رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الانتخابات ومواقع التواصل.. طريق ذو اتجاهين

يسرا الشرقاوي

مثل غيرها، كانت العملية السياسية إجمالا، والممارسات الانتخابية تحديدا من أهم سياقات التعاملات الإنسانية التي عكست الحضور الطاغي لـ»مواقع التواصل الاجتماعي» خلال السنوات الأخيرة. والملاحظ أن العلاقة بين الإثنين - مواقع التواصل والانتخابات - لا تتخذ شكلا محددا أو تسير في طريق واحد دون آخر، فبقدر ما كشفت أبرز الدورات الانتخابية في الديمقراطيات الغربية مؤخرا عن توظيف مذهل وإيجابي لمواقع التواصل في دعم حملات المرشحين مثلا، فإنها أيضا كانت أداة وفعالة جدا في إفساد حملات أخرى، إلى حد اختراق تكتلات الرأي العام وتوجيهها بشكل مدروس لإسقاط منافس ما أو إعلاء فئات بعينها.

 

مبدئيا، يتوجب الإقرار بأن مواقع التواصل الآن أهم أدوات إدارة الحملات الانتخابية كما كشف حملة الانتخابات النموذجية للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الملقب بـ «أول رؤساء التواصل الاجتماعي»، لكون حملته الانتخابية عام 2008 أولا، ثم رئاسته ثانيا، أولى حقب التوظيف الخلاق وواسع النطاق لمواقع التواصل، وهو ما أكده كتاب «رئيس مواقع التواصل الإجتماعي : باراك أوباما وسياسة المشاركة الرقمية» الصادر في أمريكا عام 2013.

فقد وفرت مواقع التواصل لأوباما مرشحا ولنظرائه معه ومن بعده وسيلة للتواصل المباشر والتفاعل الفوري مع الناخبين وبأقل تكلفة ممكنة وبسهولة لا تتطلب أكثر من كبسة زر، سواء لعرض برنامج انتخابي أو لطرح رؤيته في قضية بعينها، والأهم أنها أداة فعالة للتدخل السريع لاحتواء ما يتوجب احتواؤه بشكل عاجل، كاتهام أو شائعة ما، أو فضيحة.

كما بات التواصل أداة أساسية في إدارة الحملة الانتخابية وحشد المؤيدين وتوجيههم للمشاركة النشطة، فمثلا، الموقع الرسمي لأوباما وقت انتخابات 2008 – والذي أداره كريس هيوز أحد مؤسسي «فيسبوك» - كان منصة لإنشاء حسابات فرعية لأنصار الرئيس السابق، والذين استخدموه بدورهم في تنظيم أنشطة محلية لمناصرة أوباما سياسيا وماديا.

كما لم يغفل المرشح استغلال «التواصل الإجتماعي» في دعم موراده التمويلية، بإدارة حملات «قنبلة المال»، أو «Money Bomb»، لحشد الأنصار للتبرع في غضون 24 ساعة فقط.

لكن ليس كل ما يرد من «مواقع التواصل» خير، فقد شهد العامان الأخيران تناميا في التوظيف السلبي لهذه المواقع، سواء من جانب المنافس المباشر في الانتخابات أو القوى الخارجية صاحبة المصلحة في فوز أحد المرشحين، كما في قضية التدخل الروسي المحتمل عام 2016 في دعم المرشح الجمهوري آنذاك دونالد ترامب مقابل منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

وكشف استطلاع أعده موقع «نيوزباز» أن الأخبار الملفقة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من حملة الرئاسة الأمريكية على مواقع التواصل نالت تفاعلا جماهيريا يفوق الأخبار الصحيحة التي نشرتها في الوقت ذاته 19 من كبريات المنصات الإعلامية الأمريكية مثل «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست».

ولم تقتصر المسألة على الولايات المتحدة، فقد أقر تقرير صدر في يناير 2017 عن مكتب مدير مجلس المخابرات القومية الأمريكية بالتدخل الإليكتروني الروسي، محذرا من تكرار وانتشار هذه الهجمات لتشتيت الحملات الانتخابية للدول «الحليفة»، وهو ما تحقق فعلا قبل وخلال الانتخابات الألمانية في سبتمبر الماضي، من نشر الأخبار الملفقة حول جرائم لطالبي اللجوء، للتأثير على فرص نجاح المستشارة أنجيلا ميركل، وكذلك قبيل إجراء استفتاء استقلال كاتالونيا في أكتوبر الماضي، وأيضا في انتخابات الرئاسة الفرنسية، بهدف دعم مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، وقبل ذلك في استفتاء الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي 2016، بل وتوجد مخاوف من تكرار الحملات «التواصلية» نفسها ضد فلاديمير بوتين في انتخابات الرئاسة الروسية المقبلة لخدمة «أعداء روسيا»!

وفي محاولة لتفسير ديناميكيات الحملة « التواصلية»، تنقل مجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية عن جيد ويلارد الأستاذ بجامعة هارفارد ومستشار فنلندا والسويد لمكافحة التضليل الإخباري - أن السر وراء نجاح هذه الحملات هو استغلال المهاجم لثغرات المجتمع المستهدف، مثل الأزمات الاقتصادية أو النزاعات العرقية، بحيث ينسج حولها حملة «الأخبار المضللة» لإضعاف قوة سياسية دون أخرى.

ويلاحظ أن هذه الحملات تزداد تأثيرا بتنامي عدم ثقة الجماهير سواء إزاء مؤسسات الدولة أو وسائل الإعلام، ما يجعلهم أسهل عرضة للتضليل والاستهداف في تطبيق لظاهرة «الغرفة ذات الأصداء»، أو Echo- Room، حيث يميل الشخص لتتبع الأخبار التي تتوافق مع مواقفه أكثر من تلك العاكسة لحقيقة الأمور.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق