رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رجل على الورق

فكرت كثيرا قبل أن أبعث إليك برسالتى لأحذر الآخرين مما وقعت فيه, فلقد مررت بتجربة غير موفقة رأيت أن أكتبها من باب النصيحة حتى لا يتعرض أحد للخطأ نفسه الذى وجدتنى أسيره بحسن نية ثم ندمت على صنيعه، فأنا مهندس ميكانيكا نشأت فى بيت بسيط, وكافح والدى وذاق الأمرين من أجل تعليمنا, وكنت أنا وأشقائى نعمل أحيانا فى الصيف لتوفير ثمن أدوات الدراسة ومصاريفها، واستطعنا بعون الله أن نتخرج فى الكليات التى يطلقون عليها اسم كليات القمة, وتزوجت زواجا تقليديا من ابنة الجيران بعد أن رأيت أنها الأنسب لي، وجاءنى عقد عمل بإحدى دول الخليج فأخذت زوجتى معى ورزقنا الله بثلاثة أبناء بنتان وولد، ومضى كل شىء هادئا فى حياتنا وعدنا إلى مصر بعد أن جمعنا مبلغا من المال ساعدنا على شراء شقة فى مكان راق وسيارة آخر موديل, وكبر ابنى الوحيد فدللته أكثر مما ينبغى واشتركنا له فى ناد كبير, وأغدقت عليه المال, ولم أؤخر له طلبا فكنت أستجيب لكل طلباته.. وتصورت أننى بذلك أحسن صنعا.. وما فعلته معه كررته والدته بالأسلوب نفسه ولم ينل أى عقاب على أخطائه حتى ولو من باب اللوم مثل شقيقتيه. والحقيقة أنه لا يدخن ولا يكذب, ولم نلحظ عليه أى عارض لا أخلاقى ولكن للأسف الشديد لا يمكن الاعتماد عليه فى شيء، وكانت المحصلة أن شقيقتيه أصبحتا أرجل منه فهو كسول وناعم فى معاملته لمن حوله, ومشغول دائما بالسهر والحفلات، وتذكرت نصيحة صديقى القديم عندما لاحظ تدليلى لابنى بقوله إبنى ابنك، ولا تبنى له، واستمر شريط الذكريات ماثلا أمامى وأنا أستغرب لما فعلته, فعندما جاء مجموعه ضعيفا فى الثانوية العامة ولا يؤهله لدخول كلية الهندسة التى كان يرغب فى الالتحاق بها, قدمت له أوراقه فى جامعة خاصة باهظة الثمن, فى حين حصلت شقيقتاه على مجموع أكبر بكثير والتحقتا بكليتى قمة حكوميتين.. وبعد تخرجه لم يلتحق بأى عمل, فافتتحت له مكتبا هندسيا لكنه أهمله وتسبب فى خسائر مادية كبيرة لقد استوعبت بعد كل هذه السنوات ان ابنى «رجل على الورق فقط», حيث انه لا يتحمل أى مسئولية, ولا يمكن الاعتماد عليه.. وهنا قررت ان أعيد إليه الرجولة المفقودة فيه, لكنى بالطبع فشلت.. ومازلت أضرب أخماسا فى أسداس إذ كيف له وهو على هذه الحال ان يتزوج ويتحمل مسئولية حقيقية وكيف سيواجه المتاعب والمصاعب المعروفة فى الحياة والتى تحتاج إلى من يتمتع بالصبر والجلد.؟

إننى أكتب إليك بعد أن يئست من إصلاحه، وأرجو ان يتعلم كل الآباء الدرس المهم الموجود داخل كل أب لكنه يتجاهله إذا رزق بولد واحد.. وهذا هو الخطأ الذى لا علاج له.. فهل هناك أمل فى إنقاذ ابنى بعد كل ما جرى؟

< ولكاتب هذه الرسالة أقول:

فى العقل الباطن لكل أب وأم أن تدليل الأبناء خصوصا الولد الوحيد أو البنت الوحيدة خطأ كبير لكنهم لا يقرون أبدا هذا المبدأ ولا يعترفون به.. فتجد الدليل سيد الموقف والعنصر الغالب فى تعاملات كل الآباء والأمهات مع أبنائهم.. ودائما ما يحصدون الندم ولكن بعد فوات الأوان، ووصول الأولاد إلى مرحلة يصعب فيها تغييرهم..

وهذا ما حدث معك ـ ياسيدى ــ وكان الأفضل ان تستجيب لنصيحة صديقك القديم بأن تحكم السيطرة على نفسك وأنت تتعامل مع ولدك الوحيد، وليس معنى ذلك أننى أطالب الآباء بضرب ابنهم الوحيد أو التقتير عليه بشكل مبالغ فيه.. وإنما أرى أنهم لابد أن يتعاملوا بالأسلوب الوسطى بين الشدة فى مواقف معينة واللين فى مواقف أخرى فينشأ الابن قويا معتمدا على نفسه ويصبح قادرا على تصريف أمور حياته.

أما بالنسبة لحالتك وبعد ان وصل ابنك إلى هذه السن فإننى أرى أن تصادقه وأن تنفرد به مرات ومرات وتشرح له كل ظروفك وتقول له إنك تريد أن تراه رجلا مثل كل الرجال الذين يبنون حياتهم معتمدين على ذواتهم، وأنك إذا كنت قد هيأت له الأرضية التى سيسير عليها من مال ومكتب هندسى وسيارة وخلافه فإن البناء الذى سيقام عليها لن يضع قواعده ويقوم به سواه، فهو مطالب الآن بإثبات وجوده فى عمله والاستعداد لإقامة أسرة صغيرة تكبر فيما بعد بالأولاد والأحفاد، وهى مسئولية جسيمة فى انتظاره ويتطلع كل من حوله إلى معرفة ما سيفعله معها.. فإذا نجح فيها سوف يستمر صعوده فى الحياة واذا أخفق فسيكون هو الذى كتب نهايته بنفسه..جرب ياسيدى هذا الحوار معه, ولح عليه فيه، وأدعو الله أن يوفقك فى تغييره نحو الأفضل.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 2
    ^^HR
    2017/12/29 11:17
    0-
    0+

    الوسطية
    التعامل الطبيعى الوسط بين اللين والحنان وبين الشدة والحزم عن اللزوم أحدث اثرا ايجابيا مبهجا لدى البنات،،،،شدة المبالغة فى تدليل الولد على طول الخط احدثت اثرا سلبيا تضايق منه والديه متأخرا
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق
  • 1
    ^^HR
    2017/12/29 07:36
    0-
    0+

    فقسا ليزدجروا و من يك حازما**فليقس أحياناً على من يرحم
    هذا نتاج طبيعى للتدليل الزائد وعدم التعويد على تحمل المسئولية فضلا عن إعترافكم"لم ينل أى عقاب على أخطائه حتى ولو من باب اللوم مثل شقيقتيه" وهذا يؤكد على التمييز بين الولد والبنت وهذا لايصح من المتعلمين والمثقفين امثالكم فقد كان العكس هو المطلوب فالبنت هادئة رقيقة بطبيعتها خلافا للولد الذى يحتاج حسما وحسابا اكثر
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق