رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رحلة كفيف مصرى من جامعة «طنطا» إلى «كارولينا الشمالية»
عمارة: أسعى لتطوير المجلات بطريقة «برايل»

دينا عمارة
> عمارة مع سوزان كين عميد الكلية

بين الحين والآخر نكتشف كذب مقولة «العقل السليم فى الجسم السليم»، من خلال قراءة بسيطة فى حياة بعض العباقرة، فمن بينهم من لم يمتلك جسدا «معافي» تماما، والكثير منهم أيضا كانوا «مكفوفى البصر» مثل عميد الأدب العربى طه حسين, والموسيقار عمار الشريعى، اللذين أثبتا لنا جميعا هما. وآخرون أن الإعاقة ما هى إلا إعاقة الفكر والروح، وليست إعاقة الجسد.

«إبراهيم عمارة» نموذج لشاب مصرى، كان حلمه الوحيد تقديم خدمة مفيدة لفئة ذوى الإعاقة, ولأنه «كفيف» فقد اختار أن يكون مشروعه البحثى خاصا بتطوير المجلات المطبوعة بطريقة «برايل» لتخدم أصحاب هذه الإعاقة, طموحه كان السفر خارج مصر للدراسة, إلا أن «عمارة» الذى يعمل مدرسا مساعدا بقسم الإعلام فى كلية الآداب لم يكن يعلم أن طريقه من جامعة طنطا إلى جامعة «كارولينا الشمالية» مفروشا بعقبات كثيرة ستقابله.


.. ومع الدكتور ديباشيز إيكات المشرف على البحث

صفحة «صناع التحدى» تواصلت عبر «الماسنجر» مع «عمارة» المقيم حاليا بولاية «نورث كارولينا» وروى لنا تفاصيل رحلته التى بدأت من داخل مصر منذ حوالى 4 سنوات, وكيف أنه لم يكن مفتونا بالغرب أو لديه «عقدة الخواجة» على حد تعبيره, ولكنه لم ينكر تفوق تلك الدول علميا وتمتعها بالمناخ الجيد لإجراء البحث والدراسة والتطوير العلمى فى مجال ذوى الإعاقة.

فى بداية رحلته لم يكن «الباحث الكفيف» يتخيل أنه سيقابل هذا القدر الكبير من التحديات والصعوبات, التى تمثلت أولها فى إقناع المجتمع العلمى المصرى بقدرة شخص كفيف على السفر والدراسة بالخارج, وثانيها استيفاء شروط السفر وهى الحصول على شهادة اللغة الإنجليزية من المعهد البريطانى بالقاهرة, ولسوء الحظ لم يكن متاحا أمام «عمارة» كغيره من الباحثين التقدم للحصول على تلك الشهادة فى الوقت الذى اختاره، وإلزام المعهد البريطانى له بضرورة الانتظار لمدة ثلاثة أشهر, لكن الاستثناء الأول جاء من وزارة التعليم بتقديم الأوراق ضمن المتقدمين وإرجاء شهادة اللغة ريثما تعطيه تلك المراكز الضوء الأخضر لعبور الامتحان. ثم جاءت العقبة الثانية عندما قام بإجراء الكشف الطبى وأكد له الطبيب المسئول أنه غير لائق للسفر إلى الخارج بسبب ضعف الإبصار, غير أن حصوله على وثيقة رسمية من جامعة طنطا بموافقتها على سفره منحته استثناء آخر.

الحقيقة أن هذه الاستثناءات لم تكن كافية لتنير طريق الباحث المظلم, فهو يقول إن المؤسسات المنوط بها القيام بهذا الدور «متقاعسة» عن دورها فى إرشاد وتوجيه علماء مصر, لذلك قرر عمارة الاعتماد على نفسه وبدأ فى مراسلة الأساتذة والباحثين خارج مصر فى ثلاث دول هى أمريكا وكندا وبريطانيا للبحث عن شخص يقتنع بمشروعه البحثى, ولكن خيبة الأمل كانت تلاحقه فى كل خطوة نظرا لعدم وجود استجابة من الباحثين الذين صرفوا أنظارهم عن تصميم مواد إعلامية تناسب ذوى الإعاقة البصرية .

ويكمل عمارة (30 عاما) حديثه أنه بعد إرسال مئات الخطابات عبر البريد الإلكترونى، استجاب له أحد الأساتذة فى كلية الصحافة والإعلام بجامعة «كارولينا الشمالية» وهو الدكتور ديباشيز إيكات, وكان هذا استثناء من نوع أخر.

وعن واقع ذوى الإعاقة فى أمريكا يقول «عمارة» إنه فى البداية لم يلحظ اختلافا كبيرا بينها وبين مصر, فقد كانت توقعاته تنبئ بمعاملة بالغة التميز, ربما الحكومة الأمريكية بدأت تولى اهتماما منذ تمرير قانون الأشخاص ذوى الإعاقة فى الكونجرس فى نهاية التسعينيات, ولكن بالنظر عن قرب فهناك جهود مبذولة لرعاية ذوى الإعاقة تبدأ بالتهيئة وتوفير سبل الراحة للمعاقين, فمعظم المبانى والطرق ممهدة لهم, فضلا عن توفير حافلات خاصة لتوصيلهم لأماكن العمل والدراسة.

ويضيف: هذا إلى جانب المساعدات الصحية والاجتماعية التى يحصل عليها ذوو الإعاقة والتى تمول من أموال دافعى الضرائب, والنقطة الأهم هى تطوير الأجهزة والبرامج التى تعطى ذوى الإعاقة فرصة للعيش براحة واستقلالية وسهولة, حيث تتبارى الشركات والمصانع لإنتاج تلك التقنيات, ولكن رغم ذلك يقف عدد كبير من ذوى الإعاقة «مغلولى» الأيدى أمام تلك التقنيات إما بسبب تكلفتها العالية أو عدم قدرتهم على مواكبة تطورها المذهل.

أما على صعيد المجال العلمى فأكد عمارة أن الدراسة هناك أيسر وأفضل بسبب اختلاف أسلوب التدريس, فالحصول على المعلومة يعتمد بشكل رئيسى على الباحث, بينما يقتصر دور المعلم على التوجيه والإرشاد وإعطاء الأدوات للدراسة التى باتت متاحة ومهيأة لذوى الإعاقة فى ظل التقدم التقنى والتكنولوجى كالمواقع العلمية والكتب الإلكترونية المسجلة صوتيا للتيسير على المكفوفين.

ويوضح عمارة: أحاول جاهدا خلال فترة المنحة الدراسية التى أقضيها لمدة عام هنا أن أقوم بتطبيقات عملية على مشروعى البحثى الذى اسعى من خلاله إلى تطوير المجلات المطبوعة بطريقة «برايل»، حتى أساعد «أقرانى» فى قراءتها والاطلاع عليها بأسلوب سهل ومبسط وخال من التعقيدات التى واجهتنى بصفة شخصية طوال السنوات الماضية، وجعلتنى أخصص أخر 4 سنوات مضت لهذا المشروع.

وبالحديث عن الوضع فى مصر يرى «عمارة» أننا بحاجة إلى إعادة صياغة منظومة التعليم, فندرة الموارد ليست إلا «شماعة» نعلق عليها إخفاقنا فى التطوير, فهو يرى أن مصر تمتلك ثروة بشرية مهدرة وعقولا ذكية لابد من استغلالها, ولكنها «مكبلة» بقوانين وتشريعات جامدة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق