بكت مصر خلال الأيام الماضية، بكت قلبا لم ينبض بغير الحب والحنان، بكت ابتسامة توارت فى مواجهتها الأحزان، بكت تواضعا يستحى أمامه الكبرياء، بكت فنانة منحتها السماء سحر الموهبة التى تنفذ إلى أعماق النفس.
تاريخ فنى طويل حافل، تاريخ ملئ بالخير كله، والحب كله، أحبت كل الناس، وبادلها الناس حبا بحب، وأحبت وطنها فغنت من أجله أجمل أناشيده، وجعلت من الغناء الوطنى عشقا له مذاق مختلف، وأصبح الوطن فى غنائها هوالمحبوب الذى تعشقه بكل جوارحها وأحاسيسها.
لم تكن فى فنها مدفوعة من أحد، بل لم تكن تمثل أو تغنى إلا ما تؤمن به لهذا كان كل فيلم من أفلامها، وكل أغنية من أغنياتها، مؤثرا فى جمهورها، سواء استمع إليها أو شاهدها.
..............................................................
وكتب كثيرا عن حياة شادية الفنية وافلامها وأغانيها التى قدمتها للعشاق والمحبين والوطن، لكننا اثرنا هنا أن نكتب عن قصص حبها وزواجها من ثلاثة من نجوم الفن والمجتمع المصرى، فضلا عن الشائعات التى درات حول زواجها من الكاتب الصحفى الكبير مصطفى أمين، ونبدأ تلك القصص بأول قصة حب كللت بالزواج من الفنان عماد حمدى، حيث بدأت تفاصيل القصة المثيرة من خلال قطار الرحمة، كانت فكرة تسيير قطارالرحمة التى نبتت فى ذهن واحد من رجالات الثورة فى ديسمبر من عام1952،أى بعد قيام الثورة بستة أشهر، هذاالرجل هو قائد الجناح «وجيه أباظة»الذى كان يشغل عند قيام الثورة منصب مديرالشئون العامة للقوات المسلحة، وكانت فكرة قطار الرحمة تقوم على تسيير قطارات يحتشد فيها نجوم السينما والفن، وتجوب بهم أنحاء مصرمن أسوان جنوبا إلى الإسكندرية شمالا، بالإضافة إلى خط القنال وشرق وغرب الدلتا، والهدف هو جمع أكبر معونات عينية ومادية من جماهير مصر فى مختلف المديريات قبل أن تصبح محافظات، وتوجيه هذه المعونات إلى إخواننا اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا مشتتين هنا وهناك فى مصر وغيرها من البلدان العربية.
وجمع قطار الرحمة بين شادية وعماد، وتسللت خيوط حبهما بين عربات القطار، فى رحلة الصعيد قال عنها عماد حمدى فى حديث له فى هذا الوقت : « إنها نقية، صافية، فيها براءة ووداعة ذات قلب طيب ورقيق، دائمة الإبتسامة، تميل إلى الهدوء والمسالمة»، كانت هذه مشاعره نحوها، وفى بداية رحلة القطار كان على كل فنان أن يختار فنانة ليشكلا ثنائيا، فاختارها المخرج عزالدين ذوالفقار، واختارت زوجته الفنانة فاتن حمامة زميلها عماد حمدى، ومع ذلك كان عماد يقضى معظم وقته وأوقات الرحلة مع شادية التى قالت عنه أيضا فى حديث صحفى نشر فى مجلة «الكواكب»: «طوال الرحلة كان فى منتهى اللطف معى، وشعرت بالارتياح الشديد إليه، وهو يغدق على العطف والحنان ويسهل لى التنقل من القطار إلى المسرح وبالعكس، بل إنه من تلقاء نفسه اختار أن يكون هو مقدم الفقرات الغنائية التى أقدمها أنا فى كل الحفلات خلال الرحلة».
وبعد هذا المشوار الذى استغرق عشرة أيام عدت إلى القاهرة، وسافر هو إلى الإسكندرية لتكملة تصوير أحد أفلامه، وطوال فترة تصويره فيلمه كان يصلنى منه رسائل يحكى فيها عن عمله وما يضايقه وما يفرحه وبعض همومه الخاصة.
وأثناء ذلك تلقينا عرض المشاركة فى بطولة فيلم «أقوى من الحب» مع النجمة مديحة يسرى، وأثناء تصوير الفيلم فى مدينة الإسكندرية توطدت علاقتنا أكثر وتحولت إلى حب وتزوجنا».
وكان من المقرر أن تحتفل شادية بحفل زفافها فى القاهرة وترتدى فستان الزفاف الأبيض حلم أى فتاة، وتقوم بالرقص فى فرحها زميلاتها وصديقتها الفنانة تحية كاريوكا، لكن لظروف عماد حمدى الخاصة، تم الزواج بدون حفل ولا فستان ولا رقص، حيث كان عماد يكبر شادية بحوالى 25 عاما ومتزوجا من المنولوجيست «فتحية شريف»، التى أنجب منها المصور الصحفى نادر حمدى.
ومرت أسابيع شهر العسل بسعادة، لكن هذه السعادة لم تدم طويلا ففى عام 1955 بدأت أولى خطوات الطلاق كانا يقضيان فترة استجمام فى الإسكندرية، وتلقى عماد مكالمة تليفونية من محاميه يطلبه العودة إلى القاهرة لحضور القضية التى رفعتها عليه زوجته فتحية شريف، ومنذ تلك اللحظة توتر الجو بين شادية وعماد، خاصة مع غيرته الشديدة عليها، وبدأت المشاكل تدق باب منزلهما، وتناقلت الصحف والمجلات الفنية قصة الخلاف بينهما، ويومها قالت له شادية: « إن الطلاق أقصر الطرق لراحة البال»، فاتفقا أن يمنحا نفسيهما فترة من الزمن يفكران فيها إما الاستمرار أو الانفصال، فتم الطلاق بين الزوجين النجمين.
شادية فى « بيت الطاعة»
بعد طلاقها من الفنان عماد حمدى، ارتبطت شادية بقصة حب مع الموسيقار فريد الأطرش، لكن نجم الأغنية كان يخشى من الزواج، حتى لا يفقد جمهوره، فتزوجت من المهندس المعمارى عبدالعزيز محمد فتحى، أو عزيز فتحى كما اشتهر والذى تخرج فى كلية الهندسة شعبة عمارة عام 1956 وهو ابن المستشار محمد فتحى أستاذ علم النفس الجنائى بجامعة القاهرة، ومدير معهد فؤاد الأول للموسيقى.
لم يكن عزيز بعيدا عن الوسط الفنى إذ كانت خالتاه هما «زوزو وميمى شكيب»، كان عزيز فى هذه الفترة زوجا لسيدة تدعى «ماجدة شديد»، تزوجها وهو طالب فى السنة الأولى من دراسته الجامعية، واستمر زواجهما ست سنوات، أنجب خلالها ثلاثة أبناء.
وتزوج عزيز شادية فى شهر سبتمبر عام 1957، وقد ارتبط هذا الزواج بالعديد من الشائعات.
وفى عام 1958 زادت حدة الشائعات إلى أن وصلت إلى الطلاق، لكن الطلاق هذه المرة لم يكن سهلا إذ وصل إلى ساحة القضاء.
إجهاض يؤدى إلى ملحمة سينمائية
بعد طلاق شادية من عزيز فتحى ظلت ثمانية أعوام بدون زواج، انتشرت فى هذه السنوات شائعة ارتباطها بالكاتب الصحفى الكبير مصطفى أمين التى نفاها الطرفان .
وفى عام 1964 تقابلت شادية مع الفنان صلاح ذوالفقار أثناء تمثيلهما لفيلم « أيام معدودة» وجذبتها خفة ظل صلاح وروحه المرحة، وحبه للفن، فتوطدت علاقتهما وبعد شهور بسيطة أعلنا زواجهما، ومرت أيامهما فى سعادة وفن وغناء وتمثيل وإنتاج، خاصة أن فى بداية الزواج حملت شادية فكانت سعيدة بهذا الحمل، واعتذرت عن كل الأعمال السينمائية التى كانت تعرض عليها للتفرغ للحمل، لكن الله لم يرد تحقيق حلمها بالأمومة، فأحب صلاح أن يعوضها عن عدم الإنجاب، فأنتج لها فيلمها الشهير « شئ من الخوف» بطولتها مع محمود مرسى، ويحيى شاهين، وإخراج حسين كمال، وبعد سنوات من الزواج بدأت الخلافات تدب بينهما حتى أن النجم صلاح ذوالفقار كان يترك لها منزل الزوجية فى شارع مراد بالجيزة، ويذهب ينام عند شقيقه المخرج محمود ذوالفقار وزوجته مريم فخر الدين اللذين كانا يسكنان فى نفس العمارة.
ويوم 23 أغسطس تم الطلاق بين صلاح ذوالفقار والنجمة شادية بعد تقديمهما لمجموعة من الأفلام الكوميدية الطريفة التى ما زالت باقية ونستمتع بها فى كل مرة تعرض فيها من هذه الأفلام « مراتى مدير عام، كرامة زوجتى، لمسة حنان» فضلا عن « شئ من الخوف».
وبعد طلاقها من الفنان صلاح ذوالفقار تفرغت لحياتها الفنية والإجتماعية، وكانت آخر أغنياتها الوطنية أغنيتى « وحياة رب المداين»، و « أدخلوها سالمين»، أعقبتهما بأغنيتها الدينية « خد بإيدى» التى كانت مسك ختام دلوعة الفن المصرى والعربى، بعدها اعتزلت الفن، وارتدت الحجاب، واكتفت بأعمالها الخيرية.
رابط دائم: