رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الحبس والتعويض لتصوير وإذاعة خصوصيات المواطنين وكشف عوراتهم

د. صلاح الأحول

أثارت واقعة تصوير مرضى مستشفى العباسية للصحة النفسية فى أوضاع غير لائقة ، الرأى العام، باعتبارها أنتهاكا صريحاً لآدميتهم، بل كثيرا ما يفاجأ البعض احيانا بنشر صور خاصة لهم على شبكة الانترنت دون سابق انذار، مما يعد أقتحاماً للخصوصية المصونة بالدستور والقانون، فى ظل تخفى كاميرات المحمول، التى أصبحت كاشفا وفاضحا لعورات المجتمع، فكيف نحمى الحياة الخاصة من المتلصصين ?.

الدكتور صلاح عبد الحميد الأحول الخبير فى القانون الجنائى الدولى، يقول لقد أحسن دستور مصر 2014، صنعًا حينما أفرد نصوصًا عدة فى الباب الثالث بشأن الحقوق والحريات والواجبات العامة، لذا نجد المادة -51- تقول إن الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها، والمادة -54- تقضى بأن الحرية الشخصية حق طبيعى، وهى مصونة لا تمس، والمادة -57- من ذات الدستور تنص على أن للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس...، وأخيرًا المادة -60- من ذات الدستور «لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون.... الخ...».

ويأتى قانون العقوبات فى المادة -102- مكرر، ليجرم نشر الصور والفيديوهات الخاصة بالغير دون الحصول على إذن بحسبان ذلك يشكل انتهاك حرمة وخصوصية الغير، وعاقبت المادة -309 - مكرر بالحبس مدة لا تزيد على سنة ، كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا أو بغير رضا المجنى عليه، وهى «استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه محادثات جرت فى مكان خاص أو عن طريق التليفون، أو التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أيا كان نوعه صورة شخص فى مكان خاص»، ولم يدخر القانون المدنى وسعًا فى وقف هذا الاعتداء مع التعويض، إذا وقع على حق من الحقوق الملازمة لشخصية الفرد، وذلك عبر المادة -50- من هذا القانون، كما انتهى قضاء النقض إلى أن: «للحقوق الملازمة لشخصية الفرد ومنها حياته الخاصة حرمة يحميها القانون، والكشف عنها بطريق إعلانها للغير بأمور من شأنها أن تذيع دون إذن منه أسرارًا عن حياته الخاصة يحرص على كتمانها أو تنطوى على مساس باعتباره وكرامته يُعد اعتداء غير مشروع على هذه الحقوق، يتحقق به ركن الخطأ الموجب للمسئولية التى لا يدرؤها فى هذا الخصوص إثبات صحة هذه الأمور، فإذا ما ترتب على هذا الاعتداء ضرر فإن المتسبب فيه يلزم بتعويضه، يستوى فى ذلك أن يكون ضررًا ماديًا أصاب الفرد فى مصلحة مالية أو أدبية أصابه فى معنوياته ومنها شعوره بالاعتداء على حقه الشخصى هذا».

وإذ عرضنا فيما سبق أن الدستور والقانون قد اتصفا بالحسم فيما يتعلق بتداول البيانات الرسمية، لدرجة أنه لا يمكن استخراج شهادة تفيد بتلقى شخص ما لعلاج نفسى، أو للإدمان دون إذن من المريض أو من القضاء، ولو كان قريبه من الدرجة الأولى وكان التجريم حليف من يخالف ذلك، لكن ما نراه من راغبى الشهرة أو التشهير فى نشر ما يحلو لهم من خلال الاعتداء على الحياة الخاصة للآخرين وخدش حيائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، والانتشار السريع للمعلومات والصور المتداولة، مما دفع المشرع لتأثيم هذه الأفعال الدنيئة جنائيا بالحبس ومدنيًا بالوقف والتعويض، متى كان له مقتضى فضلاً عن العقوبة المهنية «لمخالفة ذلك آداب المهنة» التى يسأل مقترفها تأديبيًا. ولما كانت هذه الجرائم ونماذجها المختلفة تنال من حياة الأشخاص وحرياتهم مما تشكل اعتداءً على خصوصياتهم وأن نشر هذه الصور أو المعلومات ينبغى أن يؤخذ بعين الحيطة والحذر من قبل فاعلها بحصوله على إذن سابق من صاحبها وبموجب هذا الإذن يجاز النشر؛ فإننا ندعو المشرع لأهمية وجود نصوص تجريمية مستقلة وواضحة لمجابهة ثورة المعلومات وسرعة التداول عبر مواقع التواصل الاجتماعى خشية إفلات البعض من المسئولية الجنائية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق