برغم ما أحرزته المرأة على المستوى العالمى من مكاسب خلال مائة عام بعد سنوات طويلة فى رحلة نضال وتضحيات دفعت ثمنها الآلاف من السيدات من أجل تحقيق المساواة وحصولهن على حقوقهن الإنسانية والسياسية والاجتماعية فإن المرأة مازالت تعانى العنف والتمييز،وتناقش هذا الموضوع بمناسبة اليوم العالمى للمرأة ـ الذى يوافق اليوم من كل عام ـ على الرغم من أنها تمكنت أثناء وعقب الحرب العالمية الآولى خلال الفترة من عام1914 الى 1918 من إثبات قدرتها على تولى أعمال ووظائف كانت مقصورة على الرجال ووصلت الى أعلى المناصب القيادية والسياسية.
وعلى الرغم من المواثيق والمعاهدات الدولية التى تؤكد احترام حقوق الإنسان والمرأة والمساواة بين الجنسين.. إلا أن هناك الكثير من الأصوات وصرخات النساء فى العالم العربى والغربى أيضا من محاولات النيل من حقوقهن الدستورية وممارسات التهميش والعنف والتمييز وتزايد ظاهرة التحرش أيضا، وهو مادفع العديد من نجمات السينما العالمية إلى إعلان تضامنهن فى مواجهة الظاهرة.
د. مها السعيد ،مديرة وحدة مكافحة التحرش ورئيس قسم اللغة الانجليزية كلية الآداب جامعة القاهرة ،تقول: إن التحرش والعنف ضد المرأة ظاهرة عالمية تعانى منها ثلث النساء فى العالم، وتشير الإحصائيات الى أن هناك 700 ألف امرأة فى أمريكا تتعرض للاغتصاب كل عام، كما تتعرض امرأة للضرب المبرح كل 15 ثانية وأن كل 3 سيدات تم التحرش باثنتين منهن، ومع ارتفاع مستوى التمكين الاقتصادى للمرأة فى الهند مثلا فإنها نجدها تعانى زيادة تعرضها للعنف المنزلى وللضرب والاستيلاء على أموالها بالقوة. أما أهم الأسباب فهى فى الأساس ترجع الى عدم التكافؤ واختلال موازين القوى والمكتسبات التى تفرض سيطرة الرجل على المرأة، والتحرش من وسائل فرض الهيمنة.. والآن بدأت انتفاضة النساء فى العالم ضد العنف والتمييز ولم تعد تخشى أو تخاف من الكلام عن التحرش، حيث كان الرجال دائما فى مواقع المسئولية مثل السياسيين وأصحاب المال والنفوذ.. ومن وجهة نظرى أن مايحدث الآن من انتفاضة يشهدها العالم كافة يعد موجة نسوية رابعة وأن سماع أصوات النساء المرتفعة ومطالبها بالمسكوت عنه مكاسب تبدو صغيرة، ولكنها كبيرة جدا تدل على أن المرأة وصلت لدرجة من التمكين الحقيقى غير السياسى والاقتصادى والاجتماعى الذى كنا طوال الوقت نتحدث عنه فقط. وكان تضامن نجوم السينما العالمية فى حفل الأوسكار منذ سنتين، ومؤخرا تضامن نجمات هوليوود يعد رسالة واضحة عن تحمل مسئولية المجتمع الشرقى لتعرض المرأة للعنف وضرورة تفعيل دور ووثائق الأمم المتحدة لدعم المرأة وحمايتها من كل أشكال العنف والتمييز وضرورة معرفة الأسباب الحقيقية ومواجهتها.. هل هو الكبت، أم الحريات الزائدة أم عدم التدين أم اختلال موازين القوى؟
دعاء السنجرى كاتبة وصحفية متخصصة فى شئون المرأة تقول: إن ما يحدث يشبه «مغارة على بابا» وهى دائما مسار رحلة المرأة نحو تفعيل حقوقها وتحويل مكتسباتها الى حقيقة، حيث دائما ماتعود من حيث بدأت فى مشهد واحد لا يتغير فى عالم ذكورى وامرأة تحاول أن تقتحمه لتحقيق وجودها واثبات فاعليتها وتوثيق قدرتها، وعلى الرغم من أن تقدم أى مجتمع وتطوره هو ثمرة منطقية لوضع المرأة فيه، إلا أن المرأة مازالت تحاصرها كلمات التحرش والعنف والتمييز والتهميش لقدرتها، . أتمنى أن يأتى يوم يرجع العالم سواء الشرقى أو الغربى الى الإنسانية، وهذه كانت أمنية سيمون دى بوفوار المفكرة والفيلسوفة الفرنسية أن ينتصر الإنسان على عقده ويهزم كل الإشكاليات التى تؤثر على درجة ارتقائه الإنسانى، وعندما يتحقق ذلك للمرأة سيتحقق للرجل.
د. هناء السيد أستاذ مساعد الإعلام جامعة المنوفية، تقول: أكرمت جميع الديانات السماوية المرأة، ولكن للأسف إن المرأة ما زالت تواجه التهميش وصوره الكثيرة والمتعددة فى حقوقها، سواء فى العمل أو الحقوق عامة، فهناك مثلا قوانين منظمة للعمل فى كثير من دول العالم تعطى للمرأة أجرا أقل من الرجل على أساس أنها أمرأة فقط لاغير، كما أن المرأة فى غمار اللهث وراء تحقيق المكانة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية قصرت فى كثير من الأدوار الطبيعية التى تقوم بها فى المجتمع، وأهم دور هو تربية النشء على أسس سليمة من العادات والقيم والأخلاق، وبالتالى ظهرت المشكلات التى نشاهدها من سوء المعاملة والتمييز والعنف والتحرش. وعلى الإعلام دور مهم فلابد أن يسلط الضوء على قضايا وحقوق المرأة والأدوار التى يمكن أن تقوم بها فى المجتمع والمحافظة على مكتسباتها، والبعد عن إظهار المرأة على أنها الشيطان الذى يغوى الرجال والمنحرفة وخاصة فى بعض المجتمعات الغربية التى تمارس التمييز العنصرى ضد الجنسيات والتمييز ضد الأعراق المختلفة، وغالبا تظهر المرأة الزنجية كفتاة ليل وتسكن مناطق بها عنف، لذلك نحتاج الى سن القوانين التى تناهض كافة أشكال التمييز ضد المرأة على المستوى الدولى، وإقامة المنتديات التى تناقش مشاكلها، وإنتاج برامج تليفزيونية متخصصة فى هذا المجال.
رابط دائم: