رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«رحلة يوسف» : مواجع المرض والموت والفقد!

محمود إبراهيم الشرقاوى
«لم تكن وحدك يا ولدى من أصابه مكروه ولم يسلم. كنت أحسن حالًا لأنك رحلت. هناك من يقف على ناصية الدنيا لا يجد الدواء الذى يحييه، ولم ينته أجله بعد كى يرحل. يعيش هكذا معلقًا بين الحياة والموت».

هذه واحدة من رسائل الأب «سامح فايز» التى بعث بها إلى صغيره «يوسف» الذى قتله المرض والإهمال فرحل عن الدنيا بعد 54 يومًا من مجيئه إليها. وسجلها فى كتابه «رحلة يوسف» الصادر عن «دار الكرمة» بالقاهرة.

والكتاب رصد لمعاناة للرضيع «يوسف» المولود فى 17 أبريل 2014، والمتوفى 10 يونيو 2014، وما بين هذين اليومين قضاه فى الحضانات وغرف العمليات فيما الأب يلهث بين أروقة وأقسام المستشفيات، ودوامات الأطباء متعارضى الآراء، ومغامرات قاسية للعثور على أدوية غير متوافرة إلا فى السوق السوداء.

مياه ظاهرة على المخ، وبكتيريا فى رأس طفل فى يومه الثامن والعشرين فى الدنيا، والأب المكلوم فى صغيره يقابل ثلاثة أطباء، وفى كل مرة يحكى القصة نفسها ليسمع الرد نفسه، إن علاج الطفل دواء غير موجود فى مصر، ولا يمكن إيجاده إلا بمعجزة.

وكعادتها المعجزات لا تتحقق، وكعادته الإهمال والتقصير والفساد يأتون بالموت سريعًا لقبض روح الصغير، ويقرر الأب مغادرة منزله فى رحلة بحث عن شيء «يجهله»، فيقضى خمسة عشر يومًا متجولًا فى قرى ونجوع الصعيد، يزور مستشفيات ووحدات صحية وأطباء وصيدليات، ويقابل الناس ويسمع قصصهم مع المرض التى تكشف عن صراع غير عادل، وغير متكافىء، صراع الأضداد، صراع الموت والحياة فى بر مصر.

ثمة مفارقة موجعة وصادمة يحملها كتاب «رحلة يوسف»؛ فالأب «سامح فايز» الذى يذهب فى رحلة مؤلمة لرصد حكايات المرض فى بر مصر، لا يفوته رصد رحلة أخرى موجعة؛ والده الذى عانى المرض قبل رحيله عن الدنيا.

فى الجزء الثانى من الكتاب «رحلة إلى الجنوب» يرصد الكاتب تفاصيل رحلته فى قرى الصعيد بدءًا من الفيوم إلى أسوان، ويطلعنا على تفاصيل ذهابه مع والده إلى المستشفى التابع للهيئة التى يعمل فيها بحثًا عن دواء لجملة أمرا ض أصابته دفعة واحدة؛ ضغط دم، وتليف فى الكبد، وفيروس سي، والسكر.

يقول فايز:«جلسنا لأربع ساعات فى انتظار طبيب المستشفى الحكومي، بعد معاناة حضر، الممرض يقف على باب العيادة يصرخ فى الجميع، بعد ساعات طويلة من الانتظار، لم يجلس أبى سوى دقائق بالداخل، ليخرج محملاً بروشتة ملئت أدوية جديدة».

ويبدو أن الرحلة التى قطعها الأب المكلوم زادت وطأة الألم، ومرارة الفقد، الأمر الذى جعله يخاطب صغيره متسائلاً: «ولدى يوسف هل أخطأت حين قررت خوض هذه الرحلة؟ هل أخطأت حين نكأت جرح رحيلك، ذلك الجرح الذى لم يندمل على الرغم من مرور عام كامل على ذهابك؟ هل أخطات يا ولدى حين سألت لماذا يعيش الناس فى أوجاعهم من دون أن يشعر بهم أحد؟».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق