متابعة المسلسل للنهاية دون أن يشعر بملل كبير، وهذه هى مهمة الكاتب أولًا والمخرج ثانيا.

ومن أبرز تلك الأعمال مسلسل «عائلة الحاج نعمان» الذى شهدت أحداث الحلقات الأخيرة منه مفاجآت وصدمات كثيرة لمتابعى المسلسل، حيث وردت جميعها بعيدة تماما عن المنطق الدرامى المعهود فى إطار تلك النوعية من الدراما الاجتماعية التى تركز فى مجملها على الشر المطلق من جانب بعض أفراد العائلة، والنتيجة هى البعد تماما عن بيئة دمياط بعراقتها وصناعتها الفريدة والمتميزة فى الموبيليا والحلويات ومنتجات الألبان والصيد عبر خيوط درامية معقدة للغاية، مع أنه كان يفترض أن تكون دمياط هى محور أحداث المسلسل، حيث يتناول الكاتب والسيناريست مجدى صابر على مدى 40 عاماً كيف كانت هذه القلعة الصناعية فى دمياط، وكيف أصبحت بعد أن كانت البطالة فيها «صفرا».

المؤلف مجدى صابر من جانبه قال: المكان «دمياط» هو البطل الحقيقى فى العمل لأول مرة، لكن هناك دراما إنسانية ورومانسية واجتماعية، نرصد من خلال «عائلة الحاج نعمان» الذى قام بدوره الفنان القدير «صلاح عبدالله»، وهو أحد كبار تجار الموبيليا وصاحب مصانع ورجل عصامى بدأ من الصفر، ونرصد من خلال عائلته مشكلات هذه المدينة وهذه الصناعات من خلال صراعات وشخصيات متشابهة فى أسرته التى يجسدها النجوم «تيم الحسن، أحمد بدير، يسرا اللوزى، لقاء سويدان، منال سلامة، سماح السعيد، سهر الصايغ، هبة مجدى، أحمد بدير، وصفاء الطوخى، وإخراج أحمد شفيق، ويرصد العمل مشكلات الصيادين فى واحدة من أكبر أساطيل الصيد فى الشرق الأوسط «عزبة البرج» التى بها نحو 4 آلاف مركب صيد.

ظنى أن المؤلف كان سيصيب هدفه تماما لو أن حلقات المسلسل لم تزد على 40 حلقة، حيث لجأ فيها صناع العمل إلى المط والتطويل والحشو بافتعال غير مطلوب كى تصل الحلقات إلى 70 حلقة، وهو الأمر الذى أرهق فريق التمثيل إلى حد أن فقد النجم السورى «تيم حسن» بطل العمل «هيبته» بأداء انفعالى غاب معه شغف المتابعة الكاملة فى الجزء الأول ، ما يعكس عدم هضمه لشخصية «خالد» التى جسدها بارتباك غير معهود لممثل حقق جماهيرية طاغية خلال السنوات الأخيرة فى مسيرته الفنية، فقد بالغ «تيم» كثيرا فى تجسيده الشخصية بأداء هيستيرى مطول عبر حركات وسكنات متكررة فى الجزء الأول، إلا إنه قد حالفه جانب لا بأس به من الصواب فى أداء شخصية «كمال» فى الجزء الثانى، على غرار أدائه الشخصية «عبود» فى مسلسله السورى البديع «الانتظار» قبل 12 عاما، حيث استطاع استعادة أدواته من جديد فى الإلمام بالشخصية، وجاء تعبيره بالإضافة إلى حركاته وإيماءاته على نحو صحيح، وضمن إطار الفن الدرامى الذى لا مناص للممثل فيه من الإيمان بالكلام الذى سيلقيه على مسامع المتفرجين.

وربما واجه «تيم» بعض الصعوبات بسبب تأخر تصوير الحلقات فى الوقت الذى يرتبط فيه بموعد سفره من أجل البدء فى تصوير حلقات مسلسله «الهيبة 2 « والذى حقق نجاحا منقطع النظير فى موسمه الأول «رمضان 2017»، بعد أن أدى دوره بكل حرفية، اعتبرت بمثابة تجديد لشهرته التى بناها فى الدراما السورية منذ سنوات طويلة، لكنه للأسف فقد بعضا من بريق نجوميته فى الجزء الأول من «عائلة الحاج نعمان»، وعلى عكسه تماما فقد برع الفنان القدير «صلاح عبدالله» فى الجزء الأول عبر ملاءمة الأسلوب وقدرته فى التعبير, ومدى قوة صوته, وتمكنه من موضوعه الذى يعالجه, وثقته بنفسه وإيمانه بما يقوله فى الحوار , فضلاً عن قدرته فى مجابهة المواقف الطارئة, وقدرته اللغوية من حيث سلامة اللفظ وضبط أواخر الكلمات ضبطاً صحيحا استطاع من خلال خبرته الطويلة إيصال المشاعر أكثر من اعتماده على نقل المعانى, الأمر الذى يشير إلى دراسته العميقة للعوامل النفسية التى تحرك نفوس الجمهور وطباعه, وإدراكه أنه كلما كان شعور الجمهور موحداً, سيطرت عليه روح الجماعة، لكنه أخفق إلى حد كبير فى الجزء الثانى ولم يحافظ على طريقة أدائه بنفس رونق الجزء الأول.

أما «محسن منصور» فقد ظل أداؤه طول الوقت يتسم بقدر من الاستمرارية والاحترافية، ما يؤكد درايته الكاملة كممثل بفن الإلقاء على نحو عام وإلمامه بأصول وقواعد إلقائه الذى قاده إلى النجاح فى مهمته الفنية، وذلك بحكم خبرته المسرحية .

وعلى درب «منصور» يأتى أداء كل من « يسرا اللوزى، لقاء سويدان، فاطمة نصر» سلسا وناعما للغاية، وبرعا فى إثبات العلاقة العضوية بين الجسد والروح، بينما فشل كل من «هبة مجدى، وسهر الصايغ أحمد بدير» فى استمرار ادائهم على وتيرة واحدة، حيث تأرجحوا جميعا مابين الإجادة والتراجع من حلقة إلى أخرى ومن مشهد إلى آخر.

ومما لاشك فيه أنه يحسب للكاتب «مجدى صابر» استخدامه لغة «راقية» تنتمى بالأساس للأدب الإنسانى، حيث تناول فيها أحاسيس المرأة ومشاعرها من الداخل، خاصة فى بعض المشاهد الرومانسية لـ «سعاد مع ناصر»، و «هنا مع حازم»، وواقع الحال أن الرومانسية المصرية متجذرة فى زمن المسلسل، الذى ظل يشدنا بالحنين لأكثر من جيل من المصريين الآن، حتى أن بعضهم أصبح يبحث فى أعمال مثل تلك المسلسلات، و «يختلى بالذاكرة وقد يحاورها بحميمية» فيما يتوزع مابين المسرات والأسى، وهو يستعيد مشاهد من حياته ويستبطن لحظات كثيفة مترعة بالأفراح والأحزان معًا، إنه ذلك الزمن الذى ينساب على الشاشة كعطر الأحباب ورائحة باقية ونفاذة فى القلب، تستدعى قصص حب وعالما بكامله من وجوه تشكل كل منها قصة أقوى من الزمن والنسيان، فى قلب الصخب والعنف وذلك الصمت الموحش فى الأعماق وفى الباطن عبر كثير من المسلسلات الحالية. ويبدو جليا أن مجدى صابر ينتمى إلى مدرسة «الكيف لاالكم» فى الدراما التليفزيونية، وهو القائل أن هناك تراجعاً كبيراً فى مستوى الدراما التليفزيونية المصرية فى رمضان، وأن القائمين على الدراما اقتصروا بإنتاجهم على ما وصفه بـ «أعمال الدعارة والمخدرات وزنا المحارم»، مشيرا إلى أن هناك موضوعات كثيرة فى المجتمع المصرى والتى تكون أرضا خصبة للإنتاج الدرامى، وهو المطلوب إثباته بأعمال متميزة حتى يصبح هذا هو الطابع العام فى ظل أن غالبية الأعمال الحالية تشوه صورة الدراما المصرية»، لكن على مايبدو لم يحقق نبوءته تلك المخرج أحمد شفيق فى إدارة فريق من الممثلين فشلوا فى غالبية الحلقات فى أن يوازى كل منهم بين جهدين عضليين، الأول حركى والثانى صوتى، وهذا برأيى كان يتطلب كثيرا من الإدراك والوعى من جانب المخرج لأجل الوصول إلى التركيز، طبقا لقول (ستراسبيرج): «على الممثل أن يكرر حركته، وفى أثناء حركة الممثل عليه أن يصدر أصواتً، ولا أعنى هنا الأصوات مقاطع وألحان الأغنية، وإنما أعنى كل ما يمكن أن يصدره الممثل من أصواتً، ويجب أن تساوى هذه الأصوات الجهد الذى تبذله العضلات ، فقد اكتشفت أن النغمة والأصوات ترتبطان بجهد العضلات المبذول، ولا يجب أن تؤدى بشكل منفصل عن هذا الجهد»، وعليه أن يكون الممثل بفضل إدارة ذكية من جانب مخرج له القدرة من الوعى والتركيز والانتباه فى كل حركة يؤديها الممثل أو صوت ينطقه، بعيدا عن التعبير بالكليشيهات أو الانفعالات المحفوظة المتكررة والجاهزة، أو عجزه عن إيجاد الوسائل التى يعبر بها عن الاستجابات الصوتية والحركية، وكذلك التعبير العفوى الناتج عن توتر عصبى، فضلا عن إجبار الممثل نفسه على الإحساس رغما عنه، وكلها معوقات حالت دون الأداء الجيد للممثلين فى غالبية الحلقات على نحو أكمل يفضى بالضرورة إلى نجاحه فى تجسيد الشخصية على الشاشة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق