يحكى أن قرية فى منطقة نائية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا ويعيش أهلها هانئة أساريرهم قريرة أعينهم، ثم عرف طريقها مجموعة من (الهليبة) يغيرون عليهم بين الحين والآخر، ويسلبون خيراتها ويقتلون ابناءها فانقلبت حياتهم إلى نكد وهم وغم فأجمعوا على أن يستعينوا بمجموعة من البلطجية والمرتزقة من قرية أخرى لكى يدفعوا عنهم غول هؤلاء، فجاءوا بهم إلى قريتهم فردوا عن القرية بطش المعتدين.. إلا أنهم استمرأوا البقاء بحجة الخوف من تكرار ما حدث، ولكى يثبتوا اقدامهم عَمِدوا إلى إيقاع العداوة والبغضاء والفتن والضغائن بين أهل القرية أنفسهم، وكلما هدأت حربُ أوقدوا حروباً أخرى فاستنزفوا خيرات القرية وحولوا أهلها المسالمين إلى أعداء يتقاتلون فيما بينهم فمزقوهم شر ممزق، عندئذ بات لسان حال أهل القرية يردد (رب يوم بكيت منه فلما صرت فى غيره بكيت عليه).. ألا ترون معى أن هذه القصة قريبة الشبه لحالنا كعرب منذ أن وقعنا فى فخ الغزو العراقى وتوالت علينا الحروب والكوارث بعد أن استعنا بقوات أجنبية لحماية أوطاننا، فامتصوا من خيراتنا الكثير والكثير، وحولونا إلى أمم شتى بعد أن كنا نتشدق بأننا أمة واحدة لا يشق لها غبار، ولا يغلبها غالب، فصرنا لقمة سائغة تمضغها أفواه خبيثة فأصبحنا كالمستجير من الرمضاء بالنار، وأصبح من كنا نظنه حاميا لنا، ماردا التهم خيراتنا وانتهك حرمة أوطاننا مقابل حماية وهمية وشراكة خادعة ومؤازرة واهمة، ظانين أن للثعالب دينا.. أمام كل هذا هل سيأتى اليوم الذى نفيق فيه من غفلتنا ونجعل من أمرنا رشدا نشق به فى أوصالنا مجرى جديدا يخفف هذا التوتر ويحقن هذه الدماء وينشل وطننا من وحل التمزق والمصير المعتم المجهول، أم نظل هكذا معصوبى الأعين نهيم على وجوهنا صوب جرفٍ هارٍ ينهار بنا فنصبح أثرا بعد عين، وننمحى من خرائط الأرض كما اندثرت أمم قرأناها فى كتب التاريخ كانت يوما ما ملء السمع والبصر؟
عبدالحى الحلاوى ــ مدير عام بالمعاش ـ قوص
رابط دائم: