رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سقوط بنت الذوات
هاجر من مغامرة الإدمان إلى احتراف تجارة الهيروين

محمد شمروخ

تعالى يا هاجر.. جربى هذا السحر.. لا تخافى فأنت جريئة ولن تندمي.. لا تصدقى ما يقال عنه فى السينما والجرائد والمسلسلات، فما ستشعرين به من لذة سوف ينسيك كل آلامك، فما فائدة المال إذا لم نشتر به راحتنا!

ــ هل تعرفين يا هاجر لماذا اسموها «تذكرة»؟!.. لأنها تسافر بك إلى مكان آخر، لكن سفر الهيروين ليس كأى سفر، فالسفر على الأرض ينقلك من مكان إلى مكان آخر، لكن هذه التذكرة سوف تخرج منك اختناق المكان وقيد الزمان وهناك ستجدين  مشاعر ومعانى أخرى ليس لها أسماء أو أوصاف ولم تخطر لك على بال ولكنها النشوة التى ستحكم حياتك وأحاسيسك ويصبح الوجود كله فى خدمتك يحقق لك ما تشاءين من رغبات، فقط بمبلغ بسيط، فلا تصدقى أنه باهظ الثمن كما يقولون، فبثمن تذكرة صغيرة لا يزيد عن نصف مصروف يومى عادى لمن هى فى مستواك، يمكنك أن تشترى تذكرة لنتقاسمها معا فى ستة خطوط أو سطور وسوف يكفى أن تشمى نصف سطر واحد وسترين بنفسك النتائج!.

ــ أرأيت يا هاجر؟!.. إنه ما لا يزيد عما تمنحيه يوميا لسايس الجراج فى النادى سيحقق لك كل ما تشتهين، سوف يريحك من كل متاعبك وسوف ينهى ذلك القلق من حياتك وهذا الهم الجاثم على صدرك.

لكن أى هم وأى قلق ذاك الذى ضرب حياة هاجر ذات الخامسة والثلاثين من العمر؟!، فهى من أسرة ثرية ونشأت فى بيت أبيها رجل الأعمال الكبير فى أرقى شوارع مدينة نصر، لم تحرم يوما من شيء، كانت هاجر نوارة العيلة ودلوعة بابا وماما ولم تعرف من المعاناة سوى حيرة الاختيار ما بين الرفاهية والترف والغالى أم الأغلى!.

كما أنها سارت بها الحياة مثل أى فتاة مثلها، أحبت وتزوجت من رجل أعمال شاب ينتظره مستقبل صاعد واعد وانتقلت معه  إلى حى المهندسين وأنجبت 3 أبناء وكان فى وسعها أن تطلب أى شيء، فقد كان أبوها وزوجها يتنافسان على تحقيق ما يسعدها بأى وسيلة!.

لكن للرفاهية فيروسات خاصة تتسلل إلى قلوب المترفين فتثقلها بالضجر والملل والزهق، فصارت تشكو أمورا مثل شكوى الجلد الأملس من نعومة الحرير، كما أن هناك شلة المرفهين من رفقاء النادى الكبير الذى لم تنقطع عنه كثيرا رغم بعد المسافة عنه بعد انتقالها للمهندسين.

وغامرت هاجر بدخول المنطقة كثيفة الأشجار فى النادى الكبير بشرق القاهرة لتخطو أول خطواتها فى عالم اللذة الكبرى لتشم نصف أول خط من أول تذكرة تقطعها لرحلة مجهولة كانت تشكو قبلها من آلام وهمية وغدت بها الآن تشكو من آلام واقعية.

ومن نصف سطر إلى سطر كامل، فتذكرة، فجرام، ثم  عرفنا الجرامات، حتى دخلنا فى كسور الكيلو، وتعلمت هاجر كيف تشترى وحدها الهيروين دون مساعدة أى من أصدقاء النادى وتتفاخر بأنها تذهب وحدها إلى وادى «السحر والجمال» وهو الاسم الذى أطلقه المدمنون على منطقة على طرف القاهرة الشرقى بطريق الإسماعيلية الصحراوي، حيث ينشق عمق الصحراء عن أعراب يأتون لبيع الهيروين وباقى أنواع مخدرات أولاد الذوات «جملة وقطاعي» فى أكبر مول تجارى مكشوف للمخدرات فى مصر.

وكان لابد أن ينكشف الأمر، فالمدمن لا يستطيع إخفاء إدمانه طويلا، لكن «بابا» تعامل مع إدمانها على أنها ضحية فأسرع بها إلى مركز باهظ التكاليف لعلاج الإدمان وهناك عانت من آلام «السحب» مالا يطاق حتى يتخلص دمها مما لوثته به من « الهيروين » لتخرج مرة أخرى للحياة ولكن هيهات ألا تعود، فالحياة كما هى والأصدقاء والنادى والترف وفيروسات الرفاهة الغامضة ثم شكوى الملل والضجر والزهق.. ثم العودة ولكن العودة هذه المرة ليست كسابقتها، فقد سجلت هاجر نفسها فى صفوف المدمنين الأولى وألقت بكل شيء وراءها وأول ما ألقته كان أولادها الثلاثة الذين نجا بهم الأب منها بعدما تفرغت للذاتها.

ولأن «الأب» ما زال مصرا على أنها ضحية، كانت محاولته الثانية لعلاجها ولكنه المستحيل بعينه، فهربت من الجميع إلى «أم كريم» وهى واحدة من أشهر تجار الصنف نمرة «1» وخطت هذه المرة معها أكبر خطوات السقوط اتساعا فاتفقت معها كالمعهود فى رحلة الإدمان، على أن توزع الهيروين لحسابها نظير تعاطى كميتها اليومية أو ما يزيد.. وأنت وشطارتك.

وخضعت هاجر لاختبارات أم كريم التى تراقب عن بعد شبكة موزعيها بنفسها ونجحت وصارت محل ثقتها، فكافأتها بأن جعلتها من موزعى الفئة الأولى التى تزيد لها الكمية، لأنها مجتهدة وأمينة وبنت ناس ولن تخونها وكل أصحابها من «الطبقة العليوي».

وإمعانا فى تأكيد الثقة أعطتها الست سيارة فاخرة لتوزع بها البودرة ووصلت الكمية التى كلفتها بها إلى ربع كيلوجرام من الهيروين وهو كمية هائلة بكل حسابات التجارة مما يوعد بمستقبلها «المشرق» فى تجارة الصنف.

وكانت هاجر تتنقل بالسيارة الفارهة وبلغة خاصة لا يفهمها إلا أولاد الكار فى مكالمات المحمول ورسائل مواقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت، كان يتم البيع فى الشوارع من سيارتها إلى سيارات المدمنين وكان كل شيء يسير على ما يرام.

لكن سيارة غامضة وقفت فى صف طويل من السيارات فى شارع جانبى هدأت فيه الحركة فى حى الظاهر بوسط القاهرة، ولم يكن بالسيارة سوى ضباط من مباحث المخدرات، تلقوا تكليفا من اللواء زكريا الغمرى مساعد وزير الداخلية ومدير الإدارة العامة لمباحث مكافحة المخدرات، بضرورة التوصل إلى هاجر التى صارت واحدة من أشهر وأخطر موزعى الهيروين فى القاهرة وما أن بدأت فى التوزيع، حتى أحاط بها الضباط  ومعها «الربع كيلو هيروين» لتدخل هاجر هذه المرة فى طريق يعرف الجميع كيف ستكون نهايته!.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 2
    ابو العز
    2018/03/03 10:49
    0-
    2+

    للرفاهية فيروسات
    صحيح ان بعض المرفهين قد ينحرفون وهذا امر واقعي وخاصة مع افتقاد الواعظ الديني والاخلاقي ولكن الحقيقة الجلية ان ليس كل مرفه منحرف حتى لا يظن ان الانحراف مرتبط بهم وحدهم فكم من فقير معدم وكم من عاطل عن عمل وكم من بائس محروم وشقي تائه ساقته ذاته المعذبة الى الانحراف والادمان في ابشع صوره. نحن كلنا مسؤولون عن ما يحدث في مجتمعنا والعقاب وفتح السجون ليس هو الحل الامثل بل علينا ان نفكر بعمق ونبحث عن وسائل فاعلة وفورية لأنقاذ ما يمكن انقاذه.
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق
  • 1
    مصرى حر
    2018/03/03 08:54
    0-
    1+

    إدمان المخدرات يفقدها لقب بنت الذوات
    الوصول الى مرحلة تجارة المخدرات يعنى فقدانها مواصفات بنت الذوات فى الثراء والحيثية والشياكة،،، وصلت الى مرحلة قلة المال ادى بها الى المتاجرة فى المخدرات فأستحقت لقب البلطجة والاجرام بجدارة
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق