رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تجديد الخطاب الدينى.. بين تحقيق الحلم وإزالة العقبات!
د. بكر زكى عوض: حركة التجديد لا تزال فى محلها والتنسيق غائب

تحقيق ــ حسنى كمال ــ خالد المطعنى ــ نادر أبو الفتوح
> المؤسسات الدينية تحرص على مواجهة الفكر المنحرف

◙ الأوقاف: تكثيف القوافل الدعوية ومنظومة لتدريب الأئمة
◙ الإفتاء: 5 مشروعات إفتائية وعلمية وإعلامية بالداخل والخارج

ونحن على أعتاب عام جديد، يتجدد الحديث حول قضية تجديد الخطاب الديني، وهى من أهم القضايا التى شغلت أذهان الكتاب والمفكرين فى الآونة الأخيرة، خاصة بعد أن أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى دعوته المهمة، إلى ضرورة إحداث ثورة دينية وفكرية على مستوى المفاهيم والتوجهات مع تزايد العمليات الإجرامية من الجماعات الإرهابية منذ 30 يونيو وحتى الآن.

وإذا كانت مؤسساتنا الدينية تحرص على نشر حقيقة الإسلام ومواجهة الفكر المنحرف وتتبنى استراتيجية كاملة لمواجهة التنظيمات الإرهابية والجماعات التكفيرية مثل داعش وغيرها، فمازال السؤال يطرح نفسه، رغم تثميننا للجهود المبذولة من قبل مؤسساتنا الدينية، أما زالت المؤسسات الدينية قادرة على إحداث ثورة تجديدية على مستوى الأفكار والمفاهيم حتى نواجه الإرهاب؟ وما السبيل لإزالة العقبات المانعة من التجديد؟!

فى البداية يقول الدكتور بكر زكى عوض، عميد كلية أصول الدين السابق، إن الدعوة إلى تجديد الخطاب الدينى تجاوزت عشر سنوات منذ عقدت وزارة الأوقاف مؤتمرا لتحقيق هذه الغاية، وزادت الرغبة فى السنوات الأخيرة، لتحقيق هذا الأمل، ولكن الحركة لا تزال فى محلها على قاعدة الجرى فى المكان، أو المشى على عجلة كهربائية، دون أن يعقد مؤتمر يناقش فيه لماذا تخلفنا عن تحقيق هذا الحلم؟ وما السبيل لإزالة العقبات المانعة من التجديد؟ ويمكن القول إن إزالة العقبات شرط لتيسير السير، وأن الطرق الممهدة هى التى يسهل الحركة فوقها، فإذا ما مهدت كانت أكثر أمنا وأسرع فى السير، وبخاصة إذا كانت المعالم واضحة والجهة المقصودة غير مجهولة، فإذا طبقنا هذه الأمور على تجديد الخطاب الديني، تأكد للجميع أن كل مؤسسة تنظر إلى التجديد من زاوية غير التى تراها الأخرى، فالساسة تشغلهم الحركات المارقة الفاجرة الفاسقة التى تقلق المضاجع وتزهق الأرواح وتهدم الديار وتنشر الخراب وترمل النساء وتيتم الأطفال، وتثكل الأمهات، وهم يرون أن هذا ناتج الفهم السقيم للتدين والجهل بحقيقة الدين، وأظن أن هذه الحركات إن قضى عليها فلن يدعو الساسة إلى تجديد الخطاب الديني.

خطأ فى الفهم

وأضاف: إن المؤسسات الدينية ترى التجديد فى الخطبة الملقاة والموعظة المؤداة والندوة المنعقدة هنا أو هناك، وغالبا ما يكون اختيار الموضوع متصلا بحدث وقع أو متوقع دون اعتبار للزمان والمكان والمستوى الثقافي. والإعلام فيما نراه ونشاهده قد انقسم على نفسه فى هذا الجانب، حيث دعيت بعض وسائل الإعلام بأنها إعلام الدولة، بينما دعيت وسائل إعلامية أخرى بالقنوات والصحف الحرة، ومن يرقب المجددين فى هذين الاتجاهين يدرك أن المدعوين إلى هذه الوسائل لا يدعون إلى الأخرى، والعكس بالعكس، فضلا عن تبادل الاتهام، والرمى بالجهالة فى بعض الأحيان، مما ينعكس سلبا على تجديد الخطاب الديني، ومن العجيب والغريب أن تيارات دعوية أخرى غير رسمية قد نمت فى مسيرة الدعوة المزعومة للسلفية، وإن كانت وزارة الأوقاف تحرص على ألا يتصدى للدعوة إلا من كانت روحه متفقة مع روحها »التسامح ـ الوسطية ـ التبشير لا الإنذار- اليسر لا العسر« ومع هذا لا يستطيع أحد أن ينكر أن المتطرفين لا يزالون يمارسون نشاطا دعويا، ومن المتطرفين فكريا من يشغل مواقع علمية فى الجامعات المصرية، فضلا عن المواقع الإدارية، ولا تزال أفكارهم المتردية تسيطر على فكر بعض الناشئة.

إزالة الموانع

وأوضح د. بكر زكى عوض أنه إذا كانت إزالة الألغام مطلوبة للسير فى طريق التجديد فإننى أشير إلى الموانع والعقبات التى تحول دون التجديد المنشود، عل المسئولين يقومون بإزالتها حتى يمكن التجديد، ومن هذه الموانع: فقدان الأهلية للتجديد عند كثيرين، بل إن أكثر القائمين على الدعوة إلى التجديد يحتاجون إلى دورات تدريبية مكثفة، حتى يستطيعوا التجديد- وهذا ما تفعله وزارة الأوقاف الآن - كما أن عدم اقتناع كثيرين بالتجديد وتصورهم أنها دعوة غربية لهدم الإسلام يعد من موانع التجديد، ومن العقبات عدم تحرير تراثنا الإسلامى مما علق به من شوائب، أو امتلأت به بعض الكتب من مسكنات أو تجاوزت العبارات فيه حد الاعتدال، وبخاصة تراث (ابن تيمية، وابن القيم، والمودودي، وآخرين)، كما أن مناهج التعليم الدينى جامدة، ولا يزال تحريرها من كثير من الأحكام والعبارات القديمة من فروض العين الآن (تقسيم الديار، تقسيم البشر، قضية الجزية، قضية الرق، العجائب والغرائب فى المسائل الفقهية)، وفى الختام أقول إن الصراع الدعوى القائم على التناقض لا التنافس هو من معوقات التجديد، ويلحق به الصراع بين دعاة التجديد ودعاة التقليد، كما أن بعض الاتجاهات المعاصرة صارفة عن قبول التجديد، ويعد انحدار المستوى العلمى لمن عينوا بالتكليف من موانع التجديد، فهل تزال هذه العقبات، حتى تكون انطلاقة التجديد، أم أننا سنظل نحرث فى الماء؟!

الأمل لا يزال مستمرا

وحول جهود المؤسسات الدينية وآليات تجديد الخطاب الدينى يقول د. إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية: إن المؤسسات الدينية مازالت قادرة على إحداث ثورة تجديدية على مستوى الأفكار والمفاهيم حتى نواجه الإرهاب، رغم كل ما يحدث، فهناك أمل كبير منعقد على تطوير وتجديد الخطاب الدينى داخل المؤسسات الدينية وخارجها، ولعل انعكاس باكورة هذا التجديد أو هذه الثورة، إن صح التعبير، على أكثر فئات الشعب الآن بات واضحا، فهناك رفض قاطع للإرهاب، للتعاطف مع الإرهابيين، وإجماع شعبى على وجوب إنهاء ومحاصرة هذا الفكر، ويجب أن نقول أيضا إن الآمال المطلوبة أكثر مما تحقق وأنجز بالفعل، لأن التحديات التى تواجهها مصر كبيرة وقوية، فقضية المواطنة التى ترسخ الفهم الصحيح لتعامل المسلم والمسيحى كقطبى أمة واحدة متكافئة متساوية فى الحقوق والواجبات، ما زالت تحتاج إلى كثير من العمل والتجديد، حتى نصل إلى الصورة المثلى التى نتجاوز بها أى فتنة طائفية تستغل لإحداث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وما شهدناه فى الأيام الماضية من تكتل المسلمين حول كنائس إخوانهم المسيحيين لمجرد استشعارهم بالخطر المحدق بالكنائس فى احتفالات أعياد الكريسماس، وأيضا ما شهدناه من صرخات إمام المسجد لأجل إنقاذ الكنيسة وتدافع الناس بلا سلاح لا فرق بين مسلم ومسيحي  لمحاصرة إرهابى مسلح مفخخ فى مشهد تاريخى، لهو صورة مشرفة، تعلمنا أن هناك أملا كبيرا في نتائج تجديد الخطاب الديني، ما أنجز على المستوى الدعوى والإفتائى وعلى مستوى تطوير المناهج وعقد المؤتمرات وتصحيح المفاهيم ونشر الوعى الدينى الصحيح بين المصريين شيء كبير، والمنتظر أكبر، خاصة أن الشعب المصرى يميل بفطرته للتعايش السلمي والتسامح ونبذ العنف والبعد عن الطائفية، وإن نجح الخطاب الدينى المتطرف فى أن يختطف منا قلة قليلة من أبناء الشعب ويجرفهم فى تياره فى ساعة غفلة وركون واطمئنان إلى دعاوى المتطرفين أنهم قد تابوا إلى الله تعالى وتركوا العنف، إلا أنه تظل الفئة العظمى من شعب مصر على النهج القويم، نتيجة لتطوير الخطاب الدينى وبث الوعى وعدم ترك الجماهير نهبا لأفكار المتطرفين، ولقد حدث تراجع كبير لهذه الأفكار، وعلينا أن ندرك ضخامة المسئولية الملقاة على عاتق المؤسسات الدينية.    

     مشروعات إفتائية

وحول خطة دار الإفتاء لمواجهة الفكر التكفيرى فى عام 2018 أوضح الدكتور إبراهيم نجم أن دار الإفتاء أعدت استراتيجية متكاملة لتنفيذها خلال العام الجديد، شملت العديد من الأهداف المهمة التى ستسعى إلى تحقيقها على أكمل وجه على كل المستويات فى الداخل والخارج. تضمنت، أولا: إنشاء منصة إلكترونية، ستسهم فى العمل على تعزيز وجودها بين المسلمين حول العالم وتقديم الدعم المعرفى والسلوكى لهم، مع عقد مشاركات عبر الفضاء الإلكترونى لتنشر العلم والنور فى ربوع العالم والقضاء على الجهل والإرهاب والتطرف.

ثانيًا: إصدار مجلة إلكترونية باللغة الإنجليزية بعنوان «The Muslim Bond» وسيكون للمجلة دور إخبارى يربط المستخدم بالأحداث الإسلامية والعالمية التى تمس الجاليات والتجمعات المسلمة حول العالم، ويهدف لربط الأمة ببعضها وبالعالم أجمع، ثالثا: مشروع تقرير «حالة الفتوي»، حيث سيتم إصدار تقرير شهرى يشتمل على رصد حالة الفتوى وخاصة الفتاوى الشاذة، ثم تحليل مضمونها وخطابها. رابعا: مشروع جمهرة المفتين، وهو عبارة عن إصدار يضم جمهرة علمية متنوعة تجمع سير وتراجم أعلام الفتوى فى العالم الإسلامي، خامسا: برنامج التكوين العلمى للمتصدرين للفتوى عبر الفضاء الإلكتروني.

كما يشهد العام الجديد التوسع فى إطلاق قوافل إفتائية من علماء الدار وقادة الفكر ليجوبوا العالم لينشروا العلم الصحيح، وستبدأ القوافل بعدد من المناطق والبلدان المهمة مثل جنوب آسيا وأستراليا وأوروبا وأمريكا الجنوبية وإفريقيا، هذا بجانب القوافل الإفتائية الدورية داخل الجامعات المصرية لعلماء الدار لتوعية الشباب بالقضايا الفكرية والدينية.

قوافل دعوية

وعلى جانب آخر أعدت وزارة الأوقاف خطة دعوية فى 2018 على عدة محاور، تتمثل فى تطوير منظومة التدريب والتأهيل، من خلال مراكز التدريب والمعسكرات، واستضافة الأئمة المتميزين فى الدورات العلمية بمسجد النور بالعباسية، وتكثيف القوافل الدعوية.

وأوضح الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بالأوقاف، أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من الدورات العلمية للأئمة والواعظات بمسجد النور، وفى المعسكرات ومراكز التدريب على مستوى الجمهورية، من خلال الندوات والمحاضرات المتخصصة، التى تتناول فقه المواريث وفقه الواقع، وغيرها من القضايا التى تساعد على تأهيل الأئمة والدعاة.

كما فتحت الوزارة الباب للأزهريات للعمل واعظات متطوعات، وحاليا هناك 178 واعظة متطوعة، وخطة الوزارة فى 2018 تستهدف أن يكون لدينا 2000 واعظة فى المساجد الكبرى، وذلك لنشر الوسطية بين النساء، والتركيز على قضايا الأسرة والمرأة المسلمة، ولمواجهة تسلل عناصر الجماعات المتشددة، التى كانت تستغل «مصليات» النساء فى نشر الأفكار التى تخدم جماعات بعينها. كما تعقد الأوقاف المؤتمر السنوى للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية يوم 26 فبراير، وذلك بمشاركة نخبة من الوزراء والمفتين وعلماء الدين من مختلف الدول العربية والإسلامية، ويعقد المؤتمر تحت عنوان:« صناعة الإرهاب ومخاطره وحتمية المواجهة وآلياتها ».

وأضاف: إن الفترة القادمة سوف تشهد تفعيل المسجد الجامع، الذى تهدف الوزارة أن يكون مركزا للتنوير ونشر الثقافة الإسلامية، وعقد ندوات علمية كبرى بمشاركة نخبة من كبار العلماء والدعاة. كما تسعى الوزارة فى إطار جهود تجديد الخطاب الديني، لتطوير مناهج المراكز الثقافية، ووضع منظومة للدراسة يشرف عليها كبار علماء الأزهر فى مختلف التخصصات، وسيتم تدريس مقرر القدس مكانة وتاريخا وحاضرا فى جميع مراكز الثقافة الإسلامية بالأوقاف فى 2018.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق