طالما كانت بريطانيا ملاذا آمنا وذلك منذ أن منحت حق اللجوء للفيلسوف والكاتب الفرنسى الشهير فولتير فى القرن الثامن عشر «هربا من السجن لسنوات طويلة فى الباستيل نتيجة صراع مع أحد النبلاء الفرنسيين». ومنذ ذلك الوقت وهى مقصد جاذب لكل «الفارين» سواء من الاضطهاد أو أى «مصدر خوف» آخر.
لا تفرق بريطانيا بين من تستقبلهم من مضطهدين «أو مدعى الاضطهاد» من غير المرغوب فيهم فى بلدانهم ولا تنظر إلى ما اذا كانوا أخيارا أم أشرارا فهى تفتح أبوابها لطالبى اللجوء وتصنفهم وفقا لمنظورين:
الأول :منظور أخلاقى من منطلق الدفاع عن الحريات وحماية الضعفاء ومساندة المظلومين «من وجهة نظرهم».
الثانى : منظور الاستفادة المستقبلية حيث تتمكن بريطانيا من خلال توفير ملاذ آمن للجواسيس والمنشقين السياسيين وأقطاب المال تحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية فى الدول التى ينتمون إليها.
ويرى المحللون أنه يمكن استغلال المنشقين السياسيين كبطاقة ضغط ضد نظام ما أو كوسيلة لإبرام الصفقات ،وفى أحيان أخرى يتم تدريب وإعداد هؤلاء المنشقين للاستيلاء على السلطة فى الدول التى ينتمون إليها حينما تأتى اللحظة المناسبة.
الأمر نفسه ينطبق على الجواسيس حيث تتم الاستفادة أيضا من كم المعلومات السرية التى جمعوها طوال سنوات عملهم. أما بالنسبة لأقطاب المال ، خاصة القادمين من جمهوريات الإتحاد السوفييتى السابق، والتى استقبلت بريطانيا عددا كبيرا منهم خلال السنوات الماضية فقد قدموا خدمات جليلة للبلاد من خلال استثماراتهم الضخمة فى كثير من القطاعات مما ساعد على إنعاش الاقتصاد البريطانى.
وفى مقابل استفادة بريطانيا يستفيد طالبواللجوء من خصوصية بريطانيا كدولة متعددة الأعراق ، وسمعتها كملاذ آمن ،و اللغة، و مرونة قوانين طلب اللجوء وعدم وجود اتفاقيات لتبادل المطلوبين للعدالة بين ةبريطانيا و كثير من الدول.
ورغم الإستفادة المتبادلة فهذا لا يمنع تفجر فضيحة بين الحين والآخر تزج ببريطانيا فى أتون الأزمات الدبلوماسية كضريبة لاستقبالها الجواسيس والمنشقين والمخربين.كانت آخر تلك الفضائح محاولة تسميم الجاسوس الروسى المزدوج سيرجى سكريبال وإبنته بغاز الأعصاب القاتل فى سالزبورى ببريطانيا والتى تتهم لندن موسكو بالتورط فيها.
محاولة اغتيال سكريبال أعادت للأذهان قضية الجاسوس الروسى الكسندر ليتفيننكو الذى فر إلى بريطانيا وشن حملة انتقادات واسعة ضد الرئيس فلاديمير بوتين ولقى مصرعه فى نوفمبر 2006 بعد ثلاثة أسابيع من تناوله كوب شاى ملوث بمادة مشعة فى العاصمة لندن.وقد اثبتت التحقيقات تورط المخابرات الروسية فى قتله.
هناك 14 قضية اغتيال أخرى داخل الآراضى البريطانية من المنتظر أن يعاد فتح التحقيقات فيها خلال الفترة المقبلة من أهمها:
بوريس بيريزوفسكى:رجل الأعمال الروسى المعارض لبوتين والذى أدين غيابيا فى روسيا بتهم تزوير واختلاس وعثر على جثته فى منزله فى بيركشاير فى عام 2013.
الكسندر بربيليشنى:رجل اعمال روسى على خلاف مع الكرملين عثر على جثته بالقرب من منزله فى «سرى» فى 2012 بعد ممارسته رياضة الجرى
ماثيو بنشر:خبير الاشعاع تعرض للطعن داخل منزله فى اكسفوردشاير فى عام 2016 بعد خمسة أشهر من زيارته لروسيا.كان بنشر قد شارك من قبل فى التحقيقات الخاصة بتسميم الجاسوس ليتفيننكو واكتشف وحود العنصر المشع فى الشاى الذى تناوله ليتفيننكو
يورى جولبف:رجل أعمال روسى وأحد الأصدقاء المقربين من الملياردير ميخائيل خودوركوفسكى ألد خصوم بوتين والذى قام بتمويل عدد من الأحزاب المعارضة لبوتين.وقد عثر على جولبف ميتا على كرسى داخل شقته فى لندن فى 2007.
بادرى باتركاتشيفيلى:رجل الأعمال من جورجيا وصديق مقرب من بوريس بيريزوفسكى حيث فرا من روسيا إلى بريطانيا فى نفس الفترة.وقد عثر على جثته فى ليذرهد فى عام 2008.وكان باتركاتشيفيلى يتحدث قبل موته عن وجود مؤامرة لاغتياله .
رابط دائم: