رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

غاب صالح .. واستعرت حرب «البحث عن بدائل» باليمن

إبراهيم العشماوى
جثمان صالح بعد اغتياله

سنة من القتل والعنف والدم تلحق بسابقتها فى اليمن فى دورة لم تتوقف من المعاناة الإنسانية والتشرذم السياسى . يذهب عام ٢٠١٧، وهو يلملم مع أيامه وشهوره جثث آلاف القتلى والمصابين ينضمون إلى قائمة طويلة خلفت فى كل منزل مأتما وعويلا وجعلت السلام أمنية لا تزال فى الأفق البعيد .

لا يختلف حال اليمن فى بداية العام عن نهايته ، فالحرب مستعرة هذا هو الحال ، لكن مقتل الرئيس السابق على عبد الله صالح على يد الحوثيين فى ٤ ديسمبر بعد يوم من إعلانه فض التحالف معهم والتمثيل بجثته والتنكيل بقيادات حزبه كان بمنزلة الزلزال الذى سيفرض تبعاته على المشهد اليمنى لفترة ليست قصيرة . مضت المواجهات العسكرية سجالا وبنفس النمط فغارات التحالف تقصف أهدافا منتقاة أحيانا تخطئها إلى منازل ومنشآت مدنية بالنيران الصديقة ، واشتباكات متقطعة على جبهات تقليدية فى تعز ومأرب ونهم تقدمت فيها قوات الشرعية ببطء فى الوقت الذى يحكم الحوثيون قبضتهم على العاصمة .

وبينما اكتفى المبعوث الأممى إسماعيل ولد الشيخ بإصدار البيانات أمام مجلس الأمن ، لم يشهد عام ٢٠١٧ اختراقا أو حتى الحصول على وعود بالتهدئة المؤقتة .

ذهب صالح إلى مصيره المحتوم واهتزت جبال اليمن لغيابه المؤثر كلاعب تفرد بخيوط كل الألعاب وارتبك المشهد برمته ، وأعطى الرئيس الشرعى عبدربه منصور هادى أوامره بسرعة التحرك العسكرى لتحرير صنعاء ، وبالفعل يبدو أن الخريطة العسكرية وموازين القوى العسكرية بدأت تتغير تدريجيا لمصلحة قوات الشرعية بعد تحرير مدينة الخوخة الساحلية على البحر الأحمر والتوجه نحو الحديدة وطرد الحوثيين من مديرية بيحان بشبوة جنوبا ، مع تقدم لافت فى جبهة نهم وخولان وأرحب حول صنعاء حيث تستهدف خطة الجيش الوطنى سرعة استنزاف الحوثيين ووضعهم بين رحى كماشة مستفيدا من انضمام جنود وضباط من الحرس الجمهورى الموالى للرئيس الراحل إليهم وقطع طرق الإمدادات الواصلة إلى الحوثيين عبر التهريب من الساحل لتسهيل عملية تحرير صنعاء بأقل تكلفة بشرية ممكنة .

على المستوى السياسى لا تزال صدمة قيادات حزب المؤتمر الشعبى العام الذى أسسه صالح تلقى بظلالها على الحزب الذى يعانى انشطارا كبيرا فى الداخل والخارج ، ويبدو فى اختبار كبير لتأكيد أنه حزب سياسى عريق قادر على امتصاص الصدمة أو انقسامه بصورة أكبر نتيجة غياب كاريزما صالح والصراعات المنتظرة على رئاسته ، فى وقت يسعى الحوثيون إلى استنساخ نموذج مشوه للمؤتمر الشعبى من الوزراء المشاركين فى حكومة صنعاء وأعضاء البرلمان لإستمرار الغطاء السياسى الداعم لهم ، ولم يتضح بعد موقف نجل الرئيس السابق العميد أحمد على عبد الله صالح الموجود فى الإمارات، كما لم تتشكل رؤية واضحة من قبل الرئيس عبدربه منصور بشأن رئاسته الحزب أو ترك الرئاسة للفريق على محسن الأحمر نائب الرئيس والذى أعلن استئناف نشاطه الحزبى والعودة عن تجميد عضويته فى المؤتمر الشعبى . يجرى ذلك وسط زخم واتصالات ربما تجعل من القاهرة مكانا لإعادة رصف صفوف حزب المؤتمر للتعامل مع المرحلة الجديدة برفع الغطاء السياسى عن الحوثيين.

وتستبعد الصحفية اليمنية والباحثة فى مركز صنعاء للدراسات ميساء شجاع الدين القيام بانتفاضة شعبية ضد الحوثيين فمن غير المرجح أن يحتشد الناس فى ظل الإرهاق والجوع والقمع الحوثى الكثيف، وعلاوة على ذلك فإن الجماعة الحوثية، رغم شبابها وتماسكها، قد تعانى قريباً مفاسد السلطة المطلقة.

بينما تتوقع الدبلوماسية اليمنية جميلة على رجاء أنه فى ظل النشوة الحوثية الناجمة عن الانتصار على صالح، ستواصل الحركة العمل على بناء دولة بوليسية تقمع أى تعبير سياسى معارض ، وعلى الرغم من استعدادهم للعودة إلى مفاوضات ندية، كما ذكر رئيس المجلس السياسى الأعلى صالح الصماد، فإن قادة الجماعة العسكريين سيتكفلون بإفشال هذا المسار.

أما ماجد المذحجى المدير التنفيذى لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية فيتوقع انهيار شبكات المصالح التى كان يستخدمها صالح للحفاظ على سلطته، كتلك التى يجسدها حزب المؤتمر الشعبى العام والذى رجح أن يتفكك بعد صالح مستبعدا أن يتمكن أحمد على عبد الله صالح أو غيره تعويض وملء الفراغ .

يتزامن كل ذلك مع مساعى تقوم بها الرياض وأبو ظبى لتوحيد صف القوى السياسية ضد الحوثيين وهو ما ظهر من استقبال ولى عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان وولى عهد أبو ظبى الأمير محمد بن زايد مع قيادة التجمع اليمنى للإصلاح «الإخوان المسلمين» لإزالة الخلافات ورفع تحفظات الإمارات على الإخوان مقابل ضمانات لإسقاط المشروع الإيرانى فى اليمن ، فى نفس الوقت ينتظر أن تزداد وتيرة العمليات العسكرية.

ويبقى الهدف النهائى هو صنعاء التى يستميت الحوثيون فى التمسك بها لآخر نفس مع تحصينات طبيعية من الجبال المحيطة بهضبتها ، ومع وجود خبراء إيرانيين ولبنانيين يشرفون على الترتيبات الأمنية وسيطرة كاملة على موارد الدولة ، فضلا عن تحالفات لصيقة أبرمها الحوثيون مع بعض قبائل الطوق والحزام المحيط بالعاصمة صالح، وكلها تؤشر على فترة عصيبة من المواجهات. ويبقى إلى جانب أصوات المدافع والقتل، أصوات أخرى تنزف جوعا ومرضا ولاحل قريبا!.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق