اختلف عليه كثيرون، ما بين صاحب فضل فى إنشاء واحد من أهم الممرات المائية فى العالم، وما بين صاحب أهواء استعمارية تحقق مصالح بلاده الخاصة.
هو فيردناند ديليسبس، الذى تحل ذكرى ميلاده هذه الأيام حيث ولد فى ١٩ نوفمبر ١٨٠٥. وتمكن فى سن صغيرة ، من تولى منصب القنصل الفرنسى المساعد بالإسكندرية، وبعد أن تولى سعيد باشا حكم مصر، استطاع ديليسبس بفضل قربه منه وقدرته على الإقناع؛ أن يحصل على عقد امتياز حفر قناة السويس وتوصيل البحرين الاحمر والابيض المتوسط، وهى الفكرة التى طالما راودته، وتحقق من قابلية تنفيذها هندسيا، ورأى حلمه النور بعد عشر سنوات من العمل الدءوب. حتى عام ١٩٥٦ كان تمثاله يطل على زائرى بورسعيد من مدخل القناة ، والذى أقيم له عرفانا وتقديرا، إلى أن وقع العدوان الثلاثي، فقام عدد من اهالى المدينة بإزاحة التمثال عن قاعدته، تعبيرا عن غضبهم ازاء العدوان الفرنسى على مصر، ومنذ ذلك الحين يستقر التمثال فى مخازن الترسانة البحرية، بينما بقيت القاعدة حتى يومنا هذا فى مكانها، وحتى الآن ينقسم أهالى بورسعيد حول إعادة التمثال لموضعه القديم. التردد بشأن التعامل مع تراث ديليسبس ، يتكرر فى مدينة الاسماعيلية، فلا يزال بيته الذى اتخذ منه مقرا لادارة أعمال حفر القناة، مجرد استراحة، لا يتم فتحها إلا أمام ضيوف هيئة قناة السويس. أغلقت الاستراحة أيضا منذ العدوان الثلاثي، وتكررت تصريحات المسئولين منذ عهد مبارك عن تحويل المنزل المكون من طابقين، ليكون متحفا لقناة السويس، ومنذ اربع سنوات أعلن د.صابر عرب حينما كان وزيرا للثقافة أنه سيتم تجهيز المنزل ليكون متحفا للقناة يضارع المتاحف العالمية، بينما صرح الفريق مهاب مميش أنه سيتم افتتاح المتحف مطلع٢٠١٥ ليكون مزارًا سياحيًا وتاريخيًا، ومؤخرا زار د.خالد العنانى ــ وزير الاثار ــ الاستراحة، وقال انه سيدرس افتتاحها أمام الجمهور قريبا، ليتمكنوا من مشاهدة محتوياته وأثاثه ولوحاته الفنية وبعض الوثائق الخاصة بالقناة.
فى الصور التى أهدانا اياها الفنان سمير الغزولى من أرشيفه، نرى تمثال ديليسبس يعتلى قاعدته قبل آن يسقطه اهالى بورسعيد الغاضبون بساعات ، بينما نشاهد استراحته الجميلة فى الحى الافرنجى بالاسماعيلية، والتى شهدت لحظات فارقة لا يمكن اجتزاؤها من تاريخ مصر بأى حال من الاحوال..
رابط دائم: