هذه رسالة لشاب فرنسى يتلقى علاجا فى مستشفى إسلامى بـالأندلس أرسلها لوالده فى باريس قبل حوالى ألف سنة - ويقول فيها والدى العزيز: لقد ذكرت فى رسالتك بأنك سوف تبعث لى بعض النقود لكى أستعين بها فى علاجي، لكنى لا أحتاج إلى النقود مطلقاً؛ لأن المعالجة فى هذا المستشفي مجانية، بل إن المستشفى يدفع إلى كل مريض تماثل للشفاء مبلغ خمسة دنانير، وملابس جديدة حين يغادر المستشفي، لكى لا يضطر إلى العمل فى فترة النقاهة.
والدى العزيز: لو تفضلت وجئت لزيارتى فسوف تجدنى فى قسم الجراحة ومعالجة المفاصل، وسوف تشاهد بجانب غرفتى مكتبة، وصالون للمطالعة والمحاضرات، حيث يجتمع الأطباء فيه يوميا للاستماع إلى محاضرات الأساتذة، أما قسم الأمراض النسائية فيقع فى الجانب الثانى من ساحة المستشفي، ولا يُسمح للرجال أن يدخلوا إليه، وفى الجهة اليمنى من الساحة تجد صالوناً كبيرا مخصصا للمرضى الذين تماثلوا للشفاء؛ حيث يقضون فيه فترة النقاهة، ويحتوى الصالون على مكتبة خاصة وآلات موسيقية.
والدى العزيز: إن كل نقطة وكل مكان فى هذا المستشفى غاية فى النظافة، فالفراش والوسادة التى تنام عليها مغلفة بقماش دمشقى أبيض، أما الأغطية فمصنوعة من المخمل الناعم اللطيف، وجميع غرف المستشفى مزودة بالماء النقى الذى يصل إليها بواسطة أنابيب خاصة، وفى كل غرفة مدفأة لأيام الشتاء، أما الطعام فهو من لحم الدجاج والخضار، حتى إن المرضى لا يريدون مغادرة المستشفى طَمَعا بالطعام اللذيذ.. هكذا كنا - أين نحن اليوم؟ !
محمد مدحت لطفى أرناءوط - موجه عام سابق بالتعليم
رابط دائم: