رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الدكتور عبد المنعم سعيد عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب لـ «الأهرام»:
حادث «الروضة» أشعل غضب أبناء سيناء ضد «داعش».. والتنظيم حاول التأكيد أنه زعيم الإرهاب

حوار ــ أيمن السيسى

«الإخوان» أصلت فكرة أن «المجتمع كافر» لدى الجماعات المتطرفة

أطالب بتفعيل دور «مركز الأهرام» فى دراسة القوالب الإرهابية

 

قال الدكتور عبدالمنعم سعيد، المفكر السياسي، وعضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف، إن العملية الإرهابية فى مسجد الروضة تحمل فى طياتها رسائل كثيرة للدولة المصرية وللشعب المصرى فى آن واحد، وإن ثمة رسالة من تلك الرسائل تبدو شديدة الأهمية، ولم يتوقف عندها كثيرون بشكل يتناسب مع أهميتها وخطورتها، وهى أن تلك العملية ربما تشير إلى أن هناك تنافسا بين داعش والجماعات الإرهابية الأخرى -خاصة القاعدة- لإثبات الوجود، إذ تسعى بتلك العملية إلى تأكيد تفوقها فى الفعل الإرهابى داخل شمال سيناء، وأنها تمتلك مهارات خاصة تفوق ما لدى الجماعات الإرهابية الأخرى فى القتل والإرهاب وإيذاء الدولة والمجتمع.

ولام الدكتور عبد المنعم سعيد فى حواره مع «الأهرام» مؤسسات الدولة جميعها، لتقاعسها عن القيام بدورها فى مساندة الدولة ضد الإرهاب بشكل حقيقي.

 

فى بداية الحوار سألته عن الرسائل التى حملتها عملية قتل المصلين فى مسجد قرية الروضة؟، فقال:

الرسائل متعددة، أولها للدولة لتأكيد حضور ما يسمى «ولاية سيناء» قويا كما لو أنها موجودة بالفعل، وأن مصر تبدأ من غرب قناة السويس فى محاولة لفصل سيناء عن الدولة. وأنهم ـ أيضا ـ قادرون على إيقاع إيذاء كبير بالمواطنين فتخلق شكوكا حول قدرة الدولة على حمايتهم، وهى رسالتها للمجتمع، فضلا عن إشاعة حالة من الفزع فيفرون كما حدث فى الموصل بالعراق عندما فر السكان والجنود وتركوا لهم أسلحة كثيرة وضخمة ومتعددة، وكما حدث فى الرقة بسوريا، وهكذا يسعى التنظيم لإخضاع السكان، وهناك رسالة ثالثة مهمة لباقى الحركات الإرهابية مفادها أن منطقة سيناء منطقة داعشية ولا يجب أو لا يمكن للتنظيمات الأخرى أن تقترب منها، خصوصا القاعدة بعد عملية الواحات التى أزعجت داعش.

وبقتل المصلين فى مسجد الروضة يؤكد تنظيم داعش أنه زعيم الإرهاب فى مصر وصاحب العمليات الكبيرة ذات التأثير الإعلامي، وبالتالى فإن التنظيم هو الأقدر على استيعاب الإرهابيين تحت الصناعة من الشباب الجدد المتعاطف مع الإرهاب والقابل للانضمام.

هل سيتقبل السكان المحليون هذه الرسالة؟

أعتقد أن رد الفعل سيكون عكسيا، وسيحجم السكان عن توفير الملاذات الآمنة لهم والتموين، وهو ما تؤكده تصريحات شيوخ وشباب قبائل الترابين والبياضية والسواركة، والتى أرى منها أن من كان يقف على الحياد أو يقدم المساعدة سيمتنع، فالعملية حسمت الأمر ، خصوصا من حيث الطبيعة الدينية للإرهابيين باعتبارهم يتحدثون عن الدين وإقامة الشرع، ثم قتلوا مسلمين فى يوم جمعة وأثناء الصلاة فى المسجد وهذا كفر بواح، مما أشعل الغضب الشديد.

وهل ترى بالفعل أن «داعش» هو القاتل، حيث شكك البعض فى أن بيان المسئولية بلغة غير لغة التنظيم، خصوصا التعرض للصوفية؟

بالعكس هذا يؤكد أن «داعش» هو القاتل، فقبل هذه المقتلة نشروا فى مجلة «دابق» الخاصة بهم وفى موقعهم حملات ضد الصوفية والمساجد التى يوجد بها أضرحة ومن يرتادها ويتبرك بها ويتضرع لصاحب الضريح، مما يعتبره كفرا ووثنية وأنهم سيجددون حملتهم ضد الصوفية.

ألا يمكن فهم هذه العملية على أنها إفلاس لداعش ولم يعد لهم عدو واضح؟

لا، لأن لديهم أعداء كثرا، ومنهم العدو القريب، وهو نحن والشرطة والجيش، وبمعنى أوضح المجتمع كله بفئاته من مسيحيين وصوفيين وغيرهم، والمسلمون بصفة عامة، لعدم وجود قاعدة العذر بالجهل فى فكرهم، حيث ترسخت فكرة «تكفير المجتمع» عند الإخوان منذ سيد قطب، الذى رأى أن الجهل ليس عذرا، لأن الشرع موجود والمعرفة الدينية موجودة ومتاحة، وبالتالى من لا يطبق الشرع فهو كافر ويستحق القتل.

ولكن هناك من يرى أن الحازميين -الفرقة الداعشية التى تكفر الجميع على قاعدة عدم العذر بالجهل- هم الفاعلون؟

فى تصورى أن الفكر الخوارجى له قاعدة كبيرة تمثلت فى الإخوان المسلمين، وتخرج جماعات أكثر عنفا من 80 سنة ولها فروع فى 81 بلدا وتمتلك أموال بنوك ومشروعات استثمارية متعددة وأجهزة دعائية متقدمة ومحطات تليفزيونية مثل «الشرق» و»مكملين» و»العربي»، ولديهم هيئات مركزية لرسم الاستراتيجية والتكتيك، وهم القاعدة الكبيرة والحضانة التى خرج منها أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى وابن الشيبة وخالد شيخ محمد، ومن هندسوا عمليات كبيرة فى العالم، وهؤلاء كانوا من أبناء جماعة الإخوان فى مراحلها الأولي، وخرجت من الإخوان جماعات أخرى مثل الجهاد والجماعة الإسلامية والتكفير والهجرة، وأيضا من خرج من الجماعات الأخرى حتى الصغيرة مثل الناجون من النار وغيرها، وآخر المراحل الكبيرة لهم هما القاعدة وداعش، وفى تقديرى أن هذا جزء طبيعى من الحركة الخوارجية كلها، فكل فترة تنبثق جماعة أكثر تطرفا من الجماعة السابقة، وبالتالى لا أستبعد أن يكون العمل للحازمية أو غيرها، لأن أى فكر ذى طبيعة متطرفة يولد دائما داخله من هو أكثر تطرفا، حتى الجماعات النازية والفاشية والجماعات الشيوعية أيضا مثل الجيش الأحمر اليابانى والفهود السود الأمريكية والألوية الحمراء الإيطالية كانوا أكثر عنفا من الماركسيين الأوائل، لأن كل من يريد أن يتميز يقوم بعمل شيء أكثر تطرفا.

وأين الدولة وماذا يمكنها أن تفعل؟

الدولة تحارب الإرهاب وتعمل على التنمية، والتى هى جزء من الحرب على الإرهاب، وفى سيناء خصصت جزءا كبيرا من الموازنة لها، منها 4 أنفاق أسفل قناة السويس تم الانتهاء منها، وترعة السلام التى ستحمل المياه إلى سيناء وتطوير شرق التفريعة، وهذا ليس كلاما فالعمل يجرى فيها لكن نتائج هذه الإنجازات تحتاج إلى وقت حتى تظهر بوضوح، ولن يكون وقتا طويلا 4 أو 5 سنوات فقط ستتغير فيها سيناء، وهو جهد تقوم به الدولة، إنما هناك جهود أخرى نحتاجها، لو راقبنا داعش جيدا كنا سنجد الخطاب المضاد للأضرحة والمساجد التى بها أضرحة، وهذه تعطى مؤشرات على القادم فنستعد له، وبالتالى لا تحدث مفاجأة كما حدث.


ولكن مصر مليئة بالمساجد التى بها أضرحة وبها أعداد هائلة من الصوفيين، ولهم تجمعات كبرى مثل موالد السيدة زينب والحسين والبدوى وأبو الحسن وغيرها. فهل ننتظر مفاجأة أخرى فى أحدها؟

الإرهابيون لا يعملون بخطط مراحل حول نوعية معينة. هم لديهم خطط عمليات لأهداف مختلفة، فكل المجتمع أعداء لهم وضمن أهدافهم حسب سهولتها، ويستطلعون ويرصدون المكان، ثم تأتى عملية التنفيذ، وعلى الناس التنبه لأى تحرك مريب أو غريب، خصوصا أن الإرهابيين لهم سمات تكشفهم، مثل سلوكيات أو ملابس أو مفردات لغة، لكنهم يعتمدون على عدم اهتمام الناس وعدم دقة المراقبة.

ولابد من دراسة القوالب الإرهابية حتى يمكن التعرف عليهم بسهولة كما حدث فى الثمانينيات عندما تفشت موجة مخدرات، لكن ما تم نشره عنها وتقديمه فى التليفزيونات والصحف والسينما ساهم فى توضيح سمات المدمن للمجتمع وانحسار الظاهرة والآن نحن بحاجة لشيء شبيه بذلك بالنسبة للإرهابي.

ونحتاج إلى مركز لمكافحة الإرهاب كما فعل مركز الأهرام الاستراتيجى عندما لعب دورا مهما فى التسعينيات بما لديه من إمكانات وباحثين اشتغلوا على دراسة الجماعات الإرهابية من زوايا مختلفة مثل نبيل عبد الفتاح وضياء رشوان وغيرهما. وقدمنا إصدارات مهمة مثل تقرير الحالة الدينية فى مصر ودليل الحركات الإسلامية، ولكن للأسف الشديد رغم وجود هؤلاء وغيرهم من الباحثين الجيدين وتنامى ظاهرة الإرهاب فى السنوات الأربع الأخيرة، إلا أنه تراجع عن التركيز على دراسة الموضوع وتحويله إلى ملامح محددة، ولو حدث ذلك لاستفاد منه الأمن فى حربه على الإرهاب، وهناك جهود لكن أظن أنها غير كافية.

غير كافية أم متفرقة؟، وكيف تتم؟

لابد من وجود مركز متخصص يجمع كل المعلومات ويدرسها ويحللها، فكل دول العالم التى تخوض حروبا ضد الإرهاب أنشأت مراكز تابعة للدولة يوجد بها باحثون ودارسون تقدم لهم مواد عن الإرهاب وأعماله ودراسة حالات الإرهابيين فى السجون، ودراسة البيئات الاجتماعية التى أخرجتهم ونوعية الدراسات التى تلقوها والنقاشات فى أثناء التحقيقات معهم، وبتحليلها يتم الخروج بنتائج عملية تساعد الجهات الأمنية فى المعرفة والتنبؤ والتوقع لنوعيات الضربات ومن أى فصيل وأيها أكثر خطورة إلى آخره.

وأى المراكز أو الجهات تصلح للقيام بهذا العمل؟

مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام، وهو ما أطالب بتفعيله، فإذا تم تفعيله سيلعب دورا مهما فى مواجهة الإرهاب كما قام سابقا، وليس فى مصر الآن أقدر منه للعب هذا الدور وتقدير الموقف. نحن فى أشد الحاجة لتضافر الجهود، ونحتاج المراكز أو الجهات القومية لمواجهة الإرهاب، ومنها مثلا المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وهو مركز مهم لعب دوراً مهما فى ذلك بداية الثمانينيات بعد مقتل السادات.

غالبا ما يكون الرد هو ضعف الإمكانات ومثل هذه الدراسات تحتاج تمويلا جيدا، فما الحل؟

أرى أن الدولة لابد أن تتدخل، لأن البحث هو وظيفة الدولة ودورها، ونتائجه ستدعم العمليات الأمنية وحتى نوفر تكلفة، فالحرب ضد الإرهاب مكلفة، والإرهاب يؤثر على التنمية والاستثمار وقدرة الدولة على الاستفادة من مواردها لمواجهة الإرهاب والتخريب والحملات العدائية، فلدى الإخوان مثلا قنوات فضائية تعمل على مدى الساعة تبث الشائعات وتحبط المصريين وتشككهم فى المشروعات القومية وتشكك فى جدواها، والإعلام المصرى للأسف لا يؤدى واجبه تجاه الدولة بشكل جيد، هو فقط قائم على التعبئة والبكاء وليس التحليل والبحث، وأيضا الجانب الاتصالى من قبل الدولة يجب أن تتم إعادة النظر فيه، بحيث تكون هناك قنوات وسماح لتوصيل المعلومات للصحفيين.

تحركات الجماعات الإرهابية من الصحراء الكبرى باتجاه مصر مثل نصرة الإسلام والمسلمين وكتائب تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى مثل كتيبة «المرابطون» وعملها مع مصريين مثل هشام عشماوى وغيره. فى رأيك ماذا سيكون تأثيرها؟

ثبت أن الإرهاب يستفيد من الفراغ فى الدول، مثلما حدث سابقا فى لبنان وأفغانستان والبوسنة والهرسك والشيشان وسوريا والعراق، وبالتالى فإن تعاون الإرهابيين على مختلف انتماءاتهم ووجودهم فى ليبيا استفادة من الوضع القائم، ليتنافسوا على مصر وهى الدولة الكبري.

وما الحل من وجهة نظرك؟

أن نمضى فى التنمية كأن الإرهاب غير موجود، وأن نحارب الإرهاب كما لو أننا لا نقوم بتنمية.. وهذا يتطلب المضى فى خطين متوازيين بسيناء، وأن تعمل كل أجهزة الدولة والمراكز الثقافية والشباب والإعلام والجمعيات الأهلية لمواجهة الإرهاب، وهو دورهم لأنهم فى الحقيقة لا يقومون بواجبهم لمواجهته، ولو فعلوا لما كان الحال كما هو الآن، ولقلت العمليات الإرهابية بشكل كبير، وضعفت قدرة الجماعات على تنفيذ مثل هذه العمليات الموجعة، وفى رأيى أن الإرهابى غير قابل للإصلاح حتى ولو فى السجون، لأن تجربة المراجعات أثبتت أن نصفهم على الأقل عادوا بعد 25 يناير 2011 مرة أخرى للإرهاب، صحيح أن بعضهم اعتدل، لأن المراجعات لا تتم إلا بعد أن ينهزم الإرهابي.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    ابو العز
    2017/11/29 08:01
    0-
    3+

    لو اتيحت لي فرصة السؤال لسألت الدكتور ..
    هم بس ليه داعش واخواتها واخوتها , لا يهاجمون الدولة العبرية وهم على مسافة رمية حجر من حدودها ؟! .
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق