لم تعد الحرب المصرية الشاملة على الإرهاب والجماعات التكفيرية مقتصرة على المواجهة الأمنية للأيدى الآثمة التى تنال من الأبرياء ورجال الشرطة والجيش، فقد بادرت المؤسسات الدينية إلى تسيير القوافل الدعوية فى المناطق الحدودية والنائية من مطروح والسلوم غربا إلى حلايب وشلاتين وأبو رماد جنوبا وصولا إلى البحر الأحمر وسيناء شرقا، وذلك لمواجهة جماعات العنف والتكفير فى المناطق النائية التى يلزمها الاهتمام من جانب الحكومة، وذلك فى إطار خطط سياسية واقتصادية، بجانب التوعية الدينية والإعلامية لتلك المناطق لملاحقة مكامن الإرهاب فى المناطق النائية والحدودية.
وزارة الأوقاف سيرت قافلتها الدعوية الأولى إلى حلايب وشلاتين برئاسة الدكتور محمد مختار جمعة، وقررت بناء 100 منزل للأهالى هناك. وأطلق مجمع البحوث الإسلامية ــ فى إطار الدور المجتمعى والتوعوى للأزهر الشريف ــ قافلة توعية ومساعدات إنسانية إلى عدد من المدن الحدودية شملت: «حلايب وشلاتين وأبو رماد ومرسى علم» بدأت فعاليتها، أمس الأول، وتستمر لمدة أسبوع.
ويقول الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن هناك اهتماما من الدولة بتنمية كل منطقة من أراضى مصر، ومثلما تواجه الدولة الإرهاب فى شمال سيناء بالتنمية والعمران، فإنها عازمة على تحقيق التنمية والعمران فى كل أنحاء الجمهورية، من خلال خطط تنفذ على أرض الواقع. ونعمل بشكل مكثف على سد الفراغ والوصول للناس فى القرى والنجوع والمناطق النائية, وهناك خطة تتمثل فى إرسال القوافل الدعوية بشكل أسبوعى إلى المحافظات وسيتم التركيز على سيناء وحلايب وشلاتين والمحافظات النائية للوجود بين المواطنين لتصحيح المفاهيم ومواجهة الأفكار المتشددة, ويشارك فى هذه القوافل عدد من كبار العلماء ودعاة الأوقاف، وستركز هذه القوافل على الجانب الإيمانى والأخلاقى ومصلحة المجتمع، وسوف تنفذ الوزارة مبادرات من خلال هيئة الأوقاف تتمثل فى بناء 100 منزل هدية لأهالى حلايب وشلاتين على أحدث الطرز المعمارية، وتعيين 11 إماما و25 عاملا، بجانب الاهتمام بمكتبات المساجد ومدها بأحدث إصدارات الوزارة، كذلك سيتم إنشاء مجزر آلى حديث بشلاتين.
وعاظ الأزهر
من جانبه قال الدكتور محيى الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن قافلة الأزهر تسعى لتحقيق انتشار واسع فى ربوع هذه المدن من خلال معايشة واقع الناس والإحساس بهمومهم فى مختلف القضايا التى تتصل اتصالا مباشرا بحياتهم، وتعاملاتهم اليومية، والفهم الصحيح للإسلام بعيدًا عن الغلو والتطرف، وبعث الأمل فى نفوس الناس وإحياء الروح الوطنية، وتقديم مساعدات غذائية متنوعة للأهالى فى هذه المدن الحدودية، فضلاً عن توزيع بطاطين لحمايتهم من برد الشتاء كنوع من تقديم يد العون للناس ولتنمية روح التكافل المجتمعى فيما بينهم بشكل واقعى وملموس، موضحا أن القافلة لا تغفل الجانب الدعوي، حيث تضم القافلة لجان فتوى متنقلة من أعضاء لجان الفتوى بالأزهر الشريف؛ للإجابة على تساؤلات المواطنين حماية لهم من فتاوى غير المؤهلين والمتشددين، بالإضافة إلى توزيع أعضاء القافلة إلى مجموعات متنوعة تنتشر فى المدارس والنوادى والمساجد لتوعية الطلاب والشباب ومختلف شرائح المجتمع والإجابة على أسئلتهم، حيث تبدأ فعالياتها صباحا باستقبال المواطنين وإجابة لجان الفتوى على أسئلتهم ويتلو ذلك الانتشار وسط الأهالي، كما يشتمل برنامج القافلة على ندوات ولقاءات مسائية.
الانتماء للوطن
من جانبهم أكد علماء الدين أن هذه المبادرات تحقق مبادئ المواطنة والتكافل الاجتماعي، وتعمق الانتماء للوطن، وتقطع الطريق على الجماعات الإرهابية التى تسعى للسيطرة على الشباب فى هذه المناطق. وأشاد الدكتور نبيل السمالوطي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، بالمبادرات التى يقوم بها الأزهر والأوقاف فى حلايب وشلاتين، مؤكدا أنها أراض مصرية منذ العصر الفرعوني، وجزء لا يتجزأ من مصر، وأنها بحاجة للدعم والمساندة من كل الجهات، سواء أكانت مساندة دعوية من خلال الدعوة للإسلام الصحيح، أو من خلال التنمية الاقتصادية وتشغيل أبناء هذه المنطقة، والقضاء على البطالة وخفض نسبة الفقر.
وفى سياق متصل أشاد اللواء شكرى الجندى، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، بالجهود المبذولة فى تنمية حلايب وشلاتين، مؤكدا أن هذه المبادرات تصب فى صالح الحفاظ على الأمن القومى المصري، وأن الدولة لا تألو جهدا فى دعم وتنمية حلايب وشلاتين وغيرها من المناطق النائية.
وطالب الدكتور بركات عبد العزيز، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، بضرورة أن يقوم الإعلام بدوره فى التواصل مع أبناء المناطق الحدودية. وأوضح أن التركيز الإعلامى وإقامة المشروعات ومد الخدمات يعمق الانتماء الوطني، ويصحح المفاهيم ويدل على أن هناك رعاية شاملة من الدولة لكل مواطنيها.
رابط دائم: