أنا سيدة فى مقتبل العمر أكتب إليك رسالتى فى انتظار ما تشير علىّ به لحسم مشكلتى التى تؤرقنى وتقض مضجعى، ولا أجد لها حلا برغم عملى فى مجال علم النفس، وقد بدأت حكايتى فور تخرجى فى الجامعة، حيث طرقت أبواب عمل كثيرة، وابتسم لى الحظ عندما راسلتنى زميلة لى بأنها سوف تترك عملها لدى أخصائى نفسى شهير، وأنها ترشحنى للعمل مكانها، فسعدت بعرضها، إذ أن جميع طلبة علم النفس بالجامعات المصرية يحلمون بمجرد حضور محاضرة له، فما بال من تتاح له فرصة العمل معه؟، وهكذا شددت الرحال إليه، وتسلمت عملى، وكنت اقضى فيه أوقاتا طويلة أحيانا، واعترضت أمى على مواعيدى، فهدّأت روعها بأننى أحب هذا العمل، وبمرور الوقت سوف تتحسن أوضاعى فيه.
وذات يوم وصلت إلى مقر عملى، ويقع بالدور الأول فى الفيللا التى يملكها الدكتور، وفتح لى الباب شاب عرّفته بنفسى، ودخلت، فلاحظت أنه نظر الىّ كثيرا، ثم علمت أنه ابنه، وبمرور الأيام اعتاد دخول العيادة والحديث معى بشكل عابر، ثم سألنى: هل أنت غير مصرية؟ فأجبته بأننى سودانية، ودار حوار قصير قال فيه أنه صيدلى، ويرغب فى الزواج منى، فرددت عليه بأننا نعمل بحديث رسول الله صلى الله وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه»، وأن الأمر برمته موكول لوالدتى وشقيقى وهما يعيشان معى فى مصر، أما أبى فمسافر إلى الخارج، وبصراحة انتابتنى بعض الهواجس بشأنه من كثرة تردده على العيادة، فسألت عنه زميلاتى ممن تعرفت عليهن، وسبق لهن العمل مع الدكتور فأجمعن على تحذيرى منه، فتغيرت معاملتى له بل لا أبالغ إذا قلت إننى كرهته بالمعنى الحرفى للكلمة، فلست أنا التى يلعب بها أى شخص، وجاءنى ذات مرة، وقال فى كلمات محددة وواضحة أنه يعمل فى أحد المستشفيات، ويجهز صيدلية خاصة به، ويقيم فى دور بالفيللا وسوف يتزوج بها، ويحفظ القرآن الكريم ويواظب على أداء الصلوات، ولا يدخن، ويريد أن يتقدم لأسرتى لطلب يدى، وأن والدته أثنت علىّ، ورشحتنى له، إذ أنه الولد الوحيد لها، وبنت أخرى تكبره بعامين.. فطلبت إمهالى عدة أيام قبل الرد عليه، وأجريت تحريات جديدة عنه أكدت أنه خطب أكثر من مرة ثم فسخ الخطبة، ومع ذلك أحببته وقررت الموافقة عليه، وزكاه لدىّ إلحاحه المستمر بأن أحدد له موعدا لزيارتنا، وأبلغت أمى بطلبه، فشاورت أخى فى الأمر، ودارت بينهما مناقشات طويلة، ولم يوافق على مبدأ الزواج من غير سودانى إلا بعد جهد كبير، وفى إحدى الكافتيريات الشهيرة التقينا أنا وهو وأخى ووالدتى ووالدته، وكان أبوه فى مهمة عمل بالخارج، وانتهى اللقاء بارتياح من جانبى، وسعادة غامرة بدت على ملامحه، وجاءونا بعد ذلك جميعا فى زيارة للاتفاق على التفاصيل، ولم تكن والدتى تعرف وقتها شيئا عن الزواج فى مصر، فمن عاداتنا فى السودان أن العريس يحضر ما يستطيع شراءه فى بيت الزوجية، واستمرت المداولات بين أسرتينا، واتفقوا فى النهاية على دفع مهر، ونتولى نحن شراء العفش، ومستلزمات الزواج، وتمت خطبتنا، وكنا نتواصل على «الفيس بوك»، وحاولت فتاة كانت تعرفه اختراق حسابنا، فأرسلت إليها كلاما صارما واكتشفت فيما بعد أنها خطيبته السابقة، التى فسخ خطبته لها لأنها تشك فى تصرفاته، ووجدت بعد ذلك رقم هاتفها مسجلا على هاتفه بمكالمات بينهما تؤكد أنه هو الذى يتصل بها، لكنه أنكر وقال إنها هى التى تحاول العودة إليه! فانهرت فى البكاء وحاول إرضائى، والحق أنه كان كريما جدا، وحاول التسرية عنى، ووجدتنى مستسلمة لمشاعر حبه، وصرت قلقة من فكرة الانفصال التى قد تتسبب فيها أفعاله الطائشة.
وعند شراء عفش الزوجية، لم تحضر أمى إذ من العيب أن تختار العروس عفشها، فالعريس هو الذى يأتى بما يتيسر له من أثاث، وتعصب حماى جداً، واستغربت حماتى موقفها أيضاً، وحاولت أن أشرح لهم عاداتنا وتقاليدنا، فكما أننا نستجيب لعاداتهم، وننفذ طالباتهم بحذافيرها، فمن العدل أن يتركوا أمى براحتها، وجرت فى النهر مياه كثيرة فى تفاصيل «العفش»، والظروف الصعبة التى مررنا بها، لكن والدتى تحمّلت الكثير، وشاركتنا خالتى بتوفير بعض المتطلبات، وأخيراً ضمنا عش الزوجية، وفى اليوم التالى وجدت على هاتفى رسالة من فتاة تقول: «صباحية مباركة ياعروسة»، ولما أطلعت زوجى عليها قال إنها فتاة لعوب معه فى العمل، وطلب منى ألا أركز معها فتجاهلت الموضوع اعتقادا بأنها تريد أن تدمر زواجنا، ولكن سرعان ما لاحظت أنه أخذ هاتفه المحمول وانتحى جانبا، وتحدث فيه، ثم عاد إلىّ فأخبرنى أنها مديرته فى العمل، وتكرر ذلك كثيرا، إذ كان يغلق الخط، كلما فوجئ بى أمامه!
وكان رافضا فكرة أن نقضى بضعة أيام خارج القاهرة، ولم يوافق على سفرنا إلى الإسكندرية إلا بضغط من أبيه وفى يوم السفر ركبنا سيارة ميكروباص، فليس لدينا سيارة خاصة وفى الطريق أجرى مكالمة، وهو جالس بجوارى وفوجئت به يقول: «إزيك أنا فى الجيزة .. إنتى فين دلوقتى .. وحشتينى»، وذلك على مسمع منى فظننت أنها أخته، فطلبت منه الهاتف، فلم يعطنى أياه، ثم حذف المكالمة ففتحت «الواتس آب» فوجدت أنه تبادل الرسائل مع صاحبة هذا الرقم التى وضعت لها صورة بملابس الزفاف، وقد قال لها: «وحشتينى جداً» ولم أنس تلك اللحظة حتى الآن، بل وستظل عالقة بذهنى، إذ كانت كفيلة بتدمير كل جوانب الثقة التى بنيتها معه، وحاول كعادته تهدئتى، وبعد أن نزلنا من الميكروباص اتصلت بوالدته، فطلبت منى أن أبعث رسالة إليها فيها كلمات قاسية لعلها ترتدع!، ففعلت لكنها لم تأبه لذلك، وعرفت أن هذه «المرأة الغامضة» تعمل ممرضة فى المستشفى الذى يعمل به زوجى «صيدليا»، وأنها متزوجة ولديها ثلاثة أبناء، وقد تحدثت معها بهدوء بأن تبتعد عنه، فوعدتنى بذلك ولكن كله مجرد كلام، سواء منه أو منها، ففى الوقت الذى أنام فيه إلى جواره، يراسلها ورغما عنى تنساب دموعى على خدى بلا جدوى.
ولما فاض بى الكيل أخبرت حماى بأمره فجمعنا، وروى كل منا الموقف كما يراه فتغير وجه حماى، فهو رجل معروف بحسن الخلق، وحافظ للقرآن الكريم، فكيف يرتكب إبنه هذه المعاصى خصوصا وأنه يحمل الصفات نفسها؟، واعتبرنا حالة مرضية، وشرح أبعاد ما نعانيه، بل وتحدث عن الأسباب المنطقية للطلاق، وأن ابنه لم يرتكب «خيانة عظمى» كالزنا، ولم يتركنا إلا بعد أن هدأنا، ولم يمر أسبوع واحد حتى عاد زوجى إلى محادثاته الغرامية، وحاول إبعاد الأنظار عنها إلى الحديث عن أننى بعدها بأسابيع لم أحمل برغم مرور ثمانية أشهر على زواجنا، ثم شاء القدر أن أحمل فى إبنى، وتصورت أنه سوف ينشغل به، وللأسف زادت مكالماته مع هذه السيدة التى لا أعرف سر علاقتهما، وحدثتنى ذات مرة، وأبلغتنى بأنها متمسكة بزوجها، ولا ترغب فى الطلاق منه، وأنها تريدنى أن أبعد زوجى عن طريقها وألا يبعث رسائلها إلى زوجها! فصدقتها بغبائى!
وحدث تطور آخر هو أن زوجى أخذ يبتعد عنى ويرفضنى كزوجة، وأخبرت أخى بذلك فنصحنى بأن أتزين وأصبر وأهتم بنفسى، وقد فعلت كل ذلك بلا جدوى، وعندما قلت له عن الممرضة: إذا كنت تعرفها قبلى وتريدها، فلماذا تزوجتنى؟، فيكيدنى بقوله: «المشكلة أنها متزوجة، وإلا كنت اتجوزتها من زمان»! وتكشفت لى حقيقة جديدة، وهى أنه مشترك معها فى «جمعية»، ويريد أن يأخذ المبلغ الذى ادخره فيها وهو بحوزتها، ولكنها تماطل فى إعطائه له! فهى لا تحبه ولكنها تريد أن تأخذ منه ما تستطيع أن تحصل عليه من أموال، وذلك بعلم والدتها التى تعمل «فراشة» فى المستشفى، ولم أجد حلا سوى أن أخبر زوجها، وحصلت على رقم هاتفه، وأبلغته بأمر زوجته فجاء رده صاعقاً: حيث قال لى: «مراتى تمام خلى جوزك يبعد عنها» هو محتاج علاج نفسى لأنه مش مضبوط، بيعمل نفسه دايخ ويترمى فى المستشفى، وحط رسالة قبل كده فى شنطتها وصورته ونصها «إنتى مراتى وأشهد الله على ذلك»!!
ولما واجهت زوجى بهذا الكلام الغريب وسألته كيف تكون زوجته؟ ولماذا كتب لها ذلك؟ أنكر كالعادة، ووضعت ابنى وأنا فى هذه الظروف النفسية السيئة، وصار الأمر قاسيا علىّ، فركزت كل اهتمامى فى طفلى الذى اشبعنى عاطفيا، بعد فشل محاولاتى فى استرجاع حب أبيه الذى لم أطلب منه سوى المودة والرحمة، وكلما لجأت إلى والد زوجى وأمه لا أجد منهما سوى السباب والشتائم.. تصور ـ ياسيدى ـ أن سلوكهما معى وصل إلى هذا الحد برغم علمهما بأخطاء ابنهما المدلل، وكانت النتيجة أن أمى توقفت عن زيارتى، ولا يتدخل أخى فى إصلاح ما فسد فزوجى يرد عليهما بكلمات فيها سباب وشتائم، وبعد أن فاض بى الكيل طلبت الطلاق، وجاء أبى من السفر وحاول تضميد جراحنا، لكن الأمور تطورت إلى مشادات وخلافات بين أهلى وأهله، ولا أدرى أى شيطان هذا الذى دخل بيتنا وسيطر على أركانه؟!.
وغاب زوجى عن عمله، فجاءه إنذار بالفصل، واتهم أمى بأنها هى التى دبرت له هذا الإنذار، ثم تأكد أنه لا علاقة لها به، وجمعنا حماى مرة أخرى، وجعلنا نقسم ـ على المصحف ـ بالا أخبر أمى، وألا أفشى سر زوجى، وأن أهتم ببيتى وزوجى وابنى، كما أقسم زوجى بأن يترك الحديث مع النساء، ويقطع علاقاته بهن، وأن يحفظ بيته وزوجته، وبعد انصراف أبيه طلب منى ألا أزور أمى لمدة ثلاثة أشهر إلى أن تهدأ الأمور، ففعلت لكنه بعد انتهاء الشهور الثلاثة مدها إلى ستة أشهر!، وحاولت تهدئته، وإفهامه أن فى ذلك عقوقا لها، فوافق أخيرا على أن أزورها دون أن أصطحب أبننا معى! وكادت المشاجرات أن تندلع فى البيت من جديد، لولا أنه سمح لى بزيارة قصيرة مع إبنى إلى أمى لمدة ساعتين!.
لقد حاولت إعادة بناء الثقة بيننا لكنى لاحظت أنه بدأ حديثا لأول مرة مع زوجة ابن خالته الذى يعمل فى السعودية، وأيضا تلك السيدة عن طريق «الواتس آب» فأخذت الرسائل المتبادلة «سكرين شوت» وأرسلتها إلى أخته، وبعدها قالت له أمه: «خللى بالك .. بلاش كلام مع الست دى» ـ تقصد زوجة ابن أختها ـ لكنه هدأ لفترة ثم عاود السلوك نفسه، وهكذا أموت فى اليوم مائة مرة، وأصبحت شبه وحيدة بعد أن ابتعدت منذ الزواج عن صديقاتى وأريد أن أستعيد حياتى الاجتماعية، وثقتى بنفسى، إذ أننى أنفعل الآن بسرعة وأكسر ما تطوله يدى من أشياء عند الغضب، وقد مزقت عقد الزواج الخاص بى فى إحدى مشاجراتنا، وكنت أريد الطلاق وكثيرا ما طلبته لكنى أخشى أن يأخذ منى ابنى، ومازالت كلماته ترن فى أذنىّ «ماعندناش طلاق ولو عايزة تطلقى .. مش هتخدى الولد.. دا ابنى وبإسمى» فصرت مربوطة ومحبوسة، فماذا أفعل؟.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
ما يفعله زوجك بعلاقاته الغامضة مع الكثيرات يدخل فى باب «الخيانة الزوجية» التى هى فعل أحد الطرفين ما لا يرضاه الطرف الآخر، سواء أقام الزوج علاقة بامرأة أخرى، أو بنت الزوجة علاقة برجل آخر، أيا تكن هذه العلاقة بداية من الإعجاب وانتهاء بممارسة العلاقة الخاصة، وتوجد أسباب كثيرة للخيانة وفقا لهذا المفهوم عند الرجال، فهناك من يسعى إلى التجربة الجديد لاكتساب نوع من الخبرة، خاصة إذا لم يكن لديه وازع دينى يمنعه من ارتكاب العلاقة المحرمة، ومن يلجأ إلى الخيانة كرغبة فى التغيير أو مجاراة لأصدقائه الذين تربطهم علاقات نسائية خارج الحياة الزوجية، وأعتقد أن زوجك وفقا لما ذكرتيه يريد إثبات أنه مرغوب من الكثيرات، ولذلك تنقل فى تجاربه دون أن يستقر على واحدة، ولم يختر من بينهن زوجة له سواك لأنه أحبك، فحب الزوج زوجته لا يمنع خيانته لها لأنه يخون بجسده وشهوته، لكن حب المرأة زوجها يمنعها من الخيانة، ولو فكر كل مهنما قليلا لوجد أن «حب الاحتواء» يمنع الخيانة، بمعنى الاحتواء النفسى والروحى والجسدى بينهما.
إن زوجك أخطأ بعلاقاته النسائية الكثيرة، لكن مهما يكن من أمره فإن خيانته ـ فى حدود ما ذكرتيه فى رسالتك ـ لا تنافس حبه لك، وعليك ألا تقتلى هذا الحب، وألا تهدمى حياتك، وأوكلى الأمر لله، إذ أنه لو ارتكب الخيانة، فإنه خان ربه، وكم كنت أود ألا تصل الأمور بينكما إلى حد المواجهة مع الأهل، ففى مثل هذه المشكلات يجب على الزوجة ألا تتصادم مع زوجها منعا من أن يتطور الحديث الهادئ إلى نقاش حاد، ومن ثم يفقدان احترامهما بعضهما، لكنك لم تنتبهى إلى أن الاحترام يسهم فى محاصرة الرجل ومراقبته، وإذا انكسر لا يمكن إصلاحه، إذ سيعتاد الزوج ذلك، وقد يصل به الأمر إلى حد الخيانة الكبرى، ومن المهم أيضا ألا تجعل الزوجة علاقتها بزوجها كعلاقة المتهم برجال الأمن، فتبحث وتنقب دائما خلفه لاكتشاف ما يؤكد إدانته، .. إنها قواعد مهمة تساعد فى إبعاد الزوج عن طريق الهلاك الذى يسير فيه، وإعادته إلى زوجته وبيته عندما يدرك أن من يسعى لإقامة علاقات معهن خائنات فمن تخون زوجها مع آخر سوف تكرر الخيانة نفسها مع آخرين وأن علاقتها به لغرض محدد، فإذا انتفى الغرض سوف تبحث عن غيره، ولن يكون حريصا على أى واحدة منهن لأنه لجأ إليهن من باب التسلية.
إننى لا أدرى كيف انزلق زوجك إلى هذا المنحدر، وهو حافظ للقرآن الكريم، ويتمتع بأخلاق حسنة، وكريم، وعطوف؟.. فالمؤكد أن هناك جوانب غير مفهومة فى تربيته، وماضيه، وشخصيته، وأحسب أن أباه، وهو أستاذ متخصص فى علم النفس قادر على إعادته إلى الطريق المستقيم بحسن التوجيه، وليس بالقسم على المصحف ـ على حد ما ذكرتيه ـ وباستطاعتك أيضا استعادته إليك بنسيان ما حدث، والتعامل مع الماضى كذكرى مؤلمة، ولو فعلت ذلك سيصبح أكثر قابلية لتوجيهاتك، وسوف يتوقف عن سلوكيات أخرى لا ترضيك، فالعقلانية هى المفتاح السحرى لتفادى الخلافات، وليعلم زوجك أن الخيانة مهما اختلفت أشكالها فإنها تحمل نفس المعنى والتأثير، لأنها فى النهاية سوف تقتل قلبك ونفسك من ناحيته، وأنك الأبقى والأخلص له، وأنت أم ابنه وشريكة حياته.
إن الحياة الزوجية رباط ليس من السهل هدمه خصوصا أن بينكما طفلا سوف يتشرد ولن يجد نفسه فى أسرة مستقرة إذا انفصلتما، فقد تأتيه زوجة أب غير أمينة عليه، أو زوج أم لا يهتم به، ولا يكون بديلا له عن أبيه، ومن هنا أدعوك إلى أن تسامحى زوجك وأن تتحلى بالصبر والتفكير الهادئ، ومن الضرورى أن يشعر بقوة إرادتك، ووعيك وثقافتك، ولا يمنع ذلك أن تفاتحيه فى أخطائه، وأن تشعريه بأن ما يفعله سوف يندم عليه، وأنك أوكلت أمرك إلى الله، فهو سبحانه وتعالى أعلم بسرائر العباد، وعندما يرد عليك بأى إجابات استمعى إليه جيدا، ودعيه يقول كل ما عنده، حتى تعرفى وجهة نظره كاملة، وإذا طرحت عليه أى أسئلة ناقشيها معه بلا عصبية، فالصوت العالى والنرفزة يؤديان إلى تفاقم المشكلة وليس حلها، وتوخى الحذر أن تكسريه، فمهما تكن فداحة خيانته، فإنه يرفض أن تذله زوجته، وقد يتمادى فيما هو سائر فيه، وإذا وقع شجار بينكما فأرجو ألا تذكريه بمغامراته النسائية السابقة، وابنيا معا قاعدة جديدة للصراحة والتفاهم، ومن المهم أن تتلمسى دائما الأسباب التى دفعته إلى الخيانة لتعرفى هل هى نزوة أم أنه خائن بطبعه؟
أما عن الحال التى أنت عليها الآن فيجب معالجتها فى إطار من الشفافية والوضوح، مع رأب الصدع فى علاقة والدتك بزوجك وأسرته، فحالة الجفاء الحالية سوف تؤدى إلى تباعد المسافات بينهم، وسينعكس عليك ذلك بالسلب، وأدعو حماك بما يملكه من خبرات فى هذه المسائل إلى أن يعيد المياه لمجاريها بين الأسرتين، وأن يتدخل لحل مشكلة زوجك المتعلقة بمسألة «الجمعية» مع السيدة العاملة بالمستشفى، إذا كان ذلك صحيحا، تمهيدا لقطع علاقته بها، إذ أننى أستشعر أن هناك خيطا غير مفهوم فى علاقته بها، خصوصا أن زوجها يعلم بالعلاقة التى تربطهما ووجّه اللوم لزوجك بأنه هو الذى يطارد زوجته، ولا أدرى لماذا يسكت عن هذه «العلاقة المريبة»؟!
ولا سبيل إلى وضع النقاط على الحروف والوصول إلى حل قاطع إلا بالامتثال لقوله تعالى « وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذلك لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم 21)، وكذلك فى حالة الخلاف حيث يقول تعالى «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا» (النساء 35)، فسيرى على هذا المنهج، وإذا تكررت خيانته وأصر عليها فانفصلى عنه، لأن الانفصال سيكون هو النهاية التى لا مفر منها، مهما يطل العمر، أما إذاإذا عاد إلى ربه، وهدأت الأمور فواصلى حياتك معه، وأظنه سيلجأ إلى الخيار الثانى لأنه يحبك ولن يأمن لأخرى سواك، والله المستعان.
رابط دائم: