◄ تكريم الرئيس السيسى أغلى «كأس» حصلت عليها
منذ أن تفتحت عيناه، وجد نفسه متنقلا بين المستشفيات، وضيفا دائما داخل غرف العمليات، حتى صار طفلا، ولكن ليس ككل الأطفال، فالجميع يلعبون فى المتنزهات ويقضون أجمل أيام عمرهم متنقلين بين الحدائق .. إلا هو، كان يشاهدهم بعينه ولا يشاركهم، يلعب معهم فى خياله فقط، بسبب «الدائرة المغلقة» التى دخلها بعد تأكيد إصابته بشلل نصفى، فلم يبق له من متسع الحياة غير مساحة كرسى متحرك ليمارس حياته فيها.
تبدلت ضحكات طارق، بالحزن تارة، وبالدموع تارة أخرى، وعندما كبر أكثر وأدرك حجم معاناته، أصبحت الحياة بالنسبة له أكثر قسوة، ففى سن العاشرة حاول الانتحار، وبعدها بعام واحد كرر المحاولة.. سنوات طويلة من الألم، وتفاصيل كثيرة استخرجناها من دولاب الشاب طارق وهدان, الذى حول الحزن إلى فرح له ولأسرته، والألم إلى أمل، حتى صار أفضل لأعب ناشئ فى العالم لعام 2017 فى رفع الأثقال.
بابتسامة رضا تملأ وجهه يقول طارق: ولدت مصابا بفتق فى العمود الفقرى أدى إلى شلل نصفى بالجزء الأسفل، الأمر الذى اكتشفه الطبيب عقب شهرين من ولادتى مما أستدعى إجرائى عمليات كثيرة لا أستطيع معرفة عددها, ولكن ما أتذكرة من بينها عملية فى النخاع الشوكى وفى البطن وتبديل أوتار وصمام فى المخ وغيرها، وظلت رحلة العمليات المريرة حتى وصلت لسن 14 عاما، وللأسف جميعها كان نتيجتها الفشل.
ويضيف طارق (20 عاما): التحقت بالمدرسة حتى الصف الثانى الابتدائى ثم تعرضت لحادث دفع من على السلم فأصبت بكسور زادت من أوجاعى، ومراعاة لظروفى سمحت لى إدارة المدرسة بالدراسة المنزلية والذهاب فقط فى فترة الامتحانات، وحصلت على مجموع 86% فى الثانوية العامة وحاليا أدرس فى كلية الآداب قسم تاريخ بجامعة حلوان، وأتمنى إكمال الدراسات العليا.
الانتصار من رحم اليأس
وعن أسوأ الفترات والأزمات التى مر بها فى حياته، يقول طارق: حاولت الانتحار مرتين وأنا صغير، الأولى كان عمرى 10 سنوات، حيث تناولت كمية كبيرة من العقاقير، والثانية 11 عاما، بمحاولة إلقاء نفسى من شرفة المنزل، وذلك بعدما تملكنى اليأس بسبب جلوسى لفترات طويلة وحيدا، فكان والداى يذهبان يوميا للعمل، فوالدتى الدكتورة إيمان السيسي، طبيبة نفسية، ووالدى الدكتور مصطفى وهدان، طبيب أسنان، كما كان شقيقى عمرو وشقيقتى علا يذهبان للمدرسة، فشعرت بأننى لا جدوى لى فى الحياة.
وعن بداية رحلته الرياضية يقول طارق: منذ نحو 5 سنوات نصحنى أحد الجيران بأن أمارس رياضة رفع الأثقال لما منحنى الله من قوة عضلية، وساعدنى صديقى «أحمد محمود» على الالتحاق بفريق رفع الأثقال بنادى اتحاد الشرطة, وشجعنى الكابتن سيد عبد الحافظ، الذى منحنى الأمل فى أننى سأصبح بطلا فى المستقبل، خاصة بعدما كان أول وزن أحمله 40 كيلو فى حين أن كل المبتدئين لا يحملون أكثر من 20 كيلو.
«ذهبيات» محلية ودولية
واستكمالا لحديثه عن تفوقه الرياضى يقول طارق: فى أول بطولة جمهورية حصلت على الميدالية الفضية «المركز الثانى»، وقد رافقنى الحظ بأن شاهد أدائى عدد من مدربى المنتخب، وقرروا ضمى له، ثم توالت نجاحاتى الرياضية.
وحول مشاركته فى البطولات المحلية والدولية، قال: شاركت فى بطولة الجمهورية 8 مرات، حصلت خلالها على 4 ميداليات ذهبية و2 فضية و2 برونزية، أما البطولات الدولية، فقد كانت أول بطولة لى فى السعودية عام 2014، وحصلت على الميدالية الذهبية، كما شاركت فى شهر فبراير الماضى فى بطولة التأهيل لبطولة العالم فى دبى، وحصلت على المركز الأول «الميدالية الذهبية» بعدما تغلبت على المنافسين الماليزى والياباني، كما حصلت الشهر الماضى أثناء مشاركتى فى بطولة العالم بالمكسيك على الميدالية الذهبية، والعام الماضى تم اختيارى كأفضل لاعب ناشئ فى العالم لعام 2017 فى رفع الأثقال من اللجنة البارالمبية الدولية.
تكريم الرئيس
وعن تكريم الرئيس له الأسبوع الماضى، يقول طارق: لا يمكننى وصف سعادتى لحظة مصافحتى الرئيس السيسى، وهو يكرمنى بصفتى أحد الأبطال الذين شرفوا مصر ورفعوا علمها بالخارج، وهذا التكريم أغلى «كأس» حصلت عليها فى حياتى، فحبى للرئيس لم يأت من التكريم، بل لأنه حقا يهتم بشئوننا، ويكفى أنه جعل عام 2018 عاما «لذوى الإعاقة».
ولكن فى المقابل ينتقد طارق عدم الاهتمام بدعم ممارسى الرياضة من المعاقين، فيقول: حينما نشاهد ما تفعله الدول الأخرى مع أبطالها من توفير كل ما يحتاجونه من كراسى متطورة وأجهزة وملابس وتكريم مادى كبير لأبطالها فى حين لا نجد نحن اهتماما مماثلا فأن ذلك يؤثر علينا سلبا بشكل كبير.
ويختتم طارق حديثه قائلا: «سأحاول وأعافر طالما أننى مازلت أتنفس» وأنا حاليا أخطو بخطوات ثابتة نحو الاستعداد لدورة الألعاب الأوليمبية فى طوكيو2020، وأتمنى أن أحقق أرقاما قياسية تسجل بأسمى مثل «قدوتى» ومثلى الأعلى الكابتن شريف عثمان.
رابط دائم: