جرأة ومغامرة خطيرة أن تقدم عرضا مسرحيا مستوحى من أحد أهم العروض فى تاريخ المسرح الخاص، لأن شبح المقارنة سيلاحق الأبطال الجدد وقد يقضى على مستقبلهم الفنى تماما، خاصة إذا كان العرض الأصلى هو العيال كبرت.. رائعة سمير خفاجى وبهجت قمر وسمير العصفورى وبطولة الفنانين الراحلين أحمد زكى وسعيد صالح ويونس شلبى وكريمة مختار وحسن مصطفي، والذى عرض عام 1979..
والأخطر أن تكون أحداث العرض الجديد امتدادا متخيلا لأحداث للعرض الأصلي، ولكن مغامرة المخرج الواعد شادى الدالى والمؤلف الشاب علوى الحسينى بكتابة نص «العيال رجعت» استطاعت أن تداعب وجدان الجمهور وتشعرهم بحنين جارف لرائعة العصفوري، ونجومها، خاصة أن الأحداث الجديدة تدور حول أبناء كمال وسلطان وعاطف الذين يعيشون مع عمتهم «سوسو» وزوجها فى منزل العائلة بعد رحيل آبائهم، ويتفقون معا على بيع البيت ليحقق كل منهم أحلامه المؤجلة، وبعد ثورة سوسو العمة ورفضها للبيع لا ينقذ البيت سوى ابنتها العائدة من الدراسة بالخارج بحيلة ذكية تشبه إلى حد كبير فكرة خطف الشقيق الأصغر عاطف أو يونس شلبى للضغط على الأب، بينما يضطر الأبناء إلى بيع حصتهم فى البيت لعمتهم بحيلة الابنة العائدة التى لعبتها منة تيسير بحيوية ومرح نالا استحسان الجمهور.. ولاشك أن جزءا أصيلا من نجاح العمل هو ديكور د.أحمد عبدالعزيز الذى يضع الجمهور أمام نفس ديكور العرض الأصلى مع وضع صور لأهل البيت الذين توفاهم الله، بالإضافة إلى أداء الممثلين الذى يشعرك على الفور بأن أحمد زكى وسعيد صالح ويونس يتحدثون أمامك، فقد بدا علوى الحسينى مجسدا لروح سعيد صالح إلى حد كبير, وكذلك نجح محمد عبدالرؤوف فى لعب دور ابن كمال رغم صعوبة تقليد أداء الراحل أحمد زكي، بينما اجتهد محمد محسن ليبدو كابن عاطف أو يونس شلبى وإن كان أداء الأخير صعبا رغم سلاسته وتلقائيته.. وكذلك استدعاء بعض الأزياء من العرض الأصلى مثل الجلابيب القصيرة ومشهد الحوار التليفونى من خلف مكتبة المنزل..
أما رضا إدريس فقد لعب دور زوج سوسو الحريص على مصالحها بأداء كوميدى رائع ولعب مع الأبناء الثلاثة مباراة تمثيلية ساخرة وجذابة للغاية، وبدا العرض فى مجمله وكأنه تكريم واحتفاء بالعرض الأصلى وبطلته نادية شكرى خاصة بعد ما عانته من تجاهل فنى وإعلامى شديد طوال السنوات الماضية، لتبقى التجربة خطوة لافتة على طريق المسرح الخاص الراقى وغير المبتذل، خاصة انها بتوقيع مخرج معروف بأعماله المتميزة فى مسرح الدولة مثل شادى الدالي.
رابط دائم: